"ابني شقي جدًّا" كثيرًا ما نسمع هذه الشكوى على لسان عديد من الأمهات، بسبب شعورهن بقلة الحيلة، وعدم قدرتهن على السيطرة على النشاط الزائد لأطفالهن، ومع ذلك فإن حركة الأطفال وتفاعلهم أمر صحي ومهم لنفسيتهم وتطورهم، وقد تكون هناك بعض المبالغات من قبل الأمهات، فيما يخص مدى نشاط أطفالهم، لكن هناك بعض الأطفال يكون نشاطهم زائدًا حقًًا عن الطبيعي، وقد تذهب ظنون الأمهات وقتها إلى أنهم ربما يعانون من أحد الاضطرابات السلوكية الشائعة، وهو "فرط الحركة والنشاط"، إلا أن هذا الاضطراب له علامات أخرى أكثر من مجرد النشاط الزائد. لذا حتى لا تقلقي على طفلك، تعرفي من خلال هذا المقال إلى أسباب النشاط الزائد عند الأطفال، وكيفية تفرقته عن فرط الحركة.
أسباب النشاط الزائد عند الأطفال
ركز عديد من الدراسات الخاصة بمشكلات السلوك والاضطرابات العصبية عند الأطفال على دراسة أسباب زيادة النشاط الزائد لديهم، وما إذا كان نشاطهم يتأثر بالعادات اليومية والنظام الغذائي أم لا، وقد أشارت نتائج هذه الدراسات إلى أن أهم أسباب نشاط الأطفال الزائد ما يلي:
- الألوان الصناعية: في دراسة علمية حديثة في المملكة المتحدة، وجد باحثوها أن هناك علاقة بين الألوان الصناعية المستخدمة في الأغذية والمشروبات المعلبة وزيادة نشاط الأطفال، لذا فإن تقليل ما يستهلكه الطفل من الأطعمة التي تحتوي على الألوان الصناعية، قد يساعد على تقليل فرط حركته.
- المواد الحافظة: تُوجد المواد الحافظة في كثير من المعلبات والحلويات والأطعمة الجاهزة، ورغم أن الدراسات الطبية لم تؤكد وجود علاقة مباشرة بين المواد الحافظة والنشاط الزائد، فقد لُوحظ أن تقليل كمية الأطعمة التي تحتوي عليها يؤدي إلى تقليل فرط الحركة.
- السكر: ربما لا يكون السكر سببًا مباشرًا لفرط الحركة، لكن بصفة عامة، فإن تناول الطفل كميات كبيرة من السكر يمده بكثير من السعرات الحرارية، فيشعر بطاقة زائدة تجعله يتحرك بشكل مستمر.
- الإرهاق الزائد: سواء كان ذلك بسبب قلة النوم أو عدم انتظامه، فالطفل المرهق قد يبدي سلوكًا عدوانيًّا ونوبات من الغضب تجاه الآخرين، وتظهر عليه علامات فرط الحركة.
- الإفراط في مشاهدة التليفزيون: يبدو أن التليفزيون متهم بمشكلات صحية عديدة، إذ يرتبط بزيادة معدلات العنف بين المراهقين، وانتشار السمنة بين الأطفال، وزيادة فرص الإصابة بالتوحد، وكذلك أشارت الدراسات البحثية إلى وجود علاقة بين النشاط الزائد ومشاهدة التليفزيون، التي تعيق انخراط الأطفال في أنشطة طبيعية لتفريغ طاقاتهم، كاللعب وممارسة الرياضة، لذلك ينصح المتخصصون بتقليل ساعات مشاهدته للأطفال مفرطي النشاط.
- خلل إفراز الغدة الدرقية: يعمل هرمون الغدة الدرقية على تنظيم عمليات التمثيل الغذائي في الجسم، وفي حال زيادة إفراز الهرمون عن الطبيعي، يزداد معدل الحرق، ما يسبب مستويات أعلى من الطاقة، وعادةً ما يصاحب هذه المشكلة نحافة الأطفال، وبصفة عامة فإن خلل الغدة الدرقية قد يكون خطيرًا على الأطفال، وفرط الحركة أحد أعراضه فقط.
- تسمم الرصاص: أُجري عديد من الدراسات العلمية لبحث تأثير الرصاص في المخ لفترة طويلة، ووُجد أن تسمم الرصاص نتيجة التعرض للتلوث، يسبب مشكلات خطيرة للأطفال، منها صعوبات التعلم، وانخفاض مستويات الذكاء، والسلوك العدواني، وفرط الحركة.
