يعاني كثير من الأمهات من مشكلة قلق الانفصال لدى أطفالهن، خاصة مع بداية ذهابهم إلى الحضانة أو المدرسة، فيشعرن بالتوتر والحيرة حول كيفية التعامل مع الأطفال للتغلب على هذه المشكلة. لذا نقدم لكِ في هذا المقال بعض الأفكار التي ستساعدكِ على التغلب على مشكلة قلق الانفصال عند الأطفال، ليتخطوا تلك المرحلة بأمان.
قلق الانفصال عند الأطفال
يمر الأطفال خلال مراحل نموهم وتطورهم بتجارب من الشعور بالقلق والخوف، في البداية يبدأ الطفل الرضيع بالخوف من الغرباء، ثم يتطور عنده القلق من الانفصال عن أمه، حتى يدرك أن ابتعاد أمه عن مجال رؤيته لا يعني أنها اختفت من الوجود.
وتُعد هذه المراحل صحية وطبيعية ولا خوف على الطفل منها إلى عمر ثلاث سنوات، أما إذا استمر قلق الطفل وخوفه الشديد من الانفصال إلى ما بعد الثلاث سنوات بشكل يؤثر سلبًا على حياته الاجتماعية وأنشطته اليومية، فقد يكون ذلك مؤشرًا على حالة أكثر تطورًا تعرف باسم "اضطراب قلق الانفصال".
كيفية التعامل مع قلق الانفصال الطبيعي عند الأطفال
- هيئي طفلك للأمر وشوقيه إلى ما ينتظره: الخوف من المجهول واحد من أكثر المخاوف شيوعًا عند الأطفال، لذا احرصي على تهيئة طفلك مسبقًا للحضانة وتشويقه لها، عن طريق تقديم أمثلة واقعية لما يمكن أن يجده هناك، وقراءة كتب وقصص عن الحضانة والمدرسة. وخاطبى تساؤلاته ومخاوفه في أثناء القراءة، وأشيري إلى سعادة الأطفال وهم يلعبون مع أصدقائهم الجدد ويستمتعون بالأنشطة المثيرة.
- اصطحبيه في زيارة إلى المدرسة: في مرحلة المدرسة، تجولي معه في فناء المدرسة وادخلى الفصل معه للتعرف على محتويات الكتب الدراسية والأنشطة التعليمية المختلفة، وتحدثى معه عن الروتين اليومي للعودة إلى المنزل، مثل "موعد حضورك له، ومكان الانتظار، أو مكان انتظار حافلة المدرسة... إلخ".
- أشركيه في اختيار مستلزمات المدرسة: دعيه يختار بنفسه، لكن انتبهى إلى الميزانية لأن هذه الأشياء مكلفة جدًّا.
- تحلي بالهدوء والإيجابية والثقة: ارسمي ابتسامة عريضة على وجهكِ الشجاع، لأن طفلك يستمد منكِ الهدوء أو القلق.
- قاومي رغبتكِ في البقاء معه عند البكاء: فهو بهذا سيقتنع أن البكاء يساعده على الاحتفاظ بكِ إلى جواره، بالتالى لن يقلع عنه بسهولة. ولا تقلقي، فغالبًا سيتوقف عن البكاء بعد انصرافك.
- اتركي لطفلك رسالة حب: ضعي في حقيبته كل يوم ورقة صغيرة بها عبارة أو كلمة رقيقة مثل "أحبك"، أو ارسمي له وجهًا مبتسمًا، أو ضعي له صورة أو ملصقًا لشيء يحبه، وهكذا.
- علمي التعامل مع شعور الافتقاد: اقترحى عليه مثلًا أن يرسم رسمة أو يكتب لكِ خطابًا أو قصة، أو أعطيه لعبة يحبها أو صورة تجمعكما، وأخبريه بأن يحتضنها عندما يفتقدك وسوف يشعر بالتحسن.
- تحدثي مع معلمة طفلكِ عن طرق تهدئته: أخبري معلمة طفلكِ بطرق تهدئته وتفضيلاته، فمثلًا هل يحب النظر من النافذة، أو الخروج إلى الحديقة، أو مشاهدة الطيور، أو سماع أغنية معينة، أو غيرها من الأنشطة.
- الالتزام بالمواعيد: اذهبي إلى طفلك في موعد الانصراف بالضبط، لأن التأخير قد يشكل مزيدًا من الضغط عليه، خاصة إذا كان يشعر بالقلق بالفعل، ويجعله غير مطمئن إلى مدى وفائك بوعودك. وهذا بالطبع ليس أساسًا جيدًا للعلاقة بينكما، فضلًا عن أنه يجعل ذهابه إلى المدرسة أصعب.
