"الفانوس والمدفع، زينة رمضان والسحر والخيام، المعروك والنطاف والتمرية والكرابيج والكنافة الناعمة وحلاوة الجبن، الخشاف والقطايف والكنافة، القرقيعان، قلب اللوز والمقروط والحريرة والبربوشة والشخشوخة، السمبوسك والكبسة"..
قولي أياً من الكلمات السابقة لم تُدهشك.. أقل لكِ من أي البلاد أنتِ؟ قولي عاداتك ومأكولاتك في رمضان.. أقل لكِ من أين أنتِ؟
يتشابه رمضان ويختلف ما بين دولة وأخرى، من حيث عادات سكانه ومواطنيه في الطعام والشراب والعادات، لكن في النهاية نري تنوعاً جميلاً محبباً يجعلنا نتذوق احساسنا برمضان بنكهات الدول العربية.
لنذهب معاً في جولة لرؤية مظاهر اﻹحتفال بشهر رمضان ما بين المشرق والمغرب من المحيط إلى الخليج..
مصر
تجدي الجو يختلف كثيراً في أيام رمضان عن غيرها، فنرى البيوت والمساجد والشوارع، وقد كست جدارنها زينة مبهجة مع أشكال وأحجام كبيرة من الفوانيس الخشبية أو الورقية، أو ربما البلاستيكية التي تُنار بالكهرباء تارة وبالمصابيح أخرى. قبل رمضان بأيام، تبدو المدن وكأن أهلها قد خرجوا كلهم عن بكرة أبيهم إلي الشوارع في مظاهرة شرائية لكل متطلبات رمضان، بينما يهدأ الأمر قليلاً في رمضان ولا يبدأ السهر إلا بعد التراويح وحتي الفجر، ثم تزدحم الشوارع مرة أخرى لشراء ملابس العيد. تبدأ التهاني بجملة "كل سنة وانتوا طيبيين" التي تسمعها في كل شارع وبيت، ليبدأ بعدها الشهر ما بين صيام وصلاة، وتبدأ المآدب والعزائم ما بين الأسر والأصدقاء والجيران، وتمتلئ طاولة الطعام بأصناف عامرة وأطباق شهية، كما تتنوع الحلوى والعصائر الرمضانية بين القطايف والكنافة وقمر الدين والتمر هندي والعرقسوس والخروب، وتتنوع السوبيا بين الشراب والمهلبية.
سوريا
ندى إسماعيل -من حلب، ترى أن أهم ما يُميز رمضان مآدب الإفطار العائلية بين الأجداد وأسر الأبناء والأحفاد، وهناك تحفل موائد الإفطار بأنواع الحساء المختلفة والعصائر المتنوعة، خاصة تلك الرمضانية كالتمر الهندي والسوس "العرقسوس في مصر" وغيرها.. كما تصف شوارع حلب وزينتها في رمضان والأسواق القديمة المزدحمة في الليل وحتى ساعات الفجر.
دول الخليج
رجاء محمد الشريف -مصرية نشأت بالكويت، ترى أن الكويت لا تتغير أبداً في رمضان، لا في زينة ولا في نوعية طعام مختلفة، ولا يختلف الأمر عن بقية الأشهر إلا في نقطتين:
الأولى.. أن السهر يزيد ويمتد لساعات، وتظل المحال مفتوحة وقت أطول قليلاً من الأيام العادية.
والثانية.. تقليد "القرقيعان" والذي يُعد تقليداً سنوياً، ومناسبة تراثية يحتفل بها في بلاد الخليج خاصة الكويت، حيث يطوف الأطفال في منتصف شهر رمضان خلال ليالي 13 و14 و15 ويرددون "الأهازيج"، وتوزع الحلوى عليهم، وتختلف "الأهازيج" بحسب المناطق ويرتدي الصغار زياً معيناً لهذه المناسبة، والتسمية مشتقة من كلمة "قرقعة".. وهي أصوات الأواني التي يحملها الصغار حين يصدرون بها أصواتاً. وفي كل دول الخليج تكون التهنئة برمضان بجملة "عساكم من عواده"
الجزائر
أما حبيبة قوميشي -من الجزائر- فتقول: إنهم يستقبلون الشهر بتهنئة بعضهم البعض بجملة "صحى صيامك"، وبالعديد من مظاهر النظافة والزينة في البيوت والشوارع والمساجد، والمأكولات الرمضانية العديدة، ومنها "الحريرة" وهي.. شوربة من دقيق الشعير منتشرة في دول المغرب العربي، والشوربة بالمعكرونة، و"البربوشة".. وهي الكسكسي بدون مرق، و"الشخشوخة".. وهي الثريد أي الفتة، أما الحلوى فهي متنوعة وعديدة، لكن أشهرها قلب اللوز والمقروط.
ومن العادات التي توشك على الانقراض ما يُعرف بـ"البوقالات"، التي كانت تجمع النساء والفتيات طيلة سهرات رمضان في حلقات يستمعن فيها لمختلف الأمثال الشعبية، ساعيات إلى معرفة مصيرهن من خلال ما تحمله هذه الأخيرة من "فال".
أما عادات أول يوم صيام للأطفال، فجرت العادة أن يكون ليلة النصف من رمضان أو ليلة 27 منه، ويتم إعداد مشروب خاص يتم تحضيره بالماء والسكر والليمون، مع وضعه في إناء بداخله خاتم من ذهب أو فضة، من أجل ترسيخ قيمة الصيام، وتجري كل هذه التحضيرات وسط جو احتفالي بحضور الوالدين والجد والجدة وأفراد آخرين من الأسرة والأقارب، ويرتدي الأطفال أجمل الملابس، وسط احتفال بهيج بصيامهم وصيامهن.
وعن العادات السيئة فقد اتفق الجميع عليها، وهي الهوس بشراء الأطعمة قبل بداية الشهر، كما لو كنا مقدمين على مجاعة، فضلاً عن الانشغال بالمسلسلات، والإسراف في الطعام، وربما المعاناة من زيادة الوزن بدلاً من تقليله، والسهر المفرط والنوم أثناء النهار عدا العاملين، وتظهر للأسف في عدة مناطق ظاهرة "الشجار" في نهار رمضان، وترديد جملة "أنا صائم".. وكأن الصيام مرادف للغضب.