الضغوط النفسية جزء أساسي من حياتنا اليومية، ودونها تفقد الحياة معناها، لأنها أحيانًا تكون الوسيلة الأكثر فاعلية لتحقيق النجاح والتقدم إلى الأمام، ولكن بعض هذه الضغوط قد يجعلكِ تفقدين توازنكِ وقدرتكِ على التحكم في حياتك، أو قد يصل الأمر لإصابتكِ بالاكتئاب، وهو ما يحتاج منكِ إلى التعامل معها بطريقة إيجابية، ودرجة كبيرة من الوعي، حتى يمكنكِ تخطيها دون أن تترك أثرًا بالغًا في نفسك. في هذا المقال نقدم لكِ بعض النصائح التي ستفيدكِ في التعامل مع الضغوط النفسية في المنزل والعمل وغيرهما، بالإضافة إلى كيفية الحفاظ على سلامك النفسي.
التعامل مع الضغوط النفسية في المنزل
مهما كانت درجة التفاهم بينكِ وبين أفراد أسرتكِ، تظل الخلافات والمشادات والضغوط أمرًا لا مفر منه، سواء نتيجة خلافات فكرية، أو الخلاف حول مصروف البيت، أو حتى مشاحنات نتيجة المسؤوليات اليومية. من الطبيعي أن تتأثري ولو بقدر بسيط بهذه الضغوط، خاصةً إذا لم تستطيعي التخلص من المشاعر السلبية العالقة بنفسكِ بعدها، لذا وحتى لا تتحول لمصدر لاكتئابك وشعورك بالإحباط، فاكتشفي فيما يلي طريقة التعامل مع الضغوط النفسية داخل المنزل أولًا:
- حددي مصدر الضغط: الخطوة الأولى لتتعاملي مع الضغوط النفسية تحديد مصدرها، اكتشفي ما الذي يوتركِ على مدار اليوم، فيمكن أن تكون أعمال المنزل، أو تربية الأولاد، أو سلوكيات المحيطين بكِ، أو الخلافات العائلية، دوني كل ما يسبب لكِ الضغط والتوتر، حتى يمكنكِ تحديد طريقة التعامل مع كل منها.
- اتبعي طريقة مناسبة لتخفيف التوتر: بعد أن دونتِ الأشياء التي تصيبك بالضغط والتوتر، رتبيها بحسب شدتها، واكتبي كيف تؤثر فيكِ عاطفيًّا وجسديًّا، ورد فعلك على كل منها، ووجهة نظرك حول طريقة تخفيف الضغط الذي تتسبب فيه، على سبيل المثال: إذا كانت أعمال المنزل أكثر الأشياء التي تصيبك بالضغط، وتشعركِ بالتعب الجسدي، والتوتر النفسي، عندما تشعرين بالتقصير، أو لا تكملين مهامك اليومية، فكري في بعض الحلول، كـ أن يشاركك زوجك المسؤوليات، وكذلك أطفالك، أو أن تستعيني بأحد ليساعدكِ في أعمال المنزل بأجر، وهكذا اكتبي كيف يمكنكِ تخفيف توترك، وتحسين حالتك النفسية.
- تعلمي أن تقولي "لا": تقبل المزيد من المسؤوليات بسبب العلاقات الاجتماعية أو الأسرية، أو حتى بسبب الحرج، قد يزيد من اكتئابك وتوترك، عندما تقفين عاجزة عن إكمال مهامك اليومية، وتشعرين بأنكِ على وشك الانهيار بسبب الأشياء المطلوبة منكِ، لذا تعلمي ألا تقبلي أي مهام ليست من مسؤولياتك، حتى لا ترهقي نفسك، وتعرضي حياتك لمزيد من الضغوط.
- قيّمي علاقاتكِ: للأسف قد تجعلكِ العلاقات الاجتماعية مضطرة للتعامل مع أشخاص يصيبونكِ بالتوتر، أو يسببون لكِ مزيدًا من الضغط، همِّشي العلاقات التي ليس لها أهمية في حياتك، واجعليها سطحية تمامًا، مع الحفاظ على قدر من التواصل والاحترام في حدود العلاقات الاجتماعية والأسرية.
