كثير من الناس لديهم مخاوف تتعلق بالصحة العقلية من وقت إلى آخر، خاصة في هذا العصر الذي اشتهر بالضغط النفسي الذي يعاني منه الجميع بسبب سرعة الحياة. وقد يختلط على الناس التفرقة بين المرض النفسي والمرض العصبي والمرض العقلي الذي يُطلق عليه أيضًا اضطرابات الصحة العقلية، لكن هل يتحول المرض النفسي إلى مرض عقلي؟ سنعرف الإجابة معًا في هذا المقال إضافة إلى الفرق بين المرض النفسي والمرض العقلي كما نتعرف إلى الأسباب التي قد تؤدي إلى المرض النفسي.
اقرئي أيضًا: مدخل إلى الطب النفسي
هل يتحول المرض النفسي إلى مرض عقلي؟
يختلف المرض العقلي كليًا عن المرض النفسي، ولكن في حال عدم السيطرة على المرض النفسي وعلاجه مثل مرض الاكتئاب والوسواس القهري، فمن الممكن أن يتحول إلى مرض عقلي، وقد أشار أطباء الصحة النفسية إلى أن هذا التحول يحدث في حالات قليلة جدًا، عندما يصل المريض إلى مرحلة متأخرة من المرض النفسي وقد تضرر عقله بدرجة كبيرة دون تلقي العلاج.
لذلك يمكن أن يكون للتشخيص الفوري والتدخل المبكر في المراحل الأولى من المرض النفسي عواقب كبيرة على الصحة العقلية للشخص وعلى حياته. لا يعد التدخل ضروريًا فقط لمنع تقدم المرض العقلي أو الحد من تطوره، ولكن كذلك لتحسين الصحة العقلية والبدنية للشخص، لذلك نحن في حاجة إلى مزيد من التوعية والفحص، والاهتمام بثقافة الأفراد بخصوص المرض النفسي، وتوضيح الفرق بينه وبين المرض العقلي كما سنعرف فيما يلي.
الفرق بين المرض النفسي والمرض العقلي
قد يعلم كثير من الناس أن هناك اختلافًا بين المرض العقلي والصحة النفسية، ولكن غالبًا ما يُساء فهمه، يطلق على الأمراض العقلية الاضطرابات الذهانية، وهي مجموعة من الأمراض الخطيرة التي تؤثر في العقل، فهي تجعل من الصعب على أي شخص أن يفكر بوضوح أو يصدر أحكامًا جيدة أو يستجيب عاطفيًا، أو يتواصل بفاعلية، أو يفهم الواقع، أو يتصرف بشكل مناسب نتيجة للتغيرات البيولوجية في الدماغ.
ومن أكثر أعراض الاضطرابات الذهانية أو المرض العقلي شيوعًا: الهلوسة، أي تجربة الصور أو الأصوات غير الحقيقية، مثل توهم سماع الأصوات، وهي معتقدات ثابتة للمريض العقلي ولكنها كاذبة، يقبلها المريض على أنها صحيحة. عندما تكون الأعراض شديدة، قد يعاني الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات ذهانية من صعوبة في البقاء على اتصال بالواقع، وغالبًا ما يكونون غير قادرين على التعامل مع الحياة اليومية.
