يُعد مرض السكري واحدًا من الأمراض المزمنة الأكثر شيوعًا على مستوى العالم، إذ يُقدر المصابون به بـ 34.2 مليون شخص تقريبًا من مختلف الفئات العمرية، وبالرغم من أنه مرض يمكن التحكم فيه، فإن ارتفاع نسبة السكر في الدم لفترة طويلة قد يؤدي إلى الإصابة بالضعف الجنسي لدى كل من الرجال والنساء، على عكس الاعتقاد الشائع بأنه يؤثر في الرجال فقط. الأمر لا يعني أن مريض السكري لن يستطيع التمتع بعلاقة حميمة طبيعية، فالالتزام بالعلاج والنظام الغذائي الصحي يساعد بشكل كبير في الحفاظ على مستوى السكر في الدم. لذا إذا كنتِ عزيزتي تودين معرفة المزيد عن مرض السكري والجماع، وإذا ما كان له تأثير سلبي في القدرة الإنجابية لديكِ أو لدى زوجك، فواصلي قراءة السطور التالية.
مرض السكري والجماع
يشعر كثير من الأشخاص بالقلق حول قدرتهم على ممارسة العلاقة الحميمة بمجرد تشخيص إصابتهم بمرض السكري، بسبب ما هو شائع عن مرض السكري والجماع وتأثيره في القدرة الجنسية، وبالرغم من أن هذا الأمر حقيقي بنسبة كبيرة، فإن الالتزام بالخطة العلاجية التي يصفها الطبيب، واتباع نمط حياة صحي، يساعدان بشكل كبير على ممارسة العلاقة الحميمة بشكل طبيعي تمامًا. أما إذا لم يتم التحكم في مستوى السكر في الدم، وظل مرتفعًا لفترة طويلة، فقد يؤثر السكري حينها في القدرة الجنسية لدى كل من الرجل والمرأة، كما سنوضح بالتفصيل فيما يلي:
تأثير مرض السكري في القدرة الجنسية لدى النساء
بالرغم من أن تأثير مرض السكري والجماع يكون عند الرجال أكبر منه مقارنة بالنساء، فإنه يصيب المرأة أيضًا بالضعف الجنسي، وقد يعيق استمتاعها بالعلاقة الحميمة، وفيما يلي أهم المشكلات التي قد تواجهكِ عزيزتي فيما يخص العلاقة الحميمة والسكري:
- جفاف المهبل: ويحدث جفاف المهبل نتيجة التغيرات الهرمونية المصاحبة للسكري، ما يؤدي إلى الشعور بعدم الراحة أو الألم في أثناء الجماع.
- انخفاض الاستجابة الجنسية أو انعدامها: يسبب السكري ضعف تدفق الدم إلى الأوعية الدموية، بما فيها الأوعية الموجودة في الأعضاء التناسلية، ما يؤدي بدوره إلى ضعف الشعور فيها، وعدم القدرة على الوصول للنشوة الجنسية.
- الشعور بالألم في أثناء الجماع: قد يتسبب السكري في عدم القدرة على إرخاء عضلات المهبل، بما يكفي للسماح بالجماع، الأمر الذي يؤدي للشعور بالألم في أثناء العلاقة الحميمة.
- فقدان الرغبة الجنسية: وتحدث بسبب التغيرات الهرمونية المصاحبة للسكري، بالإضافة إلى أن عدم قدرة المرأة على الوصول للنشوة الجنسية بشكل متكرر، وشعورها بالألم في أثناء الجماع، قد يكون له تأثير نفسي كبير في انعدام رغبتها الجنسية، ويقلل من اهتمامها بالعلاقة الحميمة.
