وأنتِ تحملين رضيعك الجميل ذا الملامح البريئة، بالتأكيد شممتِ رائحته المذهلة وهو بين ذراعيكِ، وانتابكِ في ذلك الوقت شعورًا بالتهامه، جعلكِ تنهالين عليه بقبلات كثيرة متتالية في لهفة، وغمركِ أيضًا شعورًا بالاسترخاء واللذة، فأجبركِ على أخذ نفسٍ عميق وطويل لتشمي فيه رائحته، فتذهبين إلى عالم آخر.
أعرف جيدًا قوة هذه الرائحة الرائعة، فهي إدمان بالنسبة لي، فأنا أفعل ذلك مثلكِ أيضًا مع أطفالي إذ إن رائحتهم الجميلة تُذيبني فيهم، وتجعلني أشعر بالألفة والمتعة.
يقول الباحثون إن هذه الرائحة المثيرة، هي تكتيك بيولوجي بريء مهمته جذب من هم أكبر سنًا واللعب على عواطفهم، فتجعلنا نقع على الفور في حالة حب مع هذه المخلوقات البريئة، وتُثير في داخلنا رَغبة مجنونة كتقبِيلهم مئة قُبلة، وخصوصًا الأم، فتدفعها هذه الرائحة لحمله واحتضانه وتقبيله باستمرار.
وأثبتت العديد من الدراسات أن عدم حمل الطفل ولمسه، يؤدي إلى إصابته بأمراض ومشكلات سلوكية تؤثر على صحته النفسية في المستقبل، إذ إن الطفل يحتاج إلى قسط معين من الحنان اليومي، لأنه يعد من العوامل المهمة لتقوية التواصل بين الأم وطفلها، فبشكل غريزي بغض النظر عن الدراسات والأبحاث تحمل الأم طفلها بكل حب وتحضنه وتضمه إلى صدرها.
وأحب أن أنبهك للفترات التي يكون فيها طفلكِ في حالة تؤهله لاستيعاب حنانك وتذوقه، حينما يستيقظ من نومه، بعد إتمام رضعته، بعد تحميمه وتغيير حفاضه، في أثناء سكوته لا بكائه.
وحين يكبر طفلكِ وتختفي هذه الرائحة قليلًا، يغيّر هذا التكتيك ويذهلكِ بابتسامته الرائعة التي تُذيب قلبكِ، فيدفعكِ لحمله واحتضانه واللعب معه، لكن في حقيقة الأمر، هو لا يعرف أنكِ التي تحتاجين لحضن طويل منه تتنفسين فيه رائحته، وتقبلين باطن يديه، فيمدكِ بالحب الذي لا ينتهي.