- راجعي سلوكياتك: بعض عاداتك وسلوكياتك الشخصية قد تسبب لكِ الضغط والتوتر، لذا راقبي تصرفاتك على مدار اليوم، فإذا كنتِ تتابعين الأخبار بشكل مكثف، فحاولي تقليل تصفح الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، وإذا كنتِ تؤجلين المهام اليومية للحظة الأخيرة، فقد يكون هذا السبب الرئيسي في توترك، إذ يشير عدد من الدراسات الطبية إلى أن تأجيل المهام من العادات التي ترتبط بارتفاع ضغط الدم، لذا فإن التنظيم المسبق ليومك سيساعدكِ كثيرًا على توزيع مهامك بشكل مريح، ويجنبك كثيرًا من القلق والضغط العصبي.
التعامل مع الضغوط النفسية في العمل
الضغوط النفسية في العمل قد تسبب لكِ التوتر أكثر من ضغوط المنزل، حتى لو كنتِ تحبين عملك، خاصةً أنك قد تستطيعين تأجيل بعض المهام في المنزل، لكن لا يمكنكِ ذلك في العمل. كذلك عندما تشعرين بعبء ثقيل بسبب توقعات الآخرين منكِ، أو بخيبة أمل لعدم إنجازك لما هو مطلوب منكِ في النهاية.
وتشير دراسات طبية إلى أن نسبة كبيرة من السيدات يعانين من الإجهاد بسبب العمل، الذي قد يسبب مشكلات صحية عديدة، كضعف المناعة، والإصابة بنزلات البرد والإنفلونزا، والجلطات وأمراض القلب، وحتى تتجنبي مخاطر الضغط النفسي الذي قد تواجهينه في العمل، إليكِ عزيزتي هذه النصائح:
- ابدئي يومك بشكل صحيح: بعد تحضير الوجبة المدرسية لأطفالك، وتوصيلهم للمدرسة، والوقوف في إشارات المرور والزحام لفترة طويلة، وتناول كوب من القهوة بدلًا من وجبة فطور صحية، فقد تصلين عملك وأنتِ متوترة بالفعل، ما يجعل ردود فعلك أكثر حدة مع أبسط المواقف، لذا فقد يساعدكِ الحصول على وجبة فطور جيدة، وتخطيط يومك بشكل جيد، ومشاركة زوجكِ لكِ في تجهيز الأطفال للمدرسة وتوصيلهم، على أن تكوني أقل توترًا، وتستطيعي التعامل مع الضغوط بطريقة إيجابية.
- كوني واضحة بشأن مهامك الوظيفية: عدم الوضوح بشأن متطلبات وظيفتك من أكثر الأمور التي قد تصيبكِ بالتوتر في العمل، فإذا كنتِ لا تعرفين مهامك الوظيفية بالتحديد، فقد تُلقى على كاهلك مهام إضافية، وستجدين أن مجهودك غير كافِ على الإطلاق، فتشعرين بالضغط. لذا من المهم التحدث مع مديرك في العمل، وتحديد مهامك الوظيفية، حتى يخف الضغط عليكِ، وتستطيعي إنجاز عملك.
- ابتعدي عن صراعات العمل: يؤثر الصراع بين زملاء العمل في صحتكِ البدنية والعاطفية، حاولي تجنبها قدر الإمكان، ولا تكثري من الثرثر في العمل، ولا تشاركي الكثير من آرائك الشخصية حول الدين والسياسة، وغيرها من المواضيع الشائكة التي قد تسبب لكِ مشكلات في بيئة العمل وضغطًا نفسيًّا.
- كوني منظمة: حتى إذا كنتِ شخصًا غير منظم بطبيعتك، فإن التخطيط المسبق لأمور العمل، وتنظيم وقتكِ، قد يساعدكِ على إنجاز مهامك، ويقلل بشكل كبير من توترك، ويفيد في وصولكِ للعمل مبكرًا، وإنجاز مهامكِ دون ضغط، أو الحاجة لإكمال عملك في المنزل.