- الالتهابات المهبلية المتكررة: يرتبط السكري بتكرر الإصابة بالتهابات المهبل، ما يسبب شعورًا بالحرقة في أثناء الجماع والتبول، وكذلك قد يسبب تلفًا في أعصاب المثانة، ما قد يؤدي إلى سلس بولي في أثناء ممارسة العلاقة الحميمة. تشير دراسات طبية أيضًا إلى أن النساء المصابات بداء السكري أكثر عرضة للإصابة بعدوى المسالك البولية بشكل متكرر، الأمر الذي قد يجعل العلاقة الحميمة مؤلمة وغير مريحة لهن.
تأثير مرض السكري في القدرة الجنسية لدى الرجال
يُعد ضعف الانتصاب من أكثر المشكلات التي تواجه الرجال المصابين بداء السكري، وتشير الإحصاءات إلى أن 50% تقريبًا من الرجال المصابين به قد يعانون من الضعف الجنسي في مرحلة ما من حياتهم، إذ يؤثر ارتفاع مستوى السكر بالدم في الأعصاب والأوعية الدموية، ما يقلل من تدفق الدم في الأعضاء التناسلية، الأمر الذي يؤدي بدوره إلى عدم قدرة الرجل على الانتصاب قبل العلاقة الحميمة أو خلالها، وإجمالًا يشمل تأثير مرض السكري والجماع ما يأتي:
- عدم القدرة على القذف: يسبب اعتلال الأعصاب المصاحب للسكري، وفقدان بعض الإحساس في العضو الذكري، ما قد يسبب صعوبة في القذف، والوصول للنشوة الجنسية.
- القذف الرجعي: القذف الرجعي مشكلة جنسية أخرى قد يعاني منها الرجال نتيجة لمضاعفات مرض السكري من النوع الثاني، وفيها يُقذف السائل المنوي في المثانة بدلاً من خروجه من القضيب، إذ تؤثر مستويات السكر المرتفعة في قدرة العضلات على إغلاق المثانة في أثناء القذف، ما يتسبب في القذف إلى الوراء.
ما ذكرناه لا يعني أن مرض السكري يعيق الاستماع بعلاقة حميمة طبيعية، ولكن ارتفاع مستوى السكر في الدم لفترات طويلة هو ما يؤثر في القدرة الجنسية، أما الحفاظ على مستوى السكر من خلال العلاج والنظام الغذائي المتوازن، قد يساعد على ممارسة الجماع بشكل طبيعي لدى المرأة والرجل.
هل مرض السكر يؤثر في الإنجاب؟
مثلما يؤثر مرض السكري في القدرة الجنسية لدى الرجال والنساء، فإنه قد يضعف القدرة الإنجابية لديهما أيضًا، وقد يسبب مشكلات تأخر الحمل والعقم، خاصةً عند عدم التحكم في مستوى السكر لفترة طويلة، ويؤثر مرض السكري والجماع في القدرة الإنجابية لدى الرجال نتيجة لـ:
- عدم القدرة على الانتصاب والقذف، ما يسبب عدم إتمام العملية الجنسية.
- القذف الرجعي، ما يعني عدم وصول الحيوان المنوي للبويضة، وبالتالي عدم حدوث التخصيب.
- انخفاض جودة الحيوانات المنوية، إذ تشير الأبحاث إلى أن مرض السكري يمكن أن يؤدي إلى انخفاض جودة الحيوانات المنوية، كذلك قد ترتبط السمنة المصاحبة للسكري بانخفاض عدد الحيوانات المنوية وتركيزها.
- قصور الغدد التناسلية (انخفاض مستويات هرمون التستوستيرون)، إذ تُظهر الدراسات أن واحدًا من كل أربعة رجال مصابين بداء السكري من النوع الثاني، لديهم مستويات منخفضة من هرمون التستوستيرون (قصور الغدد التناسلية). بذلك يمكن أن يؤدي انخفاض مستويات هرمون التستوستيرون إلى انخفاض معدلات الخصوبة، بسبب انخفاض عدد الحيوانات المنوية، وضعف الانتصاب وانخفاض الرغبة الجنسية.
