هل أقلق عندما يتناول طفلي الأشياء من الأرض؟

وضع الطفل الأشياء في فمه

ترغب كل أم في حماية طفلها الرضيع من أي شيء قد يؤذيه، وتحاول توفير بيئة آمنة له قدر المستطاع، فعادة ما تسرع الأم لنزع الأشياء من طفلها قبل أن يضعها في فمه، خوفًا عليه من خطر الاختناق، أو بلع القطعة التي يعبث بها، أو إصابته بالتلوث بسببها، ولكن هل وضع الطفل الأشياء في فمه مضر؟ وهل التعامل مع الطفل بهذه الطريقة صحيح أم لا؟ هل تترك الأم طفلها يحبو ويكتشف ويتناول الأشياء من على الأرض أم تمنعه عنها من أجل سلامته؟

بداية، يجب معرفة لماذا يضع الطفل كل شيء في فمه، ستجيبكِ "سوبرماما" عن جميع أسئلتكِ عن أسباب ذلك وكيفية التعامل مع طفلكِ في هذه المرحلة.

ما أسباب وضع الطفل الأشياء في فمه؟

خلال السنة الأولى من عمر طفلكِ، يبدأ في التعلم واكتشاف العالم من حوله، باستخدام حواسه الخمس، وكلما استكشف مزيًدا من الأشياء بحواسه تزيد معرفته وتتطور مداركه بشكل أسرع، ولكن تختلف درجة قوة كل حاسة من حواسه الخمس، إذ تكون الرؤية مشوشة قليلًا في الأشهر الأولى من عمره، بينما تكون حاسة التذوق هي أقوى حواسه على الإطلاق، لذا يسعى لاكتشاف الأشياء من حوله باستخدام حاسته الأقوى.

وعلى ذلك، نجد جميع الأطفال في سن الحبو يسعون لالتقاط الأشياء المختلفة من حولهم ويضعونها في أفواههم، فالطفل هنا ليس جائعًا، فهو لا يريد أن يأكل الكرة الحمراء الصغيرة التي التقطها من الأرض، بل إن هذه هي طريقته الخاصة في اكتشافها والتعرف عليها.

كيف أتعامل عند وضع الطفل الأشياء في فمه؟

عندما تُسرع الأم لنزع الأشياء من طفلها، ظنًا منها أنها تحميه من الجراثيم أو من خطر الاختناق، فهي بذلك تحارب فطرته وتمنعه عن التعلم والاكتشاف والتعبير عن اهتمامه بالأشياء المختلفة من حوله.

بمجرد أن يبدأ صغيركِ في الحبو، انزلي على ركبتيكِ على الأرض في وضعية الحبو، وألقي نظرة عن كل الأشياء التي قد تقع عليها عين طفلكِ من جميع الزوايا، واحرصي على توفير الأدوات والألعاب الآمنة فقط في متناول يديه، وعدم إتاحة أي أدوات قد تؤذيه في محيط عينيه أو متناول يديه، مثل العناصر الحادة أو الأشياء الصغيرة القابلة للبلع، وتحققي من نظافة جميع الأدوات والأسطح التي يصل إليها طفلكِ باستمرار.

سمعتُ أمًا تشكو من شقاوة طفلها الذي كان على وشك ابتلاع عملة معدنية، ثم أخرجتها من فمه بأعجوبة، من المخطئ هنا؟ من الذي أتاح هذه العملة في متناول يد الطفل؟ تذكري أن طفلكِ كالمغناطيس، سيجذب أي شيء تقع عليه عينيه دون إدراكه بمعنى الخطر أو الأذي، لذا فإن دوركِ هو توفير بيئة آمنة لطفلكِ دون إلزامه باللعب بأدوات معينة، ومنعه عن أدوات أخرى تثير شغفه للاكتشاف، فالأدوات الممنوعة يجب ألا تكون في متناول يديه من الأصل.

هل وضع الطفل الأشياء في فمه يصيبه بالعدوى؟

في الغالب  تنتشر أمراض الرضع بسبب الفيروسات والبكتيريا، وليس بسبب الغبار والأتربة، لذا فإن الأدعى هو أن تقلقي بشأن لعب طفلكِ مع طفل آخر مريض، أو من القبلات الحارة التي تنهال عليه من أقاربه البالغين، وليس من اللعبة التي التقطها من الأرض ووضعها في فمه.

كل ما عليكِ هو الحفاظ على نظافة المنزل وتنظيف الأدوات والألعاب المحيطة بطفلكِ من حين لآخر، وتعويده على غسل يديه باستمرار قبل ممارسة أي نشاط وبعده، دون مبالغة في التعقيم أو المنع عن اللعب بدافع الخوف عليه من المرض، فالطفل يجب أن يعيش في بيئة طبيعية يُسمح له فيها بالاكتشاف والخطأ والتعلم دون حرمان.

وأخيرًا، استريحي قليلًا ودعي طفلكِ المكتشف الصغير يكمل مهمته في استكشاف العالم من حوله، ولا تقلقي من وضع الطفل الأشياء في فمه، فهو لا يضره طالما كنتِ محافظة على نظافة المنزل والألعاب، اتركي له حرية اللعب وستلاحظين قلة صراخه وعناده معكِ على أبسط الأمور، فعندما تتركين له الحرية للتعلم والاستكشاف -مع مراعاة شروط الأمان والسلامة- فأنتِ بذلك تنشئين طفلًا متطورًا سليم الفطرة واسع الإدراك.

عودة إلى رضع

هنا راضي

بقلم/

هنا راضي

أعشق القراءة خاصًة في علم النفس والسلوك، والتربية الإيجابية. أتطلع إلى تطبيق وتطوير الأساليب التربوية التي أتبناها مع مولودي الصغير الذي ينمو بداخلي الآن. وأؤمن أن القلم مرآة القلب، فهو يستطيع التعبير عن ما يعجز اللسان عن التفوه به.

موضوعات أخرى
supermama
Share via WhatsappWhatsapp IconSend In MessengerMessenger IconShare via FacebookFacebook Icon