ما الفرق بين الأمراض النفسية والعقلية؟

الفرق بين الامراض النفسية والعقلية

ناقشت العديد من الروايات والأفلام فكرة المرض النفسي بطريقة غير واقعية، رسخت بأذهان الكثيرين فكرة أن المريض النفسي مجنون، ومؤخرًا انتشرت التوعية بالمرض النفسي وآثاره، وعلى الرغم من ذلك لا يزال الكثيرون يخلطون بين المرض النفسي والعقلي، وكلاهما يختلف عن الآخر، سواء في المسبب أو الأعراض، ومعرفة الفرق بين الأمراض النفسية والعقلية قد يساعد في نشر التوعية بأهمية الصحة النفسية والعقلية، وفي السطور التالية سنوضح لكِ عزيزتي أهم الفروق بينهما. 

الفرق بين الأمراض النفسية والعقلية

الخلط بين الأمراض النفسية والعقلية أمر شائع، فرغم اختلافهما، فهما قد يتشابهان في عدة مظاهر ،وكلاهما قد يؤثر بشكل كبير على الصحة الجسدية، أما الفرق بينهما فسنوضحه لكِ في السطور التالية:

أولًا: الأمراض العقلية

تضم مجموعة كبيرة من الأمراض أهمها الذهان (الشيزوفرينيا)، الاكتئاب، الوسواس القهري، وغيرها. 

كيف تحدث الأمراض العقلية؟

تحدث الأمراض العقلية نتيجة خلل في كيمياء المخ أو الموصلات العصبية، في الحالة الطبيعية تنقل الموصلات العصبية الإشارات من المخ لأعضاء الجسم لتقوم بوظائفها بصورة طبيعية، ما يعني أن أي خلل يحدث في كيمياء المخ يؤثر بشكل كبير على وظائف بعض الأعضاء أو الحواس.

الأعراض التي يختبرها المريض العقلي:

عادةً ما يرى المريض العقلي أشياءً غير واقعية (ضلالات)، أو لا يرى الأشياء بصورتها الطبيعية، وقد يصاحب الأمراض العقلية أيضًا هلاوس بصرية أو سمعية، بمعنى أنه مجازًا يمكن القول بأن الأمراض العقلية تحدث نتيجة خلل عضوي.

هل يدرك المريض العقلي أنه يعاني من مشكلة؟

مشكلة الأمراض العقلية، أن المريض لا يدرك أنه مريض أو يعاني من خطبٍ ما، ويرى أن تصرفاته مبررة ومنطقية، ولا يعي أن ما يراه أو يسمعه غير حقيقي، ومع مواجهته أو إخباره أنه يعاني من مشكلة ينكر الأمر، ليس بسبب الإنكار في حد ذاته، ولكنه لا يرى فعلًا أن لديه مشكلة، وقد يمثل المريض العقلي في بعض الأحيان خطورة كبيرة على نفسه وعلى المحيطين به.

علاج المرض العقلي

يحتاج المريض العقلي في معظم الأحيان إلى أدوية علاجية يصفها الطبيب بعد تشخيص الحالة، وقد يحتاج معها لجلسات نفسية إذا لزم الأمر، لكن لا غنى عن الأدوية العلاجية مثل مضادات الاكتئاب، مضادات الذهان، وغيرها.

هل الاكتئاب مرض نفسي أم عقلي؟

كي لا يحدث خلط، يجب معرفة أن هناك فرق بين مرض الاكتئاب وبين مشاعر الحزن، فمرض الاكتئاب المستمر هو مرض عقلي يحدث نتيجة خلل بكيمياء المخ، أما مشاعر الحزن التي تستمر بسبب فقدان صديق أو أب، أو فقدان الشغف بسبب الروتين، حتى لو استمرت لفترة فهي طبيعية تمامًا، وقد تحتاج للعلاج النفسي ولكنها ليست اكتئابًا. 

ثانيًا: الأمراض النفسية

وهي في الغالب اضطرابات سلوكية أو عاطفية، ويصاب بها نسبة كبيرة من الأشخاص في مختلف المراحل العمرية بدرجات متفاوتة، أي أن جملة "كلنا مرضى نفسيون" تحمل قدرًا كبيرًا من الصحة.

كيف تحدث الأمراض النفسية؟

تحدث الأمراض النفسية نتيجة التعرض لصدمات عاطفية أو ضغوط من خلال التعامل مع المحيطين والمواقف اليومية، ما يؤثر سلبًا على إحساس المريض بالأشياء من حوله، ويؤثر على سماته الشخصية، كأن يشعر بفقدان الثقة بالنفس، أو الحزن الشديد، أو القلق المستمر، ولا علاقة للأمراض النفسية بكيمياء المخ أو الأعصاب، ومن الأمراض النفسية الشائعة الخوف الشديد أو الرهاب، القلق، الهلع، الحزن الشديد، نوبات الغضب، السلوك العدواني والعنيف.

