لماذا لا يستطيع صغيري إتمام جملة واحدة وزملاؤه يتحدثون بطلاقة؟ هل سبب التأخر كونه ولدًا؟ فبنات أخي أسرع منه في الحديث والتعبير، هل طفلي الصغير متأخر في الكلام؟ أسئلة كثيرة تشغل بال الأمهات، وتشعرهنّ بالقلق بخصوص أطفالهنّ في سن الحضانة أو ما قبل المدرسة، خاصةً مع ارتباط تأخر الكلام باضطرابات عقلية كالتوحد وغيره، وبصفة عامة فإن معظم حالات التأخر لا تستدعي القلق، خاصةً أن أسباب تأخر النطق عند الأطفال قد تكون طبيعية، وقد يكون الطفل غير متأخر، ولكنه بطبيعته قليل الكلام. لذا سنوضح لكِ في هذا المقال أهم العوامل التي قد تسبب تأخر النطق عند الأطفال، وكيف حل هذه المشكلة.
أسباب تأخر النطق عند الأطفال
قبل أن نتحدث عن أسباب تأخر النطق عند الأطفال، يجب أولًا أن نشرح لكِ ما المقصود بتأخر الكلام حتى لا يختلط الأمر عليكِ، فهو يُقصد به عدم تطور اللغة عند الطفل بالمعدل المتوقع، ويمكن القول إن الطفل متأخر عندما تكون حصيلة كلماته أقل من 10 كلمات في سن 18 إلى 20 شهرًا، أو أقل من 50 كلمة في عمر 21 إلى 30 شهرًا، وهي حالة تؤثر في 10% من الأطفال في سن الحضانة أو ما قبل المدرسة، وتحدث لأسباب متعددة أهمها:
- مشكلات السمع: قد تؤدي التهابات الأذن المتكررة لمشكلة في السمع أو قد يُولد الطفل بها، لذا من الشائع أن يعاني من ضعف في اللغة والتواصل أيضًا، لأن الطفل يطور مهاراته اللغوية من خلال سماع الكلمات بشكل متكرر، وحفظها في ذاكرته واستعادتها وقت الحاجة.
- التوحد: لتوضيح الأمر، فليس كل طفل متأخر في الكلام يعاني من التوحد، ولكن تعاني نسبة كبيرة من الأطفال المصابين بالتوحد من مشكلات في التواصل اللفظي وغير اللفظي.
- مشكلات عضوية في الفم: قد يكون تأخر الكلام لدى الطفل بسبب مشكلة في الفم، كمشكلات اللسان والحنك (سقف الفم) واللسان المربوط، وهو واحد من أكثر المشكلات الشائعة لدى الأطفال، وفيه يكون الجلد أسفل اللسان قصيرًا، فيحد من حركة اللسان، ويصعب على الطفل الكلام. كذلك قد يعاني الطفل من مشكلات حركية في الفم، ويحدث هذا عندما تكون هناك مشكلة في مناطق الدماغ المسؤولة عن الكلام، ما يجعل من الصعب تنسيق الشفاه واللسان والفك لإنتاج أصوات الكلام. قد يعاني هؤلاء الأطفال من مشكلات حركية أخرى في الفم أيضًا، كصعوبات التغذية.
- المشكلات النفسية: قد يكون تأخر الطفل في الكلام نتيجة مشكلة نفسية، كالإهمال، إذ يشعر بأنه لا يحظى باهتمام من الأم أو الأب أو كليهما، فلا يحاول التواصل معهم، كذلك قد تترك الإساءات الجسدية والنفسية تأثيرًا في الطفل، فيفضل الانطواء والسكوت.
قد يتأخر الطفل عن الكلام لأسباب غير مرضية، مثل:
- تطور بعض المهارات أولًا: قد تتطور المهارات الحركية لدى الطفل أولًا، كالقفز والتسلق وغيرهما، ويطور مهارات الكلام في وقتٍ لاحق.
