نطق الطفل كلماته الأولى من الأمور التي تنتظهرها الأم بشغف، وعندما يتأخر في الكلام تشعر بالقلق، خوفًا من أن يكون لدى طفلها مشكلة في التخاطب، ويزداد هذا الشعور عندما يتحدث الطفل بلغة غير مفهومة، الأمر الذي قد يشير إلى معاناته من اضطراب أو خلل ما في تطوره. عادةً ما يكون الأمر ملحوظًا في عمر الثلاث سنوات، ففي ذلك الوقت يكون الطفل قادرًا على تكوين جُمل، لذا نجد كثيرًا من الأمهات يتساءلن "ابني عمره ثلاث سنوات وكلامه غير مفهوم، ماذا أفعل؟". لا تقلقي عزيزتي، تساعد استشارة أخصائي التخاطب في وقتٍ مبكر على معرفة مشكلة طفلكِ، وبدء خطوات العلاج، ما يسهم في تحسين اللغة وتطوير مهارات التواصل لديه، وسنخبركِ في هذا المقال بأسباب تحدث الطفل بلغة غير مفهومة، وكيف يمكنكِ تشجيع طفلك على الكلام.
ابني عمره ثلاث سنوات وكلامه غير مفهوم، ما السبب؟
في البداية يجب التفرقة بين تأخر الكلام واضطراب الكلام، فالتأخر يعني أن هناك مشكلة في تطور مهارة الطفل اللغوية، كأن تكون حصيلة مفرداته أقل من عمره، أو أن يكون غير قادر على التعبير بسهولة، بمعنى أنه يستطيع التحدث، ولكن بمعدل أبطأ من أقرانه، وفي هذه الحالة يستطيع الطفل أن يطور مهارات التحدث مع العلاج وتمارين التواصل والكلام في المنزل. أما الاضطراب، فيعني أن هناك خللًا ما في تطور الطفل، وهنا عادةً ما ترتبط مشكلة الكلام لديه بمشكلة أخرى، مثل: مرض التوحد أو الاضطرابات العقلية والذهنية الأخرى، لذا فإن الاضطراب يكون علاجه أكثر صعوبة من تأخر الكلام، ويحتاج إلى تدخل اختصاصي، ولكن علاجه ليس مستحيلًا.
تحدث الطفل بكلام غير مفهوم، عادةً ما يكون مشكلة ناتجة عن اضطراب، ولا داعي للقلق عزيزتي، فهو أمر قابل للعلاج، ولكن الخطوة الأولى استشارة أخصائي تخاطب، ليشخص الحالة، وغالبًا ما يكون السبب في اللغة غير المفهومة، اضطراب يُعرف بـ"تعذر الأداء اللفظي"، وسنوضح لكِ أهم أعراضه وأسبابه فيما يلي:
تعذر الأداء النطقي في مرحلة الطفولة: هو اضطراب في الكلام يصيب الطفل منذ الولادة، ويؤثر في قدرته على تكوين الأصوات والكلمات، ويتمتع الأطفال الذين يعانون من تعذر الأداء النطقي بقدرات أكبر على فهم الكلام، مقارنةً بالتعبير عن أنفسهم بالكلمات المنطوقة، وكما ذكرنا فهي حالة قابلة للعلاج، ويكون تعذر النطق مصحوبًا بالأعراض التالية:
- صعوبة في ترتيب مقاطع الكلمة لتكوينها، وبالتالي نطقها بشكل غير صحيح.
- عدم القدرة على المناغاة خلال العام الأول.
- صعوبة نطق الكلمات الطويلة أو المعقدة.
- نطق بعض الكلمات صحيحة دون غيرها، وقد ينطقها صحيحة في بعض الأوقات، ثم يفشل مجددًا.
- عدم القدرة على تكوين جملة مفهومة.
- الاعتماد على التواصل غير اللفظي.
- حذف الحروف في بداية الكلمات ونهايتها.
نادرًا ما يحدث تعذر الأداء النطقي بمفرده في فترة الطفولة، وفي معظم الأحيان يكون مصحوبًا بمشكلة أخرى، مثل: مشكلات التنسيق بين المهارات الحركية الدقيقة، أو صعوبات البلع والمضغ وغيرها، ويحدث تعذر الأداء النطقي نتيجة تلف في بعض المناطق في الدماغ التي تتحكم في القدرة على الكلام، وهو خلل قد يحدث منذ الولادة -كما ذكرنا- أو نتيجة إصابات الرأس أو السكتات الدماغية أو أورام المخ، ولا يقتصر تحدث الطفل بلغة غير مفهومة على تعذر الأداء النطقي فقط، فقد يكون نتيجة لاضطرابات أخرى، لذا تحتاجين عزيزتي لاستشارة الطبيب للتأكد من سبب هذه المشكلة.
