متى يفهم الطفل الرضيع الخطر والصح والخطأ؟

هل تنظرين إلى طفلك الرضيع وتتساءلين عما يدور في رأسه الصغير؟ وهل يعي ما تقولين له عندما تتحدثين إليه؟ قد يدهشكِ -عزيزتي- أن عديدًا من الدراسات أشارت إلى أن الطفل الرضيع يستطيع أن يعي كثيرًا مما يدور حوله، رغم أنه لا يفهم الكلمات أو يستوعبها في الأشهر الأولى، فإنه يسمع كل ما يقال حوله ويخزّنه في ذاكرته ويربط بين الأشياء في رأسه، الأمر الذي يطرح التساؤل، متى يفهم الطفل الرضيع الخطر والصح والخطأ؟ وهل يُولد بفطرة التمييز بين السلوكيات الصحيحة والخاطئة أم أنها سلوك مكتسب؟ لذا تعرَّفي معنا في هذا المقال إلى إجابات هذه الأسئلة.

متى يفهم الطفل الرضيع الخطر والصح والخطأ؟

في واحدة من الدراسات التي أجراها الباحثون على الأطفال الرضّع، أشارت النتائج إلى أنهم يعرفون الفارق بين الصواب والخطأ قبل بلوغهم سن الثانية. ووجد العلماء أن الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 19 و21 شهرًا يستوعبون مفاهيم مثل العدل والصواب والسلوك الصحيح.

اعتمدت الدراسة على إحضار دُميتين على شكل زرافة، وإعطاء واحدة منهما لعبة واحدة والأخرى لعبتين، وشاهد التجربة مجموعة  أطفال متوسط أعمارهم 19 شهرًا، وكانت نتائج الدراسة مذهلة، فقد نظر الأطفال فترةً أطول إلى الزرافة التي أُعطيت لعبتين، وكأنهم يرون شيئًا غير منطقي أو غير متوقع.

ويقول الباحثون إن السبب اعتقاد الأطفال أن المشهد يحتوي على سلوك غير منصف أو خاطئ، وهو ما يؤكد أن الطفل بفطرته يستطيع التمييز بين التصرفات الصحيحة والمنصفة والسلوكيات الخاطئة، وحتى لو لم يستطع التحدث، فيمكنه استخدام حواسه الأخرى ليبدي دهشته.

وأكّدت نتائج هذه الدراسات، تجربة أخرى أجراها  الباحثون على أطفال متوسط أعمارهم 21 شهرًا، واعتمدت على وضع لعب كثيرة بين سيدتين، إحداهما ظلّت تلعب فقط دون أن تؤدي عملًا مفيدًا، والأخرى جمعت اللعب بنشاط في كيس، وكوفئت السيدتان في النهاية.

وفي المرة الثانية جمعت السيدتان اللعب وكُوفئتا في النهاية أيضًا، فكان رد فعل معظم الأطفال النظر فترة أطول إلى الجزء الأول من التجربة، ما يؤكد أن الرضيع يستطيع تمييز السلوكيات الصحيحة والخاطئة قبل بلوغه العامين.

ويمكنكِ -عزيزتي- الاستفادة من نتائج هذه الدراسات بشكل كبير، ففي الوقت الذي تظنين فيه أن طفلك صغير على إدراك الصواب والخطأ والمخاطر التي تحيط به، فإنه يعي تمامًا، ويستطيع تمييز السلوكيات بفطرته، وهو ما يمكنك تطويره باستخدام تعابير الوجه ونبرة الصوت، مثل أن تبتسمي عند رؤية تصرف سليم، أو ترسمي على وجهك تعابير غاضبة عند قيامه بسلوك خاطئ، كذلك استخدمي نبرة صوتك وسيلة للتعبير عن الغضب أو الامتنان لسلوكه، أو عند تحذيره من خطرٍ ما.

على سبيل المثال: اجعلي نبرة صوتك عالية وسريعة عند اقتراب الطفل من الأشياء التي قد تكون مصدر خطر عليه، مثل أن تقولي بصوت عالٍ وبنبرة حازمة" لا تقترب من الشاي" وغيِّري تعابير وجهك حتى يستطيع تمييزها. وبالطريقة نفسها يمكنكِ تطوير سلوكيات الطفل وقدرته على تمييز الصواب من الخطأ.

كما يمكنكِ شراء بعض الكروت التي تحتوي على السلوكيات الصحيحة والخاطئة، وعرضها عليه مع تغيير تعابير وجهك وصوتك بما يناسبها، بأن تقولي له "صح" وتبتسمين، و"خطأ" وتغضبين، كرّري الأمر أكثر من مرة ثم اعرضي الكروت على الطفل دون إبداء تعبيرات، وستلاحظين أنه يتفاعل معك بتعبيرات تناسب السلوك الذي يراه.

