تعود بعد يوم شاق في العمل لرؤية رضيعك الجميل وزوجتك التي عادت للبيت من المستشفى منذ اسبوع. زوجتك يبدو عليها علامات الإرهاق وأنت تعلم جيدا أن حياتها إنقلبت رأساً على عقب بعد الولادة ولذلك تشعر بدفئ يغمرك تجاهها : زوجتك وأم مولودك. والغريب أن رغم إرهقها إلا أنك تجدها جذابة ومغرية، خاصة بعد تغير شكل صدرها مع الولادة.
للأسف، تنقطع أفكارك على صوت بكاء حاد، فقد حان وقت الرضاعة. مغلوبة على أمرها، تأخذ زوجتك الرضيع في حضنها تفتح قميصها للإرضاع فلينهمك رضيعك في الرضاعة بنهم وينقلب صوت البكاء الحاد لتنهيدات خافتة.
أتصور أن هذا المشهد دمر أحلامك بالرومانسية بقضاء وقت مع زوجتك، وتركك مستاء ومحتار إن كان هناك فرصة للحميمية.
الرضاعة، كالكثير من التغيرات التي تراها الآن، عالم جديد، لم يسبق لك التعرف عليه. إذا استطعت أن تفهم ما تمر به زوجتك من تطورات، ستستطيع أن تتقبل التغيير بشكل أكثر سلاسة.
نبدأ بالماما
يتكرر هذا المشهد كل ساعتين: تجلس زوجتك مستكينة بينما يشفط مولودك اللبن من ثديها، مما يؤدي إلى :
- استمرار مولودك في الرضاعة، يساعد الرحم على العودة إلى حجمه الطبيعي، مما يؤدي إلى بعض الألم عند زوجتك.
- قنوات اللبن يتم تفريغها مع كل رضعة ليسمح بإصدار المزيد من اللبن. أحياناً، عندما لا يرضع المولود بنفس معدل إصدار اللبن، قد تنسد قنوات اللبن مما يؤدي إلى آلم شديد لزوجتك وقد يصل الوضع إلى الحرارة.
- في حالة عدم إطعام الرضيع في الوقت المطلوب، قد يتسرب بعض اللبن إلى ملابسها ليبللها ويصدر رائحة بسيطة.
- وكأي سائل يخرج من أجسادنا، تشعر زوجتك بالوهن والضعف إذا لم تشرب ما بكفيها من السوائل.
- وأخيرا، يسبب الإحتكاك الناتج عن شفط مولودك لللبن الإلتهابات في كثير من الأحيان مما يسبب التشقق والنزيف للحلمات.
أعتقد أنك رأيت حجم المسؤولية الواقعة على زوجتك من حيث إصدار اللبن وإرضاع مولودك. وخاصة مع الضغط النفسي الذي يسببه لها مجتمعنا الشرقي ذو العلاقات الوثيقة بين العائلات والثقافة المتناقلة من جيل لجيل، بفرض عليها اساليب معينة. تذكر معي، كم مرة إتهمت زوجتك بأنها “تركت المولود جوعان”؟ رغم أنك تعلم جيدا أنها تحاول قدر استطاعتها إدرار اللبن بالأكل جيداً وإختيار الأكل الصحي ،حتى الأكل حسب جدول معين أحيانا
( اقرأي أيضا : ساعد ماما و كن متجاوب و إيجابى )
أبي العزيز
دورك، في هذا المقام، أكبر بكثير مما تتصور. فعندما تصر عمتك أو أمك أو حتى حماتك أن تقوم زوجتك بإرضاع المولود “حالً” ، رغم أنه ليس وقت الرضاعة، عليك بالتصدي لهن. عندما يبدأ مولودك بالبكاء لا تتسرع بإستنتاج أنه جوعان، بلى ساعد زوجتك في محاولة معرفة السبب.
يمكنك زيضا المساعدة بطرق شتى، فمثلا تكون أن المسؤول عن عملية “التكريع” عندما ينتهي مولودك من الإرضاع. التكريع مطلوب في الأربع إلى الست أشهر الأولى للمولود وقد تكون عملية طويلة أو قصيرة حسب المولود، ولكن بإتخذاك هذا الدور، تكون قد شاركت مشاركة مهمة في عملية غذاء مولودك وقويت صلتك به.
تذكر أيضا أن اللبن قد يصدر رائحة غير جميلة، لذلك عليك أبي العزيز، أن تحرص على ألا تشعر زوجتك باستيائك لأنها تفعل كل ما في وسعها
إذا، دعنا نفكر سويا، ما أثر هذا التغيير الكبير على حياتك الحميمة مع زوجتك؟
أذكرك أن بعد الولادة يتغير جسم المرأة عادة، لذلك قد تشعر بالإحباط عندما تتفادى زوجتك بعض الأفعال التي قد سبق لكم ممارستها سويا من قبل، خاصة ما يتعلق بثديها. قد تجدها تتفادى يدك أو ترفضها برفق.
أحب أن أطرح نقطة أخرى قد يتسأل عنها بعض الأزواج، ماذا يحدث، لو عن طريق الخطأ، تناولت القليل من لبن الإرضاع؟ وكيف يؤثر ذلك على علاقتك بزوجتك ومولودك؟
أولاً، تأكد أبي العزيز أنه لا يوجد أي ضرر جسماني عليك، فهذا اللبن تكوينه معد خصيصا للأطفال دون السنتين من العمر.
ثانيا، إذا كنت قلق من موضوع أخوة الرضاعة، فلا تقلق، فهذا الحديث النبوي ينبق فقط على الأطفال دون السنتين من العمر حسب رأي معظم الفقهاء.
في النهاية أبي العزيز، حاول التأقلم مع التغييرات التي طرأت على حياتك، وناقش زوجتك في مخاوفك، وشجعها على التحدث في مخاوفها هي أيضا. يجب عليك أن تكون مصدر إمداها بالثقة أو كما نقول “الحائط الذي تتكئ عليه” لأن رحلة الإرضاع، رغم صعوبتها، إلا أنها رحلة جميلة تخوضونها كأسرة ،بها تمهدون الطريق لأطفال أصحاء و أسرة سعيدة
( اقرأي أيضا : مبروك هتبقى أب )