- الاستجابة الفورية لاحتياجات الطفل: عدم منح الفرصة للطفل للتعبير عن نفسه، وتلبية متطلباته بالإيماء وبمجرد الإشارة إليها، فلا تجيبي بالنيابة عنه عندما يطلب منك كوب ماء، حاولي الاستفسار منه ليخبرك بما يريد، واسأليه: هل تشعر بالعطش؟ وهو ما يساعده على زيادة حصيلة مفرداته، ويطور مهارات التحدث لديه.
- التحدث بأكثر من لغة في المنزل: قد لا يتمكن الطفل من التركيز على حفظ كلمات معينة، بسبب كثرة المفردات المختلفة التي يسمعها في البيت.
- عدم وجود تواصل كافٍ بينكم: كأن تنشغلي أنتِ وأبوه بالأعمال والمهام اليومية، فلا تتواصلان معه بشكل كافٍ من خلال الأنشطة المختلفة، كالقراءة وغيرها.
علاج تأخر الكلام عند الأطفال
تشير الدراسات الأخيرة التي أُجريت عن تأخر النطق عند الأطفال، إلى أن الأسباب غير المرضية لهذه المشكلة عادةً ما تختفي تمامًا في عمر الخامسة، ويمكنكِ مساعدة طفلك على علاج تأخر الكلام وتطوير مهاراته اللغوية، من خلال بعض العادات البسيطة مثل:
- التحدث مع الطفل: تحدثي مع صغيرك بصورة مستمرة، واشرحي كل ما تقومين به خلال اليوم، ليكتسب منكِ مفردات جديدة، ويحفظها في ذاكرته، ويستخدمها وقت الحاجة. حدثيه في أثناء الطهي، وخلال تنظيف المنزل، وحاولي أن يكون صوتك عاليًا، وانطقي الكلمات ببطء وبمخارج، واضحة حتى يتمكن من حفظها.
- القراءة للطفل: القراءة من أكثر الطرق الفعالة لعلاج تأخر الكلام، إذ تساعد على زيادة حصيلة مفردات الطفل، اشتري لصغيرك كتبًا تحمل رسومًا ملونة، وأشيري لكل كلمة في أثناء القراءة، واقرئي له وعبري عن الكلمات باستخدام تعبيرات وجهك، حتى يتمكن من الربط بين كل كلمة وما تعنيه، ويُفضل قراءة الكتاب نفسه لفترة قبل الانتقال لكتاب جديد.
- الاستعانة بالألعاب: اللعب وسيلة مرحة ستحفز طفلكِ على النطق، اشتري له الألعاب التي تكرر الأصوات والكلمات، كالقط توم المتحدث، وتحدثي أمام القط ليعيد الكلمات نفسها، فيستمع لها طفلك مرتين، ويتمكن من حفظها. كذلك استخدمي لعبة الهاتف اللاسلكي "Walkie talkie"، وحدثي طفلك من خلاله، وسيستمتع بالرد عليكِ، خاصةً إذا كنتِ في غرفة أخرى.
- جعل الطفل يتواصل مع أقرانه: لا شيء قد يشجع طفلكِ على الكلام، كالتحدث مع أطفال في عمره. اجعليه يتحدث مع أقرانه الصغار أو أشقائه، ويمكنكِ الاستعانة بالهاتف، واجعليه يتحدث عبر مكالمة فيديو مع أحد الأصدقاء، سيسعده الأمر كثيرًا، ويحفزه على الكلام.
لا بد أن تعلمي عزيزتي أيضًا، أن من أهم العلامات التي قد تخبركِ بأن تأخر النطق عند صغيرك ليس مؤشرًا خطيرًا، أن يستخدم الإشارة، ويستجيب لأسئلتك أو طلباتك بالتنفيذ، كأن يعطيكِ الكوب عندما تقولين له: "ناولني الكوب".
ختامًا، استعرضنا من خلال المقال أهم أسباب تأخر النطق عند الأطفال، وبعض النصائح لعلاجها، وبصفة عامة حاولي قبل عرض الطفل على اختصاصي تخاطب، التأكد من أنه لا يعاني من مشكلات في أذنه أو فمه، من خلال عرضه على طبيب أطفال.
لقراءة مزيد من المقالات المتعلقة بصحة الصغار وتغذيتهم، زوري قسم تغذية وصحة الصغار على موقع "سوبرماما".