- لا تنجزي عدة مهام في وقت واحد: رغم أن القيام بعدة مهام في الوقت نفسه قد يشعرك بالإنجاز، لكنه أمر مؤقت، إذ ستشعرين بعدها كأنكِ تركضين في عدة اتجاهات، ما يؤثر في تركيزك وكفاءتك، والنتيجة النهائية لمهامك، لذا فإن تقسيم المهام هو الحل الأفضل لإنجاز ما عليكِ دون ضغط.
التعامل مع الضغوط النفسية في المجتمع
لا تتوقف الضغوط النفسية على البيئات المغلقة فقط كالعمل والمنزل، ولكن كونك امرأة قد تواجهين ضغوطًا من المجتمع، مثل نظرته للمرأة المطلقة أو الزوجة الثانية، أو عدم قدرتك على مجاراة توقعات المحيطين بكِ، لذا وحتى لا تشعري بالضغط والتوتر، فحاولي عزيزتي اتباع هذه النصائح:
- لا تقسي على نفسك: أنتِ لست مطالبة بتغيير العالم أو وجهة نظر المحيطين بكِ عنكِ، وليس دورك أن تحاولي دائمًا إرضاء المجتمع، لذا لا تقسي على نفسك، أو تحاولي تغيير مبادئك أو شخصيتك بما يناسب الآخرين، كوني داعمة لنفسك، ولطيفة معها، وعززي ثقتكِ في نفسكِ، فأنتِ تستحقين ذلك.
- لا تسعي إلى المثالية: بالطبع قد يجبركِ المجتمع والمحيطون بكِ على أن تكوني مثالية دائمًا، ولكن يجب التفرقة بين إنجاز المهام على وجه حسن، وبين الرغبة في الكمال والمثالية المفرطة التي قد تضغط عليكِ رغبة في إرضاء المجتمع، وشعورك بالقبول ممن حولك. تجنبي الوقوع في فخ المثالية، ابذلي قصارى جهدك لإنجاز ما عليك في المنزل والعمل، وواجباتك تجاه المجتمع، وخصصي وقتًا لتقدري نفسك على مجهودها، ولا تتوقعي الكمال. ضعي معايير معقولة لنفسك، وكوني سعيدة بما تنجزينه.
- لا تهتمي بنظرة المجتمع: قد تجعلكِ بعض الظروف تقعين تحت المجهر، نتيجة موروثات خاطئة مثل كونك مطلقة أو زوجة ثانية أو حتى إذا تأخر حملك، لا تكترثي بما يقوله الآخرون عنكِ، اصنعي سعادتك بنفسك، وكوني ممتنة لإنجازاتك، ولا تمنحي أحدًا الفرصة لينتقدك، ولا تستمعي لآراء لن تشعركِ سوى بالضغط والتوتر.
- كوني ممتنة دائمًا لأبسط الأشياء: سواء في العمل أو البيت أو في أي مكان، عندما تشعرين بالتوتر خذي لحظة للتفكير في كل الأشياء الجميلة في حياتك، بما في ذلك صفاتك الشخصية، وأسرتك الصغيرة، ونجاحك في عملك، وما وصلتِ له. كوني ممتنة للأشياء البسيطة، كفنجان قهوتك الصباحي، وأغنيتك المفضلة، وضحكة أولادك، ولحظاتك السعيدة مع زوجك، وستشعرين بأنكِ قادرة على مواجهة كل الضغوط في حياتك.
ختامًا، أهم قاعدة للتعامل مع الضغوط النفسية في المنزل والعمل والمجتمع، أن تتقبلي ذاتك، وفكرة وجود مواقف لن تستطيعي التحكم فيها، لأنها ببساطة خارج سيطرتك، قابلي كل ما يقابلكِ في حياتكِ بصدر رحب، وجددي طاقتك، وابتعدي عن مصادر التوتر، وستنعمين بحياة هادئة حتى مع المشكلات التي تواجهينها.
شعوركِ بالراحة النفسية وهدوء البال ينعكسان على رعايتكِ لأطفالك وزوجك، اطلعي على المزيد من النصائح المفيدة لكِ في قسم التطوير الذاتي.