غياب الأم عن الرضيع

تلعب الصحة النفسية لطفلكِ الرضيع دورًا أساسيًا في تنشئته على أسس نفسية سليمة، فهي أساس الاستقرار النفسي لديه، وتعود مهمة تنشئة طفل سوي نفسيًا إلي الأسرة كلها، إذ تبدأ هذه المهمة منذ الأيام الأولى من الحمل، لأن عملية التعلم عند الرضيع تبدأ بالفعل في رحم أمه.

يعتقد بعض الناس أن الرضيع لا يشعر بما يدور حوله ولا يتأثر به ويتفاعل معه، لكن هذا الاعتقاد خاطئ، فالطفل يولد بجميع أجهزة جسمه التي تكون على استعداد للتفاعل مع بيئته المحيطة، وينتبه الرضيع لكل ما يدور حوله، ويعود ذلك إلى أن عقل الطفل يحتوي على وصلات عصبية أكثر من عقل البالغين، فنجد أن أبسط الأشياء تلفت انتباهه بكل تفاصيلها، ولفهم طفلكِ بصورة أكبر سنستعرض معكِ في هذا المقال حقيقة تأثير غياب الأم عن الرضيع.

غياب الأم عن الرضيع

رضيعك يبدأ رحلته بالتعرف عليكِ منذ أن كان جنينًا داخل رحمكِ، إذ يكتمل تطور الأذن الداخلية للجنين بدءًا من الأسبوع السادس والعشرين من الحمل، ويستطيع عندها سماع صوتكِ بوضوح، ومنذ هذه اللحظة تبدأ مرحلة تعلقه بكِ حتى تأتي لحظة الولادة، وتبدأ مرحلة أجدد وأعمق يبدأ فيها بالتعرف على رائحتكِ ويميزها عن رائحة أي شخص آخر.

ويكون للرضاعة الطبيعية دور كبير في ذلك، إذ يستطيع صغيركِ من يومه الثالث تمييز رائحة حليب ثدييكِ عن أي حليب آخر، إذ أجرى بعض الباحثون دراسة على مجموعة من الأطفال حديثي الولادة، ووضعوا كل واحد منهم بغرفة منفصلة، فوجدوا أن الرضيع يهدأ عندما توضع بجواره قطعة من ثياب أمه، بينما لا يتوقف عن البكاء عندما توضع بجانبه قطعة من ثياب امرأة أخرى.

ومع تقدم الرضيع بالعمر يومًا بعد يوم، يبدأ تدريجيًا بمرحلة التعرف على ملامحك وتمييز  شكلك بين كل الوجوه التي يراها، حتى يعرف وجهكِ ويميزه جيدًا بعد تمام شهره السادس، فكل ما سبق من مراحل تعلق الرضيع بأمه يخلق علاقة عاطفية ليس لها مثيل تجمع بين كل أم ورضيعها.

ونظرًا لهذا كله، من الطبيعي أن يتأثر الرضيع بغياب أمه عنه، حتى لو لساعات قليلة، وينصح خبراء الطب النفسي للأطفال بعدم فصل الطفل عن أمه خلال السنة الأولى من عمره، خوفًا على تأثر نفسيته بالسلب جراء ذلك، لأنه يشعر بعدم الأمان حينها.

فوفقًا لعدد من الأبحاث الأخيرة، فإن الأطفال الذين تقل أعمارهم عن ثلاثة أعوام، الذين لا يعيشون روابط قوية مع والدتهم أو والدهم يميلون أكثر عن غيرهم من الأطفال إلى المعاناة من العنف وضعف الشخصية والإفراط في الحركة حين يتقدّمون أكثر في السن.

ويعود الارتباط بالأم إلى العناية التي يتلقاها الأطفال من أمهاتهم في أوائل حياتهم من الناحية العاطفية بشكل خاص، فحين يستجيب الأهل للطفل بطريقة ما لرغبته في الحمل، يشعر الطفل بالأمان والثقة وأن حاجاته ستلبّى.

فاحرصي على ألا تغيبي عن طفلكِ الرضيع بأي شكل من الأشكال طوال عامه الأول، حتى لا يتأثر طفلكِ نفسيًا بغيابكِ، وحتى بعد أن يكبر قليلًا، إذا ما اضطررت للسفر وتركه مع إحدى جدتيه، فيجب عليكِ أن تهيئه نفسيًا من قبل موعد سفرك، حتى لا يؤثر هذا على شعوره بالأمان.

