محاولات تصدير الطاقة السلبية واحدة من أغرب الظواهر غير المفهمومة بالنسبة لي تمامًا، حتى هذه اللحظة، تعبر الحامل عن إحساسها بالإرهاق فيرد البعض: انتي لسه شوفتي حاجة؟! تشتكي من عدم قدرتها على النوم، ليكون الرد: الحقي نامي دلوقتي، بكرة تنسي النوم وأحلامه!
وبعد أن يصل المولود، ما إن تعبر الأم عن إرهاقها واحتياجها للراحة أو التغيير، تجد عبارات من نوع: "أومال انتي فاكرة إن التربية سهلة؟، أومال إحنا استحملنا قد إيه عشان تكبروا، متستعجليش كل ما ابنك بيكبر كل ما مشاكله بتكبر معاه، انتي فاكرة إنك هترتاحي؟!"...
الحقيقة أنني بعد تفكير طويل، وجدت أن مُصدري الطاقة السلبية عادة ما يكونون في انتظار اللحظة المناسبة، ليستطيعوا الانقضاض ونشر كل ما يملكون من هذه الطاقة، وأن أغلب هذه الطاقة تكون ناتجة عن عدم تصالح أو إحساس بالراحة، لأنك تواجه صعوبات سبق وأن عاشها أصحاب هذه الطاقة وهذا وحده مريح بالنسبة لهم من منطلق "كلنا في الهوا سوا".
اقرئي أيضًا: لماذا يستيقظ رضيعي أكثر من مرة ليلا؟
المشكلة الحقيقية أن مُصدري هذه الطاقات لا يفكرون ولو للحظات في اختلاف ظروف كل شخص عن الآخر أو التجربة التي مر بها، إذا كان النوم سهلًا قبل الولادة للبعض، فالبعض الآخر لا يستطيع النوم وهذا يُقاس على كل المواقف.
الأم وهي تُعبر عن إحساسها لا تحتاج هذا الكم من الهموم، التي تكون بانتظارها، لأنها ما زالت في نفس المشكلة، ولا تريد في هذا الوقت ألا تتخطى المرحلة دون وضع سيناريوهات سيئة أو سوداء لما ينتظرها.
للأسف مجتمعنا لا يعرف أو يتقن فن الاحتواء، ولكنه يلجأ للحلول التي اعتاد عليها وإلقاء العبارات القديمة والمتوارثة منذ سنوات.
احتواء الأم يمكن أن يكون بحضن أو مجرد الاستماع للفضفضة والهدوء دون المقاطعة، لإظهار تقصير أو عدم فهم الأم مثل عبارة: "انتي عودتيه على كده.. أنا قلت لك".
كأمهات نفتقد جدًا المساندة وإظهار الاهتمام حتى لو بالاطمئنان دون إبداء الآراء وإظهار المشكلات التي تقوم بها الأم لجهلها أو عدم فهمها.
اقرئي أيضًا: بالصور.. كيف تلاعبين صغيرك في عامه الاول؟
تصدير هذا الكم من الطاقات لا يساعد في حل المشكلة التي تحكي عنها الأم ولكنه يحملها عبء آخر، وتبدأ تقبل أفكار سلبية، بأنه لا يوجد حل وأن عليها تقبل الوضع، كما هو طالما الكل يؤكد نفس الكلام، وعدم التفكير في اختلاف ظروف كل شخص عن الآخر واحتياجاته وقوة تحمله، فأنا مثلًا كان حملي صعبًا جدًا، واستدعى ترك عملي للراحة التامة وما زالت متفرغة لرعاية رضيعي حتى يتم عامه الأول وأبدأ البحث عن وظيفة جديدة.
فإن هذا لا يعني أنني أم غير مثالية، ولكنني بحاجة لاسترجاع أي شيء من حياتي وأسعى لتجديد طاقتي، ربما يعتبر البعض هذا تقصير في حق الصغير والبيت، ولكنهم لا يدركون مدى تأثير هذا الأمر عليّ ولأكون أمًا أفضل وأقضي أسعد أوقاتي مع صغيري، بدلًا من الإحساس بالملل وهيستريا التركيز في كل التفاصيل فيما يتعلق بالمنزل أو بالصغير.
خبرتي البسيطة علمتني عدم إبقاء أي تأثير للطاقات السلبية داخلي، وهذا بمبدأ "اسمع وطنش"، حتى لا تضيع طاقتي في محاولات الحصول على أي نوع من أنواع المساندة الحقيقية، وأيضا معرفة الأشخاص المناسبين للفضفضة وهو أمر مهم جدًا ويجنب العديد من المشكلات.
في النهاية، نصيحتي أن يكون الرد على أي تعليق سلبي: "شكرًا، أرجوكِ ابتعدي".