بينما يعتقد كثير من الناس أن أعراض ضيق التنفس تعني دائمًا وجود مشكلة جسدية، في الواقع تؤثر صحتك النفسية في صحتك الجسدية بعدة طرق، فيمكن مثلا أن يسبب القلق أعراضًا جسدية عديدة أحدها ضيق التنفس. في موضوعنا نتعرف إلى ضيق التنفس النفسي، وكيف يمكننا تمييزه عن ضيق التنفس العضوي، وكيف يمكننا علاجه.
ما هو ضيق التنفس النفسي؟
القلق استجابة الجسم الطبيعية للخوف، يُعرف هذا باسم استجابة القتال أو الطيران، ويعني أن الجسم يتفاعل بطرق جسدية وعقلية وكأنه يعدك إما للقتال وإما الهروب. ضيق التنفس إحدى تلك الاستجابات، قد تشعرين أنك لا تستطيعين التقاط أنفاسك، أو تشعرين بضيق في صدرك وكأنك تختنقين.
أظهرت الدراسات وجود علاقة قوية بين القلق وأعراض الجهاز التنفسي، بما في ذلك ضيق التنفس. تشمل الأعراض التي يمكن أن تحدث في أثناء الاستجابة للقلق ما يلي:
- سرعة التنفس (فرط التنفس).
- ضيق الصدر.
- ضيق التنفس أو الشعور بالاختناق.
- الشعور وكأن لديك كتلة في حلقك.
- شد عضلي.
- خفقان القلب (يبدو وكأن ضربات قلب أقوى وأسرع).
- الشعور بالإغماء أو الدوار أو عدم الثبات.
- الغثيان أو عدم الراحة في المعدة.
- الأرق أو التهيج أو الشعور بالضيق.
يحدث ضيق التنفس والتنفس السريع لأن جسمك يحاول إيصال مزيد من الأكسجين إلى عضلاتك، لإعدادك للجري، ويزيد معدل ضربات قلبك وقد تشعرين بالحرارة مع زيادة ضخ الدم إلى عضلاتك، مما يعدك للقتال. كل هذه الأعراض استجابات طبيعية للجسم مصممة لإنقاذ حياتك.
بالتأكيد، لا تعني" استجابة القتال أو الطيران" أن جسدك سيقوم بها فقط في هاتين الحالتين، ربما يتفاعل جسمك بهذه الطريقة في أثناء رحلتك إلى متجر البقالة المزدحم، أو مرورك بموقف مثير للقلق مثل مقابلة عمل أو غيرها.
الفرق بين ضيق التنفس النفسي والعضوي
قد يكون من الصعب معرفة ما إذا كان القلق أو مشكلة صحية أخرى هي المسؤولة عن أعراض ضيق التنفس، خاصة عندما تكون الأعراض شديدة. يعد ضيق التنفس أحد الأعراض التي قد يعاني منها المصابون بالقلق، ولكن ليس كل من يعاني من القلق يعاني من صعوبة في التنفس، وليس كل من يعاني من ضيق التنفس يكون سببه نفسيًا. إلى جانب الأعراض التي ذكرناها في الفقرة السابقة يمكن أن يسبب القلق مجموعة من الأعراض الجسدية والنفسية الأخرى التي تشمل:
- جفاف الفم.
- زيادة معدل ضربات القلب.
- الدوخة.
- التعرق.
- القشعريرة.
- الغثيان.
- الإسهال.
- ألم الصدر.
- الخوف من فقدان السيطرة.
- الشعور بالتوتر أو الإحباط.
- أفكار مخيفة أو صور ذهنية أو ذكريات.
- ضعف التركيز.
- ضعف الذاكرة.
- صعوبة الكلام.
يشخص الأطباء اضطراب القلق العام باستخدام معايير من الإصدار الخامس من الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية، لا يعد ضيق التنفس أحد هذه المعايير ولكنه يمكن أن يحدث مع اضطراب القلق العام.
قد يعاني المصابون باضطراب الهلع أو نوبات الهلع من ضيق في التنفس أيضًا، وهو أحد الأعراض التي يستخدمها الأطباء لتشخيص اضطراب الهلع. تسبب نوبات الهلع أعراض القلق الشديد، مثل الشعور بالهلاك أو الخوف من الموت، ويمكن أن تشبه أعراضها الأخرى أعراض النوبة القلبية.
