التعدي والإيذاء الذي يمارسه كثير من الأطفال على زملائهم في الحضانات والمدارس والذي يُعرف باسم التنمر (bullying) بالإنجليزية، لم يعُد محصورًا في مجتمعات بعينها، بل أصبح موجودًا على مستوى جميع الطبقات الاجتماعية باختلاف أشكاله وأنماطه. وللأسف لم يعد التنمر مقصورًا كذلك على العنف الجسدي كالضرب، بل امتد تعرض الطفل للتنمر اللفظي من خلال الإيحاءات والإيذاء النفسي، ما يدفع الأطفال في بعض الأحيان إلى إيذاء أنفسهم والانتحار.
تعرض الطفل للتنمر
التنمر هو سلوك عدواني يقوم به مجموعة من الأطفال نحو بعض زملائهم من الفئة العمرية نفسها أو أصغر. وعادة ما ينتج التنمر عن انعدام توازن القوى بين هؤلاء الطلاب، وعادة ما يكون سلوكًا متكررًا ويحدث أكثر من مرة.
أشكال التنمر عند الأطفال
التنمر اللفظي
- الإغاظة.
- التنابز بالألقاب (الاستهانة والتحقير).
- التهديد والتخويف.
- التعليقات الجنسية غير اللائقة.
- السخرية.
التنمر الاجتماعي
- تجاهل شخص عن عمد.
- إقناع الآخرين بالابتعاد عن شخص ما.
- إخراج شخص ما على الملأ.
- إطلاق الشائعات.
التنمر الجسدي
- الضرب بجميع أشكاله.
- البصق.
- دفع الآخرين.
- أخذ أغراض الآخرين عنوة.
علامات التنمر
إذا كنت لا تعرفين ما إذا كان طفلك يتعرض للتنمر أم لا، فهناك بالتأكيد بعض العلامات التي ستظهر عليه، ومنها:
- الحزن والوحدة وعدم الرغبة في الاختلاط مع الآخرين.
- الاكتئاب والقلق الزائد عن اللزوم.
- تغير كبير في عادات النوم وتناول الطعام والاهتمامات الشخصية والأنشطة التي يعتاد ممارستها.
- انخفاض المستوى الدراسي والعلمي عن الطبيعي، وعدم رغبته في الذهاب للمدرسة.
- ظهور بعض الشكاوى الجسمانية التي لا يوجد لها تاريخ من قبل مع طفلك، فهناك احتمال كبير أن يتأثر جسم طفلك بحالته النفسية. ولا يستطيع الأطباء في كثير من الأحيان تشخيص المرض العضوي ويتجاهلونه، أما أنتِ فلا تتجاهلي أي ألم يخبرك به طفلك مهما كان.
أسباب انتشار التنمر عند الأطفال
الطريقة التي يتعامل بها بعض أفراد المجتمع مع المضايقات التي يتعرض لها الطفل في المدرسة والنادي والشارع، جعلت التنمر أمرًا طبيعيًّا ومسموحًا به، متجاهلين الآثار النفسية السيئة التي تترتب عليه طوال حياة هذا الطفل، فكثير ممن يبررون هذه الأفعال يقولون عبارات، مثل:
- المضايقات والأذى جزء أساسي من المراحل التي يجب أن يمر بها الطفل.
- التنمر يساعد الأطفال على مواجهة قسوة العالم والمشكلات التي سيواجهونها مستقبلًا.
- التنمر يساعد الأطفال على اكتساب القوة والتخلص من الخوف.
وغيرها كثير من العبارات التي لا أساس لها من الصحة، بل على العكس هي دليل يثبت مدى التأثير السلبي الذي تتركه هذه الجريمة على نفسية الطفل. وكثير من الآثار السلبية تكون مدمرة وغالبًا ما تستمر لفترة طويلة، وتسبب في إخراج العديد من الأفراد البائسين الذين يعانون من خلل نفسي طوال حياتهم.
ورغم انتشار ظاهرة التنمر بين الأطفال على هذا النحو، فإن له آثارًا جسيمة على صحة الأطفال النفسية والجسمانية.
ما هي آثار التنمر؟
- فقدان الثقة بالنفس.
- فقدان القدرة على التعبير عن المشاعر.
- الميل للعزلة والوحدة وقلة التواصل الاجتماعي الناتج عن الخوف من التعرض لأذى ومضايقات جديدة.
- تحقيق إنجازات أكاديمية وعلمية وعملية أقل من غيرهم، رغم تميزهم وتوافر الإمكانيات لديهم لتحقيق ذلك.
- عدم القدرة على تكوين علاقات صحيحة وسوية مع الأشخاص في المستقبل، سواءً في العمل أو الصداقة أو الزواج.
- الميل للعنف والأذى والألفاظ البذيئة الذي يمارسه على من هم أضعف منه، لتعويض النقص الموجود داخله.
- الميل للانتحار وإنهاء الحياة البائسة التي أُجبروا على الوجود فيها، فهم يشعرون بأنهم وحدهم ولا يوجد من يشعر بهم وبمعاناتهم.
كيف أحمي طفلي من التنمر؟
عرفي طفلك ما هو التنمر
من أكثر الأخطاء التي تقع بها هي الأمهات هي أنها تقدم العالم لأولادها باعتباره عالمًا مثاليًّا، ولكنهم سرعان ما يكتشفون أن الواقع غير ذلك. وهذا ما قد يصيبهم بالإحباط سريعًا جراء ما يواجهونه. لذا يتعين عليك أن تشرحي لطفلك مفهوم التنمر وأنه لا يختلف عن المشاجرات والمجادلات التي يدخل فيها يوميًّا مع رفاقه، والتنمر في المقابل هو سلوك مؤذٍ يفعله شخص ما على نحو متكرر، ظنًّا منه أنه أفضل من البقية ولكنه ليس كذلك.
عملي طفلك كيفية التعامل مع الطفل المتنمر
حتى إذا لم تتحدثي مع طفلك حول التنمر من قبل، إذا لاحظت بعد التغيرات في سلوكه تعكس تعرضه للتنمر، تحدثي معه حول الأمر وأخبريه بكيفية مواجهة المتنمرين كما يلي:
- اذهب إلى المعلم أو المعلمة وأخبرها بما يفعله هذا الشخص.
- الجأ لشخص كبير واطلب مساعدته لمواجهة الأمر، إذا لم تكن المعلمة موجودة أو كان ذلك خارج إطار المدرسة.
- أكدي له أن شعوره بالغضب في هذه الأحيان طبيعي وأن من حقه أن يغضب، ولكن فهميه أيضًا أنه من الضروري ألا يجعل الغضب يتحكم فيه وأن يكظم غيظه حتى لا يتورط في مشكلة أكبر مع زملائه.
- ساعديه على أن يكون على أتم الاستعداد لمثل هذه المواقف، حضري معه ردًّا مناسبًا لهذه المواقف. وأكدي له ضرورة أن يرد بصوت واثق قوي، فالرد بصوت خائف ومهزوز يشجع المتنمر على الاستمرار في فعله.