تعريف الأمراض النفسية
- لقد كان الطب عبر التاريخ محاطاً بشيء من الأساطير والخرافات، وإذا كان هذا الأمر كذلك فإن أكثر ما يتجلى هذا الأمر في مجال الأمراض العقلية والنفسية. ولا يزال هناك الكثير من العقبات التي تعترض طريق من يحاول استيعاب مظاهر أمراض الدماغ، والأمراض النفسية بشكل عام.
- وإنه لشيء مدهش يشهد بعظمة الخالق حيث إن كل ما نقوله أو نفكر فيه أو نشعر به، ليمر عبر هذا العضو الذي هو الدماغ. ولكنه شيء مدهش أكثر، عندما نرى مظاهر اضطراب وظائف هذا العضو، من خلال التفكير، أو المشاعر أو السلوك.
- فمن السهل على الإنسان أن يفهم الأمراض العضوية من التهابات وجروح، وكسور بشكل أسهل من فهم الأمراض النفسية. وكذلك يستطيع الإنسان أن يشعر بشعور المصاب بالتهاب أو كسر، فهذا المريض ما هو إلا «مثلي»، ولكن يصعب على الإنسان أن يعتبر نفسه مثل المصاب بالأمراض النفسية، ولذلك يشعر الكثير من المرضى النفسيين بالعزلة عن بقية الناس بسبب مرضهم، وبسبب موقف الناس منهم. وحتى قد يعاني البعض منهم من سوء المعاملة من جراء اختلافه عن الآخرين.
من هم المرضى النفسيون
- هناك عدة طرق ومدارس للإجابة عن هذا السؤال. وقد تكون بعض هذه المدارس أرقى وأفضل من غيرها بالنسبة لبعض الحالات دون غيرها. فالمرض النفسي يلاحظ عادة من خلال سلوك المصاب، أو دلائل مشاعره وتفكيره، أو في أسلوب نظرته للعالم من حوله، أو كل هذه الأمور مجتمعة.
- وليس لدى الطبيب النفسي وسيلة للدخول إلى عقل المصاب ليؤكد تشخيصه للمرض. ولكن المرض النفسي يتوقع عادة عندما يختل واحد من ثلاثة جوانب في حياة الإنسان النفسية، وتصبح غير «طبيعية» أو غير «صحية»
وهذه الجوانب هي:
- التفكير.
- المشاعر.
- السلوك.
ويمكن أن نعرّف المرض النفسي بأنه:
«حالة نفسية تصيب تفكير الإنسان أو مشاعره أو حكمه على الأشياء أو سلوكه وتصرفاته إلى حد تستدعي التدخل لرعاية هذا الإنسان، ومعالجته في سبيل مصلحته الخاصة، أو مصلحة الآخرين من حوله.»
وهناك أمور قد تصيب الإنسان لحد ما دون أن تعتبر علامة لمرض نفسي معين، وإن كان يشير بعضها مجتمعة إلى أن هذا الإنسان قد يحتاج إلى المساعدة.
ومنها:
- أن يصيب الشخص تغير عقب حادثة مفجعة لمدة أطول مما يعتبر عادياً.
- أن يتغير الإنسان في سلوكه أو علاقاته بشكل شديد، أو طويل الأمد مسبباً له معاناة وألماً.
- تمر بالإنسان مشاعر غير اعتيادية من الصعب عليه أن يعللها أو يفهمها ويجد صعوبة في شرحها للآخرين.
- حدوث تغيير في الإنسان بحيث يحدث اضطرابات لديه، أو معاناه الآخرين من حوله.
- حدوث تغيير في الإنسان من الصعب ربطه أو فهمه في ضوء الأحداث الجارية من حوله.
- حدوث صعوبات في إقامة علاقة طبيعية مع الآخرين، وفي الإستمرار في هذه العلاقات. (اقرأي أيضا : أعراض فيروسات الروتا و أنفلوانزا الطيور و كورونا )
وهناك قلة من الناس لا يعتقدون مطلقاً بمفهوم المرض النفسي ولا يرون أن مظاهر اضطراب المصابين علامات «لمرض»، وإنما هي أساليب متوقعة لسلوك بعض الناس في صراعهم مع ظروف معيشية وحياتية معينة.