أثر سفر الأم على الطفل

أثبتت الدراسات أن الأطفال الصغار بطبيعتهم يتأثرون ببُعد أمهاتهم عنهم حتى لو لساعات قليلة، لذا فمن الطبيعي أن يتأثر الطفل بشكل كبير عند سفر أمه وتركها له، لأن وجودها هو أساس شعوره بالأمان.

ولكن الظروف أحيانًا ما تفرض علينا أمورًا خارجة عن إرادتنا كسفر الأم، ويترتب على هذا شعور الطفل بالخوف والقلق المستمر في غياب أمه، نظرًا لارتباطه الوثيق بها، ما يؤدي إلى فرط في الحركة أو هدوء مبالغ فيه، لأنه في هذه الأثناء يشعر بالوحدة الشديدة.

فاعلمي أنكِ تمثلين لطفلكِ كل شيء، لذا سنقدم لكِ قائمة بأفكار تمكنكِ من أن تظلي على تواصل مع طفلكِ حتى في أثناء غيابكِ، ومنها:

  • سجلي يومياتك في كتاب صغير، واطلبي من طفلكِ أيضًا أن يُعد لكِ كتابًا صغيرًا يروي فيه ما مر به بالصور والكلمات في أثناء سفرك، حتى لا ينساها عندما تعودين للمنزل، وبعد عودتكِ تبادلا السجلات لتعرفا كل ما مر بكما، وافعلا ذلك وأنتما معًا حتى يروي كل منكما ما مر به من أحداث فيزيد التواصل.
  • كوني معه دائمًا، في البعد، يحتاج الصغير لأن يشعر بوجودك الحقيقي، رتبي جدولك على أن تحادثيه يوميًّا أو يومًا بعد يوم على الأقل، ويفضل أن تكون مكالمة فيديو عبر وسائل الاتصال المتنوعة الآن، ليحدثك عما مر به في يومه، بل يمكنك أيضًا أن تطلبي منه أن تتناولا وجبتكما معًا في الوقت نفسه، أو تشاهدا فيلمًا معًا، بل يمكنك مساعدته في واجباته المنزلية مثلًا إن لزم الأمر.
  • أرسلي هدية، إذا كانت سفريتك طويلة، فأرسلي لطفلكِ هدية مفاجئة مع بطاقة صغيرة تخبرينه فيها كم تحبينه وتشتاقين إليه وتفكرين فيه، ليس مهمًا قيمة الهدية أو تكرارها، فمعنى الهدية وحده سيسعد صغيرك.
  • خصصي بعض الوقت لطفلك أيًّا ما كان خيارك، فالمهم حقًّا هو تكريس بعض الوقت لصغيرك، كوني معه وبجانبه سواء عبر الإنترنت أو مكالمات الفيديو أو الهاتف، خاصة مع ما نحظى به اليوم من تطور تقني وتكنولوجي كبير، الذي تستطيعين من خلاله أن تكوني مع صغيرك دومًا عبر عدة طرق ووسائل متنوعة، فالصورة والكلمة لن يستغرقا منكِ سوى ثوانٍ معدودة، ولكنهما سيفرقان في نفسية طفلك كثيرًا.

متى يتعرف الطفل على أمه؟

في الأشهر الأولى من عمر مولودكِ، تبدأ رحلتكِ في التعرف على ما يحبه وما يكرهه، ما يضحكه وما يبكيه، ما يجعل نومه هادئًا وما يعكر صفو مزاجه، وتتساءلين متى يتعرف هو الآخر عليكِ؟ متى يميزكِ عن الآخرين من حوله ويدرك أنكِ أمه؟ تعرفي على إجابة هذا السؤال من خلال هذا المقال.

وبالنهاية..بعد تعرفك على تأثير غياب الأم عن الرضيع، احرصي على التواصل مع طفلكِ بجميع حواسكِ، تحدثي معه وغنّي له أغنيتكما الخاصة، وقبليه كثيرًا واحتضنيه، فإن تواصلكِ معه من شأنه تحسين النمو الصحي له وتقوية العلاقة بينكما بشكل كبير.

العودة إلى رضع إقرأ المقالة

مواضيع ذات صلة ب : هل يشعر الرضيع بغياب أمه؟

supermama