هل يدرك المريض النفسي أنه يحتاج للدعم؟

يستطيع المريض النفسي إدراك أنه يعاني من مشكلةٍ ما، ما قد يساعده على طلب الدعم من المتخصصين، ولا يمثل المريض النفسي في معظم الأحيان خطورة على المحيطين به ولا على نفسه إلا في الحالات المتأخرة، وقد يحتاج المريض النفسي إلى أدوية علاجية، أو جلسات نفسية، أو كلاهما، الأمر الذي يحدده الطبيب بحسب مدى تقدم الحالة.

الأمراض العقلية الوراثية

للأسف، فإن نسبة كبيرة من الأمراض العقلية تورث، مثل الاكتئاب، الفصام، الاضطراب ثنائي القطب، وغيرها، خاصةً من أقارب الدرجة الأولى، ومن هذه الأمراض:

  1. الاكتئاب: على سبيل المثال إذا كان أحد التوائم المتطابقة يعاني من الاكتئاب، فإن الآخر لديه فرصة تصل لـ 70% للإصابة بالمرض في أي مرحلة من حياته، والعامل الوراثي لا يمكن منعه، ولكنه قد ينبه الشخص لاحتمالية إصابته، ما يساعد على الاكتشاف المبكر واتخاذ خطوات سريعة في العلاج.
  2. الفصام: غالبًا ما ينتشر مرض الفصام في العائلات، ولكن لا يُعتقد أن هناك جين واحد مسؤول عن انتقاله، ولكن مجموعة مختلفة من الجينات تجعله يورث بنسب متفاوتة، ومع ذلك، فإن وجود هذه الجينات لا يعني بالضرورة أن الشخص سيُصاب بالفصام، فعلى سبيل المثال في التوائم غير المتطابقة (الذين لديهم جينات مختلفة) عندما يصاب أحدهما بالفصام، يكون لدى الآخر فرصة واحدة من ثماني فرص فقط لتطوير الحالة، إذ يتأثر الأمر بالعوامل البيئية والنفسية أيضًا وليس بالجينات فقط.
  3. الوسواس القهري: وهو واحد من الأمراض التي تجمع بين سمات الأمراض النفسية والعقلية، ففي كثير من الأحيان يحدث نتيجة تغير في كيمياء المخ، وفي أحيان أخرى يحدث نتيجة عوامل بيئية أو التعرض لسلوك نفسي شديد، وهو من الأمراض التي يمكن أن تنتقل بالوراثة أيضًا.

الأمراض النفسية الوراثية

على الرغم من أن الأمراض النفسية لا تحدث بسبب تغير في كيمياء المخ، وفي معظم الأحيان تكون اضطرابات سلوكية مكتسبة ومعظمها لا يُورث، فلا يعني إصابة الأب بالقلق الشديد أو نوبات الهلع أن يُصاب الإبن بها، فلا يوجد جين للخوف أو القلق يُورث من جيل لآخر، فالدراسات الحديثة وجدت أن بعض هذه السلوكيات، كالخوف والهلع والرهاب (الفوبيا: مثل الخوف من المرتفعات، الألم، الحيوانات، وغيرها)، يمكن أن تكون صفات موروثة بشكلٍ ما، إذ تؤثر الجينات المسؤولة عن الناقلات العصبية التي نورثها من آبائنا على ردود أفعالنا بدرجات متفاوتة، ولكن يعتمد الأمر على تاريخنا، وعلى الأحداث التي تثير المخاوف لدينا ومدى قوتها، وعلى البيئة المحيطة بنا، أي باختصار، يمكن القول إن الأمراض النفسية قد تورث بدرجات متفاوتة، ولكن ليس بالضرورة أن يحدث هذا.

في النهاية، فإن معرفة الفرق بين الأمراض النفسية والعقلية أمر بالغ الأهمية، خاصةً إذا كان هناك تاريخ عائلي لمرض عقلي، وبصفة عامة فإن كلاهما أمراض مثل الأمراض الجسدية لا تستدعي الخجل، ويساعد طلب الدعم من المحيطين والمتخصصين بشكل كبير في العلاج واستعادة نمط الحياة الطبيعي، سواء للمريض العقلي أو النفسي.

هل أنت ربة منزل وأم لأطفال صغار؟ هل يسبب تحمل المسؤولية الزائد في شعورك بالقلق الدائم والاضطرابات النفسية؟ "سوبرماما" تدعمك في قسم صحة.

عودة إلى صحة وريجيم

سارة أحمد السعدني السعدني

بقلم/

سارة أحمد السعدني السعدني

سارة أحمد السعدني تخصص كيمياء حيوية وميكروبيولوجي، تخرجت في جامعة عين شمس كلية العلوم بتقدير جيد جدًا، وحصلت على دبلومة التحاليل الطبية، عملت كمساعد باحث في المركز القومي للبحوث لمدة عام، واتجهت للكتابة في المحتوى الطبي منذ ثمانِ سنوات وكتبت ما يزيد عن 500 مق...

موضوعات أخرى
علامات تخبرك بحب زوجك لكِ
Share via WhatsappWhatsapp IconSend In MessengerMessenger IconShare via FacebookFacebook Icon