الأمراض النفسية ومدى انتشارها
- إن تقديرات نسبة الإصابة تتفاوت من مكان لآخر ولعوامل متعددة وبسبب قلة الدراسات الطبية الإحصائية في البلاد العربية والإسلامية، فإن الإنسان لا يستطيع أن يعطي إجابة شافية عن قضية إنتشار الأمراض النفسية في بلادنا. وإذا سمعنا بنتائج الدراسات الغربية والدولية، فيمكن أن نقول أن هناك تقديرات عامة تقول بأن امرأة من كل خمس أو ست نساء، وكذلك رجل من كل تسعة أو عشرة رجال، قد يحتاجون لمساعدة اختصاصية بسبب مرض أو حالة نفسية في مرحلة ما من مراحل حياتهم. وقد وجدت بعض الدراسات أن عشرة بالمئة من الذين يراجعون عيادات الطبيب العام لديهم إصابات نفسية، ويقدر أن شكاوى ثلث زوار العيادات الطبية عبارة عن شكاوى وثيقة الصلة بالمشكلات النفسية والعاطفية.
- ويقدر بأن أسرة من كل خمس أسر في المجتمع قد يصاب أحد أفرادها بمرض نفسي، ولذلك فهناك احتمال كبير أننا في مرحلة من مراحل حياتنا قد نصاب نحن أو غيرنا من العائلة، أو أحد معارفنا أو أصدقائنا بمرض من الأمراض النفسية
الطبيب النفسي وفريق العمل
إن الطبيب النفسي هو الطبيب المتخصص في الأمراض العقلية والنفسية بالإضافة إلى إلمامه بالأمراض العصبية والأمراض العامة.
وقد تعددت فروع تخصصات الطب النفسي في السنوات الأخيرة. ومن هذه التخصصات:
- الطب النفسي العام، ويهتم بالأمراض عند البالغين. (اقراي أيضا : طرق عملية للتغلب على الاكتئاب )
- الطب النفسي عند الأطفال والمراهقين.
- الطب النفسي القضائي والقانوني، عندما يترافق المرض النفسي مع مشكلة قضائية.
- الطب النفسي والتحليل النفسي.
- الطب النفسي للإدمانات (المسكرات والمخدرات).
- الطب النفسي للتخلف العقلي.
- الطب النفسي في المستشفى العام، سواء أكان القسم الداخلي أو الجراحي.
- الطب النفسي الإجتماعي، وهو يهتم برعاية المريض النفسي في المجتمع مع تأمين الخدمات اللازمة.
فهناك عدد من العاملين الإختصاصيين الذين يعملون مع الطبيب النفسي، كفريق واحد يهدف إلى الفهم الشامل للمريض وظروف حياته، ومساعدة هذا المريض على الحياة الإنسانية الكريمة وهو في مجتمعه وبين أهله قدر الإمكان.
ومن هؤلاء الذين يعملون في هذا الفريق:
- الباحث النفسي، والذي يمكن أن يقوم بإجراء بعض الإختبارات النفسية، أو يساهم في وضع ومتابعة تطبيق برامج المعالجات السلوكية.
- الباحث الإجتماعي: والذي يساعد المريض على حل بعض المشكلات العملية في المجتمع، من توفير السكن المناسب وتأمين الدعم المطلوب من الأسرة، أو البحث عن عمل مناسب لهذا المريض، أو الحصول على المساعدة المالية من الجهات الرسمية الحكومية.
- الممرض الإجتماعي، وهو الذي يزور المريض في منزله ليتابع معالجته من خلال التأكد من تناوله الدواء، أو بإعطائه الحقنة الدوائية الموصوفة من قبل الطبيب.
- المعالج المهني، وهو الذي يشرف على ورشات التدريب والعمل الخاصة التي يحضرها المريض ليتلقى التدريب المهني المناسب، وقضاء بعض وقته بالعمل الإيجابي النافع
.إقرأي في الجزء الثاني تعريف الطب النفسي وتاريخه.