- أعدي له روتينًا يوميًّا مسليًّا: كان من الطقوس التي عودتنى عليها أمى بعد انتهاء اليوم الدراسى، أن نشترى قصة من المكتبة ونتناول عصير القصب المثلج في حر الظهيرة. وأنتِ عزيزتى الأم، يمكنك أن تحكي لطفلكِ قصة، وعند تركه لا تتسللي بل احتضنيه وابتكرى جملة ثابتة تودعينه بها يوميًّا، مثل: "أحبك.. سآتى لك في موعدنا.. يوم سعيد"، ويمكنك أن تأتي له ببعذ الحلوى عند عودتك أو اصطحابه لتناول الآيس كريم.
- ساعديه على إقامة علاقة طيبة بينه وبين معلمته: تعاملي معها بود واحرصي على أن يرى طفلك ذلك، حدثيه عنها بحماس، ويمكنكِ تعليق صورة لطفلك مع معلمته في المنزل.
- ساعدي طفلكِ على إقامة علاقات جيدة مع زملائه: عندما ينخرط معهم في نشاط، كوني قريبة وشاهدي، لكن دون أن تشاركي، أعطيه بعض الحلوى ليتشارك فيها مع أصدقائه، يمكنك أيضًا أن تطلبي منه اصطحاب أصدقائه للعب معه في المنزل.
- أخبريه أن ذهابك وتركك له أمر مؤقت: اذكري له أن تركك له لا يعني أنك لن تعودي له مرة أخرى، والعبي معه -على سبيل المثال- لعبة الاستغماية، أو يمكنكِ إخفاء لعبة يحبها في مكان يسهل عليه إيجادها به. كذلك ابدئي بتركه في الحضانة -إذا كان لا يزال في تلك المرحلة- لفترات قصيرة مع زيادتها تدريجيًّا، بهذا سيتعلم طفلكِ بشكل أسرع أنك دائمًا ستعودين من أجله.
- عوديه على إخبارك بأحداث يومه: أنصتي إليه جيدًا حتى تتعرفي على أسماء زملائه ومعلماته، وكذلك مخاوفه وأي مشكلات تواجهه.
- حفزيه دائمًا وكافئيه على كل فعل إيجابي: استخدمي فكرة لوحة المكافآت، وكافئي طفلكِ بملصق على كل يوم لا يصرخ فيه أو يدخل فصله بسهولة وهدوء، وأخبريه أن له جائزة كلما حصل على عدد معين من الملصقات. واحرصي على أن تكون الجوائز بسيطة لأنها ستزداد كلما اعتاد طفلك على المدرسة، وإذا لم يحصل على ملصق فى يوم ما، شجعيه وأخبريه بأنه يستطيع تعويض ذلك في اليوم التالي. يمكنكِ أيضًا أن تخبري معلمته بلوحة التحفيز، إذ ربما تساعده على بلوغ الهدف المنشود.
- عبري له عن حبك واهتمامك: اهتمي بطفلك ولا تبخلي بالتعبير عن حبك له عندما تكونين معه، وخصصي بعض الوقت له فقط.
اضطراب قلق الانفصال عند الأطفال
إليكِ أبرز العلامات التي تخبركِ بأن قلق الانفصال لدى الطفل تجاوز الحد الطبيعي، وتطور إلى اضطراب يحتاج لمتابعة مع طبيب مختص:
- التشبث الزائد بالأم طوال الوقت.
- توتر الطفل الشديد والخوف عند الجلوس بمفرده أو عند انشغال الأم عنه.
- الإصابة بنوبات غضب وهلع عند طرح فكرة ابتعاد الأم.
- صعوبة النوم بعيدًا عن الأم، ورؤية كوابيس متكررة في حالة النوم بمفرده.
- رفض المشاركة في أي أنشطة جديدة، أو الذهاب لمكان بعيد عن الأم.
وأخيرًا، تذكري أن قلق الانفصال عند الأطفال مرحلة طبيعية يمر بها كل طفل، ولكن تختلف فترتها من طفل لآخر، كل ما عليكِ هو التحلي بالهدوء والصبر حتى تمر هذه المرحلة بسلام.
تعرفي على مزيد من المعلومات عن تربية الأطفال والتعامل معهم في المواقف المختلفة، عن طريق زيارة قسم رعاية الأطفال في "سوبرماما".