- الكافيين: للكافيين خواص منبهة ومنشطة، ومن المرجح أن استهلاك الأطفال كميات كبيرة نه، قد يؤدي إلى فرط نشاطهم، لذا إذا كان أبناؤك يستهلكون كميات من الكافيين الموجود في الكولا والقهوة، ربما يكون ذلك سببًا لفرط نشاطهم.
- حساسية الطعام: وجدت الدراسات الطبية أن بعض الأطعمة المسببة للحساسية تؤدي إلى فرط الحركة، كالبيض واللبن وفول الصويا، ولكن ليس كل الأطفال الذين يعانون من الحساسية أظهروا سلوك فرط الحركة، وإذا كانت حساسية الطعام وراء فرط الحركة، فعادةً ما يكون زيادة النشاط عرضًا مؤقتًا يزول بزوال الحساسية.
- الضغط العصبي: عندما يتعرض الأطفال لمواقف يواجهون فيها ضغطًا عصبيًّا كبيرًا ومفاجئًا، قد يبدون ميلًا أكبر للحركة والنشاط، وهو رد فعل شائع بين الأطفال لمقاومة الضغط، فهم لا يستطيعون التعامل معه، وكل ما يجول بخاطرهم التخلص منه، فإذا لاحظتِ ذلك على طفلكِ، فربما يكون الحل إبعاد مصادر الضغط عنه، كالمشكلات الأسرية مثلًا.
ما الفرق بين فرط الحركة والنشاط الزائد؟
يظل السؤال المقلق لكل أم: هل طفلي يعاني من فرط الحركة؟ خاصةً أن العلامة الأساسية له النشاط الزائد، ولكن حتى نجيب عن سؤالكِ ونطمئنكِ، فليس كل نشاط زائد يعني فرط حركة، لأن هذا الاضطراب عادةً ما يصاحبه أعراض أخرى مثل:
- التململ في أثناء الجلوس، فلا يستطيع الطفل البقاء ثابتًا لفترة طويلة، ويتحرك بصورة مستمرة.
- النقر باليدين أو القدمين بشكل مستمر، ومع نهيه فقد يتوقف للحظات، ثم يعود إلى ذلك مرة أخرى.
- الاستيقاظ كثيرًا في أثناء النوم.
- الركض الدائم حتى في أوقات وأماكن غير مناسبة.
- إيجاد مشكلة في اللعب بهدوء.
- التحدث كثيرًا بلا توقف وفي موضوعات غير مترابطة.
- الإجابة عن الأسئلة قبل اكتمالها.
- وجود مشكلة في انتظار دوره أو الوقوف في الطابور أو ما شابه ذلك.
- مقاطعة الحديث أو التطفل على الآخرين.
- السلوك العدواني أو العنيف مع المحيطين به.
- عدم القدرة على الالتزام بالتعليمات.
رغم ذلك، فإن ملاحظة بعض هذه السلوكيات لا يعني بالضرورة أن طفلك مصاب باضطراب فرط الحركة، ومن ناحية أخرى، إذا لاحظتِ بعضها وعلق عليها المحيطون بكِ، كالأقارب والمعلمين أو الجيران، فهذا شيء يجب الانتباه إليه، فغالبًا ما تظهر مشكللات اضطراب فرط الحركة في البيئات خارج المنزل، إذ يكون الطفل خارج دائرة الأمان الخاصة به، فيطلق لتصرفاته العنان، وبصفة عامة فإن النشاط الزائد عادةً لا يعيق الطفل عن ممارسة حياته بشكل طبيعي، أو إنجاز فروضه المدرسية ومهامه اليومية، بينما يفعل اضطراب فرط الحركة.
استعرضنا معكِ عزيزتي أسباب النشاط الزائد عند الأطفال، تجنبي المسببات التي ذكرناها في المقال، وإذا لم تلاحظي تغيرًا في سلوك طفلكِ، فاعرضيه على اختصاصي لتشخيص حالته بدقة، ووصف العلاج المناسب له، واحرصي على أن يمارس طفلك رياضة تتضمن حركة كثيرة، ككرة القدم فهي مفيدة للتخلص من الطاقة الزائدة بشكل عام.
تعرفي إلى مزيد من المعلومات عن احتياجات طفلك وطرق رعايته والتعامل معه، لتنشئته على أسس سليمة، بزيارة قسم رعاية الصغار في "سوبرماما".