متى يبدأ عقاب الطفل؟

العقاب وسيلة تربوية لحثّ الطفل على اتّباع السلوكيات الصحيحة ما دام لا يتضمن تعنيفًا جسديًا أو نفسيًا، وقد تتساءلين متى يمكن عقاب الطفل، خاصةً أن بعضهم  لا تستجيب للنصح  ولا يتبع التعليمات بسهولة، والحقيقة أنه يمكنكِ -عزيزتي- وضع نظام للعقاب بمجرد أن يدرك الطفل فكرة الصواب والخطأ.

ووفقا لما ذكرناه مسبقا فإنه يستطيع تمييز السلوك الخاطئ في سن صغيرة. ويشير خبراء التربية إلى أنه يمكنكِ البدء في تجربة سياسة العقاب بطريقة بسيطة، من عمر ثمانية أشهر، لكن لا تفعلي ذلك دون تدريب الطفل على التمييز بين مفاهيم الصواب والخطأ، وتكرارها عدة مرات. وإليكِ بعض طرق العقاب البسيطة للأطفال في سن صغيرة.

التجاهل

أبسط وسيلة لعقاب الأطفال في عمر ثمانية أشهر حتى عام هي التجاهل، فالأطفال دائمًا ما يحبون لفت الانتباه وتجاهلهم عقاب لا يفضلونه، ويمكنكِ استخدام هذه الطريقة عند بكاء الطفل المستمر، ليس بسبب الجوع أو بلل الحفاض أو وجود شكوى لديه، وإنما لدى الرغبة في جذب الانتباه والذي تستطيعين تمييزه بفطرتك كأم.

مثلًا: إذا ضربك الطفل أو جذب نضارتك، وحاولتِ إثناءه عما يفعل عدة مرات مستخدمة تعابير وجه ونبرة صوت حازمة، فلم يستجب لكِ وبدأ في البكاء لينفّذ ما يريد، تجاهليه تمامًا واجلسي في ركن بعيد عنه بالغرفة، واحرصي على عدم النظر إليه وتظاهري بالانشغال 20 ثانية، وستلاحظين أنه توقف عن البكاء، في هذه الحالة تواصلي معه بحنان وحاولي الشرح باستخدام لغة بسيطة أو تعابير وجهك أن تصرفه كان خاطئًا.

كرسي العقاب

وهذه الطريقة مناسبة للأطفال فوق العام، فإذا كان الطفل لا يستجيب لتحذيراتك أو رفضك قيامه بتصرف خاطئ، أخبريه أنه إن لم يتوقف الآن فسيعرّض نفسه للعقاب، ليعلم أن العقاب نتيجة تصرفه وليس أمرًا مفروضًا منكِ، فإذا لم يستجب ضعيه على كرسيّ، واطلبي منه عدم الحركة أو اللعب دقيقة إلى دقيقتين، وبعد انتهاء العقاب اسألي الطفل إذا كان هدأ أم لا، ولا تتحدثي عن تصرفه الخاطئ خلال نصف ساعة بعد العقاب، تحدّثي معه بهدوء بعد ذلك، أو أوصلي له رسالة ناقدة بخصوص بسلوكه الخاطئ في حدوتة قبل النوم.

الحرمان من الأشياء التي يحبها

تناسب الأطفال فوق العامين، استخدميها عندما يكسر الطفل قاعدة مهمة بشكل متكرّر، وأخذ اللعبة أو حرمانه من اللعب مع صديقه وغيرها، وسيلة جيدة يتعلم منها  الطفل أن سلوكه الخاطئ يحرمه من الأشياء التي يحبها، مثلًا: إذا كان الطفل يضرب صديقه في أثناء اللعب فحذّريه أكثر من مرة، وإذا كرر الأمر فأخبريه أنه سيذهب إلى المنزل الآن، ولن يلعب مع صديقه، لأنه يقوم بتصرف خاطئ، ليحدث لديه ارتباط شرطي بين عدم اتباع التعليمات وحرمانه من الأشياء التي يحبها.

في النهاية إذا كنتِ تتساءلين متى يفهم الطفل الرضيع الخطر والصح والخطأ؟فإن الأمر يختلف -عزيزتي- من طفل لآخر، حسب قدراته العقلية، لكن بصفة عامة يستطيع الطفل دون العامين تمييز السلوكيات الصحيحة والخاطئة، فقط حاولي تدريبه بدءًا من الشهور الأولى على إدراك الخطر وتمييز التصرفات الصحيحة، وضعي نظام تربويًا للعقاب لحثّه على اتباع السلوكيات السليمة.

لمعرفة مزيد من المقالات المتعلقة برعاية الرضع اضغطي هنا

العودة إلى رضع إقرأ المقالة

مواضيع ذات صلة ب : متى يفهم الطفل الرضيع الخطر والصح والخطأ؟

supermama