كيف أعلم طفلي الكلام عمره ثلاث سنوات؟
سواء كانت مشكلة الكلام لدى الطفل نتيجة اضطراب أو تأخر، فيساعد التواصل مع الطفل في المنزل على تحسين مهاراته اللغوية، وفيما يلي بعض الطرق لتعليم طفلك الكلام في عمر ثلاث سنوات:
- اقرئي له بانتظام: القراءة واحدة من أفضل الطرق التي يمكنكِ بها تطوير اللغة لدى طفلك، وزيادة حصيلة مفرداته، اختاري الكتب المصورة والمرحة، واقرئي بصوت واضح وببطء.
- تحدثي معه كثيرًا: حتى لو لم يستجب طفلك لكِ، تحدثي معه، واشرحي له ما تفعلينه على مدار اليوم، واحكي له تفاصيل العمل، أو أي شيء يخطر على بالك، فقط احرصي على استخدام كلمات بسيطة وجمل قصيرة، حتى يستطيع حفظها وتذكرها وقت الحاجة.
- صححي له الكلمات: رغم أن لغة الأطفال غير المفهومة قد تكون مضحكة، لكن احرصي على تصحيح مخارج حروف طفلكِ، ونطق الكلمات بشكل صحيح، ويمكنكِ عمل ذلك بطريقة غير مباشرة، فإذا قال لكِ: "إنه يريد أن "يعلب" بالكرة"، لا تخبريه بأنه أخطأ، ولكن قولي له: "هل تريد أن "تلعب" بالكرة"، مع التركيز على الحروف والمخارج، حتى يتمكن من الانتباه إلى أنه نطق الكلمة بشكل غير صحيح.
- شجعيه على الكلام: لا تستجيبي لما يطلبه الطفل بالتواصل غير اللفظي أو الإشارة، فإذا أشار إلى كوب العصير، فلا تسرعي وتعطيه له، ولكن قولي له: "عصير... هل تريد العصير؟"، ولا تحضريه له مباشرةً، ولكن انتظري قليلًا حتى يحاول إجابتك، وفي كل مرة يشير فيها إلى شيء، شجعيه على قول الكلمة الفعلية بهذه الطريقة.
- حفزيه على الكلام: تقديم خيارات عديدة لطفلك فيما يخص العادات اليومية، من الطرق المحفزة للكلام، قدمي له نوعين من العصير، واسأليه: "هل تريد التفاح أم البرتقال؟"، واجعليه يحاول نطق النوع الذي يريده، وإذا أشار إليه، اسأليه مجددًا "أتريد التفاح؟"، وكرري هذا الأمر، قدمي له دائمًا خيارات ليختار من بينها، وشجعيه على استخدام الكلمات.
- أضيفي لحصيلة مفرداته: إذا رأى طفلك كلبًا وردد: "كلب"، فحاولي الإسهاب في الرد: "نعم هذا كلب بني كبير"، وفي كل مرة يتمكن من نطق كلمة، أضيفي لها كلمة أخرى، مثل: "كرة... كرة حمراء وهكذا"، لزيادة حصيلة مفرداته، ما يساعده على تعزيز قدرته على تكوين العبارات.
- قللي وقت استخدامه للهاتف: أشارت دراسة أُجريت عام 2018 إلى أن استخدام الأطفال للهواتف لفترات طويلة، ارتبط بتأخر في النطق والتواصل لدى الأطفال في عمر 18 شهرًا، ويشير الخبراء في هذا المجال إلى أن التفاعل مع الآخرين، وليس التحديق في الشاشة، الأفضل لتطوير اللغة، حتى لو كان الطفل يستخدم تطبيقات تعليمية، لذا لا بد من قصر وقت الهاتف على ساعة واحدة يوميًّا على الأكثر وتحت إشرافك.
ختامًا عزيزتي، تتردد عبارة "ابني عمره ثلاث سنوات وكلامه غير مفهوم" بين كثير من الأمهات، ويشعرن بالقلق على أطفالهن، وقد أخبرناكِ بواحد من الأسباب الشائعة للكلام غير المفهوم لدى الأطفال، ولا داعي للقلق، فعلاج مشكلات الكلام في عمر مبكر يسهم بشكل كبير في تطوير مهارات اللغة لدى الطفل، واحرصي على استشارة أخصائي إذا لاحظتِ على طفلك أي مشكلة تسبب تأخر النطق لديه.
يحتاج أطفالنا لكثير من العناية والاهتمام، يمكنكِ الاطلاع على مزيد من النصائح لتطوير مهارات طفلك المختلفة في قسم رعاية الصغار.