تجربة الأمومة الأولى والإحساس بمشاعر الأمومة لأول مرة تجربة فريدة لا يماثلها شيء آخر، حيث تمر الأم بتغيرات مختلفة في جوانب متعددة في حياتها وشخصيتها وأفكارها حتى في تركيبة عقلها، فبعد رحلة الحمل والولادة تتعرض الأم للعديد من التغيرات، التي يمكن أن تجعل منها شخصًا جديدًا. والأمر لا يقتصر فقط على تغير شكل الجسم أو التغيرات الهرمونية أو تغير نمط الحياة، بل تصل التغيرات إلى المخ أيضًا.
فقد أوضحت بعض الدراسات الحديثة أن التركيب الأساسي لمخ الأم يتغير خلال فترة الحمل، ويستمر إلى ما بعد الولادة مؤثرًا على سلوكياتها وتصرفاتها. ولكن ما طبيعة التغير الذي يطرأ على مخ الأم؟ وكيف يؤثر على تصرفاتها؟ وإلى متى تستمر هذه التغيرات؟ هذا ما تخبركِ به "سوبرماما" في هذا المقال.
تغيرات المخ بعد تجربة الأمومة الأولى
أجريت بعض الدراسات على مجموعة من الأمهات قبل الحمل للمرة الأولى وبعد الولادة، وتضمنت مسحًا على أدمغة الأمهات للكشف عن التغيرات الواقعة عليهن، وأظهرت نتائجها انخفاضًا في منطقة ما بالمخ تسمى "المنطقة الرمادية" لديهن بعد الولادة.
وانخفاض المنطقة الرمادية لا يعني أن المخ نفسه يتقلص حجمه، بل إن الأمر يشبه إعادة ترتيب مناطق المخ وتنظيم مراكز الاتصالات العصبية وفقًا لحاجة الأم إليها، لمساعدتها في تأدية مهمتها الجديدة ببراعة، فقد تنسى الأم شراء أحد مستلزمات المنزل ولكنها لن تنسى تغيير حفاض صغيرها، حيث تحتل أشياء مختلفة الأولوية داخل رأسها.
قد يبدو انكماش المنطقة الرمادية في المخ أمرًا مثيرًا للقلق، ولكن على الجانب الآخر وجد الباحثون أن هناك تغيرات ملحوظة في نشاط المناطق المسؤولة عن الشعور بالتعاطف والتوتر، والتفاعل الاجتماعي، وفهم مشاعر الآخرين، وترجمة الإشارات غير اللفظية، لدى الأم بعد الولادة. إذ تصبح الأم أكثر حساسية تجاه احتياجات مولودها الذي لا يستطيع التعبير عن رغباته بعد، وتصبح مستعدة لتفسير لغة جسده بشكل أفضل، الأمر الذي يُعد بمثابة تأهيل للأم للانتقال إلى مرحلة الأمومة.
فمثلًا: إذا كانت المرأة قبل الحمل تتسم بهدوء الأعصاب وعقلانية التفكير، فقد تجد نفسها بعد الولادة تقلق بشأن طفلها باستمرار، وتشعر برغبة عارمة في حمايته والحفاظ عليه من كل شيء،. ويمكن لهذه التغيرات أن تساعد الأمهات الجدد على اكتشاف التهديدات والإحساس بعوامل الخطر، حتى يتمكنَّ من حماية أنفسهن وأطفالهن بسرعة أكبر.
ولكن في بعض الأحيان، قد يتطور الأمر لدى بعض الأمهات ليصل إلى مرحلة الوسواس القهري والتفكير بشكل زائد في أشياء خارج حدود سيطرتها فيما يخص طفلها، مثل: هل يعاني طفلي من مرض ما؟ هل كان التطعيم فعالًا؟ هل ينمو طفلي ويتطور بشكل طبيعي؟ وهكذا، لذلك على الأم أن تفهم مخاوفها وتحدد هل هي طبيعية أم لا؟ حتى تعرف كيف تتعامل معها أو تطلب المساعدة.
ولكن هل تستمر هذه التغيرات مدى الحياة؟
يقول الباحثون إن التغيرات الكبرى في مخ الأم تحدث بعد وضع طفلها الأول، وتكون في أعلى مستوياتها خلال أول عامين من عمره. وهناك بعض الأوقات التي يزيد فيها نشاط هذه المناطق من المخ، مثل أوقات الرضاعة الطبيعية، وعندما تنظر الأم إلى وجه طفلها، وعند سماعها صوت بكائه، ولكن ليس هناك ما يؤكد أن مخ الأم يعود إلى ما كان عليه قبل الحمل والولادة.
مشاعر الأمومة لأول مرة
ومن الأشياء المصاحبة لمشاعر الأمومة لأول مرة بعض المخاوف حتى من أصغر الأشياء.
مخاوف الأمهات الجدد
إذا كنتِ أمًّا لأول مرة ولديكِ مخاوف بعد ولادة رضيعك، اطمئني فأنتِ مثلكِ مثل غالبية الأمهات، ومن مخاوف الأمهات بعد الولادة:
- يمكن أن يتوقف نفس طفلي خلال النوم: قد تكون كثرة الحديث عن متلازمة موت الرضع المفاجئ هي السبب في هذا الهاجس، ولكن أيضًا لا داعي للمبالغة في القلق، فقط تأكدي من نوم طفلك على ظهره وعدم وجود وسادات أو ألعاب محشوة بجانبه.