تأثير السكر في القدرة الإنجابية لدى النساء
يرتبط مرض السكري والجماع بانخفاض معدلات الخصوبة لدى النساء أيضًا، بسبب الأعراض المصاحبة له وهي:
- السمنة.
- متلازمة تكيس المبايض، التي تحدث بنسبة كبيرة لدى النساء المصابات بالسكري.
- عدم انتظام الدورة الشهرية.
- انقطاع الطمث الثانوي (انقطاع الدورة الشهرية لفترة تصل لستة شهور متواصلة).
- انقطاع الطمث المبكر (فشل المبايض المبكر).
- سرطان بطانة الرحم.
بالرغم من ذلك، فإن التحكم في مستوى السكر، ومتابعة الحالة بانتظام، والحفاظ على وزن صحي، كلها أمور قد تساعد على الحمل بصورة طبيعية، أما في الحالات المتأخرة فقد يكون الحقن المجهري هو الحل في هذه الحالة.
علاج ضعف الانتصاب عند مريض السكر
بعد معرفة العلاقة بين مرض السكري والجماع، من المهم معرفة أن ضعف الانتصاب هو المشكلة الأساسية التي يواجهها مريض السكري، وتؤثر في قدرته على ممارسة العلاقة الحميمة أو الإنجاب، وهي مشكلة تتطلب زيارة طبيب أمراض ذكورة، الذي قد يصف بعض أدوية الضعف الجنسي، مثل: "السيلدينافيل" أو "التادالافيل" وغيرهما، وهي تساعد على تدفق الدم إلى الأعضاء التناسلية، وتحفز الانتصاب والحفاظ عليه، ولا يجب تناول هذه الأدوية دون استشارة الطبيب، خاصةً مع الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، وقد تساعد بعض العادات الصحية اليومية أيضًا على علاج ضعف الانتصاب وتعزيز القدرة الجنسية، ومنها:
- التوقف عن التدخين: يؤدي استخدام التبغ إلى تضييق الأوعية الدموية، ما قد يضعف الانتصاب، ويمكن أن يقلل التدخين أيضًا من مستويات "أكسيد النيتريك"، وهو مركب يعطي إشارة للجسم بتدفق الدم إلى القضيب، ما يسمح بالانتصاب.
- الحفاظ على وزن صحي: يمكن أن تتسبب زيادة الوزن في ضعف الانتصاب، لذا يُنصح بممارسة التمارين بصورة منتظمة، إذ تساعد على تقليل الإجهاد، ما يساعد على فقدان الوزن، وزيادة تدفق الدم في الجسم، وتنشيط الدورة الدموية.
- تناول الأطعمة التي تعزز القدرة الجنسية: بعض الأطعمة تمد الجسم بالفيتامينات والمعادن الضرورية لعملية الانتصاب، مثل الأطعمة الغنية بالزنك، وأهمها المأكولات البحرية، إذ يلعب الزنك دورًا مهمًّا في إنتاج هرمون التستوستيرون، كذلك الأطعمة الغنية بـ"الفلافونيدات" وهي مركبات فعالة معروفة بقدرتها على تنشيط الدورة الدموية، ومنها الشوكولاتة الداكنة.
شاهدي في هذا الفيديو: التغذية المناسبة لمريض السكري
أخيرًا، إن الإصابة بمرض السكري لا تعني بالضرورة عدم القدرة على ممارسة العلاقة الحميمة والإنجاب بشكل طبيعي، ولكن يحتاج الأمر إلى الالتزام بالعلاج، ومتابعة مستوى السكر في الدم، والحفاظ على وزن صحي، ومراقبة النظام الغذائي، أما المعتقدات السائدة حول مرض السكري والجماع، وأن مريض السكر لا يمكنه الاستمتاع بعلاقة حميمة طبيعية فهي خاطئة.
إذا أردتِ معرفة المزيد من المعلومات عن الأمراض الأخرى وطرق العلاج والوقاية منها، زوري قسم صحة على موقع "سوبرماما".