لتحديد سبب ضيق التنفس، يحتاج الأطباء إلى استبعاد الأسباب الجسدية، مثل الربو أو مشكلات الرئة أو مشكلات القلب.
علاج ضيق التنفس النفسي
عندما تعانين من ضيق في التنفس ناتج عن نوبة قلق، قد يبدو من غير المنطقي أن تنفسك هو ما يجب التركيز عليه، ولكن الحقيقة أنه من خلال تركيزك على تنفسك، يمكنك التحكم فيه وإدخال الكمية المناسبة من الأكسجين إلى رئتيك. يوصي الخبراء بممارسة التنفس البطني، وهي إحدى تقنيات التنفس التي تستخدم الحجاب الحاجز -الحجاب الحاجز هو أكثر عضلات التنفس كفاءة لدينا- أنت تتنفسين بشكل عام من فمك أو صدرك بما في ذلك أوقات نوبات ضيق التنفس، بينما يمكن للتنفس البطني أو الحجابي أن:
- يبطئ معدل تنفسك.
- يقلل من الحاجة إلى الأكسجين.
- يحتاج إلى جهد وطاقة أقل للتنفس.
لممارسة التنفس البطني:
- اجلسي بشكل مريح على كرسي أو استلقي على سطح مستوٍ، مثل سريرك، مع دعم رأسك.
- ضعي إحدى يديك على أعلى صدرك والأخرى أسفل القفص الصدري، سيتيح لك ذلك الشعور بحجابك الحاجز بشكل أفضل في أثناء التنفس.
- تنفسي ببطء من أنفك حتى تتحرك معدتك للخارج مقابل يدك.
- شدي عضلات بطنك. اسحبيها إلى الداخل وأنت تزفرين من خلال أنفك أو فمك (حسب الأسهل بالنسبة لك).
- استمري في ذلك لمدة 5 إلى 10 دقائق في اليوم.
كلما تمكنت من إبطاء الأحاسيس الجسدية خلال فترات القلق الشديد، زادت قدرتك على استخدام عقلك لتقييم ما يجري. يمكنك أيضًا تجربة إحدى تقنيات تخفيف القلق التالية:
- المشتتات الواعية: ابحثي عن شيء يصرف عقلك عن الذعر لمساعدتك على الهدوء، حاولي وصف الأشياء من حولك للحفاظ على تركيزك على شيء آخر، مثلًا ما لون أريكتك؟ وما شكلها؟
- التحدث إلى نفسك: الآن بعد أن عرفت أن هذه الأعراض جزء من استجابة جسمك التلقائية، ذكري نفسك بذلك، في لحظة الذعر أو القلق، قولي لنفسك "لا أستطيع التنفس لأن جسدي يحاول الحصول على مزيد من الأكسجين، أنا بخير، وقلبي على ما يرام"، التحدث إلى نفسك بعقلانية يمكن أن يخرجك من القلق.
- ممارسة الرياضة: قد يبدو من الغريب أن تمارسي الرياضة في خضم نوبة القلق، لكن الجري السريع أو الرقص لإنفاق بعض هذه الطاقة المتراكمة قد يفيدك فعلًا، يستعد جسمك للجري على أي حال، يمكنك الاستفادة من ذلك!
- العناية بالنفس: اشربي شاي الأعشاب (لكن تجنّب الشاي المحتوي على الكافيين، إذ يمكن أن يزيد القلق)، أشعلي شموعًا برائحة لطيفة، اكتبي مشاعرك، شغّلي بعض الموسيقى الهادئة.
- صدم نفسك: عن طريق غمس وجهك في وعاء من الماء المثلج، هي في الواقع تقنية يوصي بها المعالجون للمساعدة على إخراجك من دوامة التفكير.
ختامًا، وبعد معرفتك بما هو ضيق التنفس النفسي، إذا لاحظت ضيقًا في التنفس قبل التعرض لنوبة فزع كاملة، فتعلمي كيفية التعرف إليها ولا تتجاهليها، ابدئي بالتركيز على تنفسك قبل أن يتفاقم القلق، وللاستراتيجيات طويلة المدى، ضعي في اعتبارك زيارة متخصص في الصحة العقلية، يمكنه تقييم احتياجاتك وتعليمك آليات التكيف المناسبة لك، وقد تساعدك أيضًا ممارسة تمارين التنفس اليومية، أو تمارين اليقظة، أو ممارسة اليوجا المهدئة.
لمعرفة مزيد عن صحتك والعناية بها، زوري قسم الصحة على "سوبرماما".