أما الأمراض النفسية فتشمل مجموعة واسعة من المشكلات، مع أعراض مختلفة، وتتميز بشكل عام بمزيج من الأفكار والعواطف والسلوك غير العادي، وهنا يدرك المريض أنه يعاني من مشكلة ويسعى إلى العلاج، على عكس المريض العقلي، ومن أمثلة المرض النفسي الاكتئاب والقلق، لكن لِم قد يصاب المرء بالمرض النفسي؟
اقرئي أيضًا: 7 علامات تُخبركِ بضرورة الذهاب إلى طبيب نفسي
أسباب المرض النفسي
هناك عوامل مختلفة قد تؤثر في الصحة النفسية أهمها العوامل البيولوجية. تتواصل الخلايا العصبية داخل الدوائر الدماغية عبر مواد كيميائية تسمى الناقلات العصبية، ويسبب الخلل في هذه المواد الكيميائية مشكلات نفسية، وتشمل العوامل البيولوجية الأخرى التي قد تشارك في تطور المرض النفسي ما يلي:
- الوراثة: تحدث الأمراض النفسية أحيانًا في العائلات، مما يشير إلى أن الأشخاص الذين لديهم فرد من العائلة مصاب بمرض عقلي قد يكونون أكثر عرضة للإصابة هم أيضًا. تنتقل القابلية للتأثر في العائلات من خلال الجينات. يعتقد الخبراء أن عديدًا من الأمراض العقلية مرتبطة بالخلل في عدة جينات وليس واحدًا فقط، أو عدد قليل منها، وأن كيفية تفاعل هذه الجينات مع البيئة مختلفة لكل شخص (حتى التوائم المتطابقة). هذا هو السبب في أن الشخص يرث قابلية الإصابة بمرض عقلي ولا يصاب بالضرورة بالمرض. يحدث المرض النفسي نفسه بسبب تفاعل جينات متعددة وعوامل أخرى، مثل الإجهاد أو سوء المعاملة أو حدث صادم، يمكن أن يؤثر أو يسبب مرضًا لدى شخص لديه حساسية وراثية له.
- الالتهابات: رُبط بعض الإصابات بتلف الدماغ وتطور المرض النفسي أو تفاقم أعراضه. على سبيل المثال، رُبطت حالة تُعرف باسم الاضطراب العصبي النفسي لدى الأطفال (PANDA) المرتبط ببكتيريا المكورات العقدية بتطور اضطراب الوسواس القهري والأمراض النفسية الأخرى لدى الأطفال.
- عيوب الدماغ وإصاباته: رُبطت العيوب أو الإصابة في مناطق معينة من الدماغ ببعض الأمراض النفسية.
- تلف ما قبل الولادة: يشير بعض الأدلة إلى أن اضطراب نمو الدماغ الجنيني المبكر أو الصدمة التي تحدث في وقت الولادة مثل، فقدان الأكسجين الواصل إلى الدماغ، قد يكون عاملًا في تطور بعض الحالات، مثل التوحد.
- تعاطي المخدرات: ارتبط تعاطي المخدرات على المدى الطويل بالقلق والاكتئاب والبارانويا.
- عوامل أخرى: قد يلعب سوء التغذية والتعرض للسموم، مثل الرصاص، دورًا في تطور الأمراض النفسية.
أما العوامل النفسية التي قد تسهم في المرض النفسي، فمنها:
- الصدمة النفسية الشديدة، مثل الاعتداء العاطفي أو الجسدي أو الجنسي.
- خسارة مبكرة مهمة، مثل فقدان أحد الوالدين.
- التعرض للإهمال.
- ضعف القدرة على التواصل مع الآخرين.
اقرئي أيضًا: تأثير الصدمة النفسية في الدماغ
وأخيرًا فإن العوامل البيئية والضغوط التي قد تسهم في المرض النفسي تشمل:
- الموت أو الطلاق.
- حياة عائلية مختلة.
- مشاعر النقص أو عدم احترام الذات أو القلق أو الغضب أو الوحدة.
- تغيير الوظائف أو المدارس.
- التوقعات الاجتماعية أو الثقافية (على سبيل المثال، يمكن للمجتمع الذي يربط الجمال بالنحافة أن يكون عاملًا في تطور اضطرابات الأكل).
- تعاطي المخدرات من قبل الشخص أو والديه.
اقرئي أيضًا: لماذا يلجأ الشباب إلى الإدمان وكيفية التعامل معه
المرض النفسي ليس شيئًا نخجل منه والوعي بالصحة النفسية ومعرفة هل يتحول المرض النفسي إلى مرض عقلي ضروري، لنسرع من تلقي العلاج، مما سيشكل فارقًا في حياة المريض، وسيجنبه هدر وقت طويل بسبب معاناته الصامتة.
اقرئي مزيدًا من الموضوعات المتعلقة بالصحة على "سوبرماما".