المرة دي هحكيلكوا حكايتي مع اكتئاب ما بعد الولادة، وبحكيها النهارده لكل أم على وشك الولادة، أو كل أم في بداية الاكتئاب ونفسها تخرج منه، لعل وعسى أنفعكم بتجربة كانت صعبة شوية، لكن في النهاية خلصت وعدت بس للأسف عدى معاها أيام كتير من حياتي وحياة بنتي من غير ما أستمتع بيها!
اقرئي أيضًا: كيف لا يتحول ضيق ما بعد الولادة إلى اكتئاب؟
أول ما ولدت نادين مكنتش حاسة بحاجة، مكنتش حاسة إلا بوجع الجرح اللي استمر أسبوع، وقلت لنفسي أكيد هبدأ أحس ببنتي بعد ما الوجع يروح، بس برضه ده محصلش!
الوجع راح وعدى شهر وأنا عند ماما كل يوم بيعدي زي اللي قبله، زيارات وحاجات كتير بتخلي الأيام تعدي بسرعة، كان كل اللي بعمله معاها هو إني أرضعها وأنيمها وأنام وآكل، لغاية ما رجعت شقتي وبقيت لوحدي بعيد عن أهلي وأصحابي في محافظة تانية خالص!
كنت بحاول أول ما رجعت البيت أعيش حياتي معاها بشكل مختلف وكويس بس لقيت نفسي بتاخدني لمكان ضلمة مفيهوش حاجة حلوة، كل مرة كانت بتعيط فيها كنت بحس بوجع وخنقة وقرف، كل مرة كانت بستنزفني في الرضاعة كنت بحس إني مخنوقة ومش قادرة أحب نفسي ولا أحبها من قلبي، رغم إني في كل مرة كانت بتتعب فيها كنت بحس بقلبي بيتخلع من مكانه يعني أنا بحب بنتي بجد؟! أمال ليه مش حاسة إني عاوزة أكون معاها ومش عارفة أكون مبسوطة ولا أخليها مبسوطة؟!
مكنتش أعرف حاجة عن الاكتئاب اللي بييجي للستات بعد الولادة، بس كنت عارفة إني من قبل الولادة ومن أول الحمل وأنا في حالة نفسية مش كويسة لسبب بسيط (الفراغ) وأنا مش متعودة على الفراغ، فجأة بقيت من غير شغل وبعيد عن الأصحاب والأهل، فجأة بقت حياتي الشخصية فاضية فوصلت لحالة نفسية سيئة وكنت متخيلة لما أخلف الوضع هيتغير والبنت هتملى حياتي بس محصلش وبدل ما هي اللي تغيرلي حياتي للأحسن، اتغيرت حياتي للأسوأ..
وزني زاد وحياتي بقت مملة شبه بعضها كل يوم زي اللي قبله، حتى خناقاتي مع زوجي بقت أكثر من الأول على أتفه الأسباب، وبقيت بدور على السعادة كأني بدور على إبرة في كومة قش، كنت بسرق أي لحظة سعادة حتى لو كانت مزيفة علشان أضحك حتى لو مش من قلبي، وبدأت حالتي النفسي تأثر على صحتى ونوبات ال Panic attack زادت وبقت بتيجي على فترات قريبة.
اقرئي أيضا: اكتئاب ما بعد الولادة
فضلت سنة كاملة من بعد الولادة مش قادرة أتغلب على نفسي ولا قادرة أواجه حقيقة اللي أنا فيه، لغاية ما أخدت قرار التغيير ويمكن دي كانت المرة الوحيدة خلال المرات الكثيرة اللي فكرت اتغير فيها وكان فعلا قرار حقيقي.
بدأت أدور على شغل من تاني والمرة دي واجهت نفسي بمساعدة زوجي إني مش هقدر أشتغل بره البيت، فكنت بدور على شغل أقدر أعمله من البيت دوّرت كتير في المجالات اللي بعرفها ومفيش حاجة كملت للآخر لغاية ما صديقة نورت لي فكرة في دماغي إني أرجع أكتب من تاني ومتتصوروش من وقتها حالتي النفسية قد إيه اتحسنت..
الاكتئاب وحش وصعب وممكن يوصلنا لمشاعر تقضي علينا وعلى اللي حوالينا، وفكرة إننا نقدر ننقذ نفسنا منه مش حاجة سهلة بس مش مستحيلة، لو طلبتي مساعدة من اللي حواليكي، لأن طول ما احنا جوه نفسنا بنحارب لوحدنا صعب نتغلب عليها مع كل الضغوط اللي حوالينا، وخصوصًا لو كنتي أم لأول مرة، فنصيحتي ليكي اطلبي المساعدة لو حسيتي إنك داخلة على اكتئاب.
اقرئي أيضا: دليل سوبر ماما للتعامل مع اكتئاب ما بعد الولادة
أكثر حاجة ندمت عليها طول الفترة اللي استسلمت فيها هي الوقت اللي راح واللي فقدت فيه أوقات كثير ومشاعر حلوة كان ممكن أقضيها مع بنتي، بس يوم ما قررت أتغلب عليه قررت أنسى اللي فات لأن عمره ما هيرجع وأركز في كل لحظة جاية أعيشها بصدق وبمشاعر حقيقية مع بنتي وزوجي ونفسي.
عرفت قدراتي وعرفت إني عمري ما هقدر أعيش من غير شغل، فعرفت ساعتها إن علشان أقدر أسعد اللي حواليا لازم أكون سعيدة، وعلشان أكون سعيدة لازم أعمل الحاجات اللي بحبها وأنا بحب أكتب وبحب أعمل حاجات تانية بدور عليها دلوقتي وبحاول أعملها ومؤمنة إني هعملها في وقت قريب.
بدور على السعادة علشاني وعلشان بنتي اللي حقها عليا تشوفني سعيدة علشان أقدر أخليها سعيدة مهما كان الوقت اللي هقضيه معاها المهم هي هتحس بإيه بعد الوقت ده..
متضيعوش وقتكم لأن الأيام بتعدي وكل يوم هيعدي من عمركم وعمر أولادكم اللي عدى مش هيرجع، وفجأة هتلاقي ابنك/بنتك كبر وتبصي لورا تندمي على مشاعر حلوة معشتيهاش في سنه الصغير وللأسف مش هتعرفي ترجعيها، بس برضه مهما كان الوقت عدى فأنتي لسه فيكي نفس تقدري تعوضي نفسك وأولادك عن كل اللي فات وصدقوني السعادة تستاهل إننا نتعب واحنا بندور عليها..