- طفلي لا يشبع: لا يمكن للأم تحديد ما يتناوله طفلها، خاصًة مع الرضاعة الطبيعة، ولكن لتطمئني فقط تابعي زيادة وزنه وتطوره، مع الاهتمام بنوعية طعامكِ وشرابكِ.
- لن أستطيع توفير مصروفاته: بالتأكيد وجود طفل صغير في المنزل يحتاج إلى الكثير من المصروفات، بين الحفاضات وملابسه ومستلزماته وزيارات الطبيب، ولكن لا تجعلي هذا التفكير هو أكبر همك ليفسد عليكِ استمتاعكِ بصغيرك، حتى إذا لم تستطيعي شراء كل ذلك، يكفي محاولاتكِ توفير أقصى ما يمكنك له.
- جسمي لن يعود كالأول: هذا الأمر من أكبر مخاوف الأمهات، ولكن لا تقلقي فيمكنكِ البدء بتنظيم طعامكِ وممارسة التمارين الرياضية بعد استشارة طبيبكِ، واستعادة وزنكِ السابق.
- سأتعرض لمشاكل مع زوجي: بالتأكيد إنجاب الأطفال يؤثر على حياتكِ بالكامل، وعلاقتكِ بزوجكِ هي جزء منها، ولكن لما تفترضين أن التغيير سيكون للأسوأ؟ فمن المفترض أنه حتى مع وجود بعض المشاكل فإن الطفل سيقوي العلاقة بين والديه، كما أن الحياة مع وجود طفل وتربيته ستحمل الكثير من اللحظات الممتعة.
اكتئاب ما بعد الولادة
هو حالة متكررة وليست نادرة، على عكس ما تظن كل أم أنها فقط التي تعاني منه، فتجربة الأمومة نفسها تجربة مرهقة، تُحدث الكثير من التغيرات على حياة كل أم. إذا شعرتِ بالضيق المستمر حتى من أصغر الأشياء، تحدثي مع أحد المقربين واطلبي المساعدة، ولا تترددي في ذلك.
نصائح للأمهات الجدد
بعد أن تصبحي أمًّا ستجدين نفسك متوترة وقلقة وحائرة بشأن صغيركِ، ولكي تمري من هذه الفترة بسلام استعيني بهذه النصائح:
- اختاري ما يناسبكِ: بالتأكيد كأي أم جديدة ستتلقين الكثير من النصائح من المحيطين بكِ، ولكن ضعي في اعتباركِ أن منها المفيد ومنها عكس ذلك، لذلك اختاري ما تقتنعين به لمصلحة طفلك، فأنتِ أمه والمسؤولة عنه.
- لا تفرطي في القلق على طفلكِ: كل أم تخاف على طفلها من المرض أو العدوى، ولكن التعقيم الزائد لكل شيء سيضر طفلكِ أكثر مما ينفعه، اخرجا معًا وانطلقا واتركي له فرصة لتقوية جهازه المناعي.
- اقبلي الأيام الصعبة: بالتأكيد ستمر عليكِ أيام صعبة وطويلة، وستظنين أنها لن تنتهي، ولكن هذا ليس صحيحًا، فقط تقبليها، ولا تشعري بالذنب إذا تركتِ أولادك يشاهدون التليفزيون أو يأكلون من المطاعم، فقط فكري في تنظيم وقتكِ لليوم التالي.
- اطلبي المساعدة عند حاجتك لها: تجربة الأمومة تجربة مرهقة، في بعض الأوقات ستشعرين بأنكِ غير قادرة على القيام بكل المهام المطلوبة منكِ، في هذه الأيام لا تخجلي من طلب المساعدة من زوجكِ أو صديقتكِ أو عائلتكِ.
- احصلي على قيلولة: فالراحة لدقائق معدودة خلال اليوم، ستعطيكِ القدرة على مواصلة نشاطكِ باقي اليوم.
- اكتبي كل ما تفكرين به: لإبقاء كل شيء تحت السيطرة، اكتبي كل المطلوب منكِ فعله، حتى لا تنسين شيئًا وتستطيعين إنجاز كل المهام في وقتها، كمواعيد الأدوية ووقت زيارة الطبيب وشراء مستلزمات المنزل.
- دوني كل ما يفعله رضيعك لأول مرة: لا تنسي تدوين كل ما يفعله طفلك لأول مرة، كالزحف والمشي والكلام، واحتفظي بذكرياتك السعيدة مع طفلك.
- مارسي هوايتك المفضلة: الأمومة أجمل شيء في الكون، لا شك في ذلك، ولكن مع انشغالكِ بها لا تنسي نفسكِ تمامًا واستمري في ممارسة هواية مفضلة لكِ، وسينعكس أثر ذلك على نفسيتكِ، وبالتالي على معاملتك مع طفلكِ.
حقائق عن الأمومة لن يخبرك بها أحد
تعرفي مع مها حمدي في هذا الفيديو على بعض حقائق الأمومة التي لن يقولها لكِ أحد.
تجربة الأمومة الأولى صعبة ولكنها ممتعة، اقرئي عنها جيدًا حتى تختاري أكثر ما يناسب صغيرك، وتستمتعا معًا بتجربة فريدة لا تُنسى.
ويمكنك متابعة المزيد عن هذه الفترة عن رعاية الرضع على "سوبرماما" من هنا.