رفض الطفل لعب الآخرين بألعابه حتى لو كانت غرفته مليئة بها ولا يستخدم معظمها، مشهد يتكرر مع كل الأمهات تقريبًا، ومع محاولات الأم لإقناعه بأن يشاركه أقرانه اللعب بألعابه أو استخدام أدواته، فقد تواجه رفضًا شديدًا ونوبة من البكاء والتشبث بأشيائه بشكل هستيري، الأمر الذي قد يجعلكِ تتساءلين كيف أعلم طفلي المشاركة؟ وهو أمر يحتاج منكِ إلى الصبر، فلن يتغير الأمر بتعنيف طفلك أو أخذ لعبته، وغيرها من الأخطاء الشائعة التي يقع فيها معظم الأمهات. لذا سنخبركِ في هذا المقال ببعض النصائح لتعلمي طفلك المشاركة، وبعض الأنشطة التي تساعده على ذلك.
كيف أعلم طفلي المشاركة؟
المشاركة مفهوم يفوق إدراك معظم الأطفال الصغار، وعندما يبدأ طفلكِ الوعي، ينظر لأغراضه على أنها ملكه وحده ويرفض مشاركتها مع الآخرين، لأنه يرى أن هذا الأمر يعبر عن إرادته وقدرته على فرض رأيه على الأشياء التي تخصه، ولا يعني ذلك أن طفلك سيئ، ولكن يركز الأطفال في هذا العمر على مشاعرهم وأفكارهم الخاصة، ولا يمتلكون الوعي الكافي للتفكير بما يريده الآخرون، وإذا أردتِ تعليم طفلك مفهوم المشاركة، فعليكِ التحلي بالصبر واتباع النصائح التالية:
- دربيه على فكرة تبادل الأدوار: أحد الأسباب الرئيسية التي تجعل الأطفال الصغار يرفضون المشاركة أنهم يعتقدون أن القيام بذلك يعني التخلي عن أغراضهم، ولإثبات العكس لهم عليكِ تدريبهم على فكرة تبادل الأدوار، فبدلًا من جعل طفلك يتخلى عن لعبة ما تمامًا، يمكنه التدرب على تبادل الأدوار للتعود على العطاء. إنها طريقة رائعة لتشجيعه على اللعب مع الآخرين بطريقة عادلة، ويمكنكِ تدريبه على ذلك من خلال لعبة عناق الدبدوب، بأن تعانقي الدمية المحشوة، وتقولي له إن دوره في العناق قد حان، ثم سلمي الدب له، وأخبريه أن دوره قد حان، واستمري في اللعب ومررا الدب لبعضكما البعض.
- لا تعاقبيه على عدم المشاركة: بقدر ما تريدين أن يشارك طفلك الآخرين، فلا يجب إجباره على فعل ذلك، خاصةً إذا كان عمره صغيرًا، إذ يعتقد الطفل في المراحل الصغيرة أن كل ما يحيط به ملكه، وعدم المشاركة سلوك طبيعي أيضًا، حتى بالنسبة للبالغين. تخيلي ماستشعرين به عزيزتي إذا اضطررتِ للتخلي عن أغراضك لشخص آخر لأنها أعجبته، لذا بدلًا من معاقبة طفلك، صِفي له مقدار المتعة التي سيشعر بها عند اللعب مع الآخرين، وشجعيه على تبادل الأدوار، وأخبريه بأنه سيكون له دور بعد انتهاء دور أخيه.
- كوني قدوة له: يتعلم الأطفال بشكل أفضل عندما يرون الأفعال أمامهم لأن يميلون للتقليد، لذا فإن أفضل طريقة لتعليم طفلك المشاركة، هي ببساطة أن تشاركي الأشياء معه. أعطيه قطعة من الحلوى الخاصة بكِ، وإذا كنت تلعبين معه بمكعبات الليجو، ونفد لديه لون معين فأعطيه له، وفي أثناء قيامك بذلك، وضحي مدى متعة المشاركة وسهولتها، وكيف تجعلكِ تشعرين بالرضا، ولا داعي بمطالبته بالمثل، اجعلي سلوك المشاركة تذكيرًا غير مباشر له.
- لا تعلميه التملك: قد نخطئ كأمهات ببعض التصرفات دون قصد، ومنها تعليم الطفل فكرة التملك، لذا لا تركزي على ذلك مع طفلك، وبالطبع هو مقبول من وقت لآخر أن تحددي لمن هذه الألعاب له أم لأخته حتى تتجنبي الشجار بينهما، ولكن اجعلي دائمًا ألعابًا مشتركة بينهما ليست ملكًا لأحد، ودعيهما يتشاركان الطبق نفسه في بعض الأحيان، هذا ينطبق على الأجهزة أيضًا، فإذا حاول اللعب بجهاز التحكم عن بُعد (الريموت)، يمكنكِ أن تقولي له: "نحن لا نلعب بالريموت" أو "الريموت يظل على الطاولة الجانبية"، بدلاً من "هذا ليس ملكك" أو "هذا ملكي".
- لا تحلي النزاعات الاجتماعية له: بمجرد سماع أطفالك يتشاجرون، تكون غريزتك الأولى كأم هي الاندفاع إلى الغرفة، ووضع حد لهذه الخلافات، خاصةً عندما يعلو صوت الصراخ أو الشجار، وسواء كان طفلك يتشاجر على لعبة مع أخيه أو مع طفل في الحديقة، فتدخلك يحرمه من تعلم كيفية حل الأمور بنفسه والمشاركة، إذ يمكن للأطفال ابتكار حلول خاصة بهم إذا أعطيناهم الفرصة لذلك. في المرة القادمة التي يتشاجر فيها أطفالك، توقفي لمدة دقيقة، حتى لو بدا أنهم لا يتفاهمون، وستجدين أنهم سيتوصلون لحلول للمشاركة من تلقاء نفسهم، كتقسيم قطعة الحلوى أو التناوب على اللعب.
ألعاب مشتركة بين الأطفال
اللعب من أكثر الوسائل التي تساعد الطفل على التعلم، وتقدم له النصح بطريقة غير مباشرة، ويمكنكِ ببعض الألعاب البسيطة والأنشطة أن تعلمي طفلك مفهوم المشاركة، جمعنا لكِ بعضها فيما يلي:
- كرة القدم: من الألعاب الجماعية التي تنمي لدى طفلك روح الفريق، من خلال أخذ الكرة وتمريرها للاعب الآخر، وهي لعبة مناسبة للأولاد والفتيات، ويمكنكِ إذا كان عمر طفلكِ صغيرًا البدء في المنزل عن طريق تمرير الكرة له، ثم اطلبي منه أن يمررها لكِ في المقابل وهكذا.
- التمثيل: يعتمد التمثيل على أكثر من شخصية، ويمكن أن تجمعي الطفل مع أشقائه، وتمثلوا معًا قصة بسيطة، وامنحي كلًّا منهم دورًا ليتعلم الطفل أن القصة حتى تكتمل تحتاج لكل شخصياتها، وأن المشاركة ضرورة في الحياة.
- لوحة التلوين: تتوافر في الأسواق لوحات كبيرة الحجم للتلوين، ويمكن لأكثر من طفل التلوين فيها، لذا بدلًا من شراء لوحة صغيرة لكل طفل، اشتري واحدة كبيرة للأطفال جميعًا.
- مجموعة العرائس: بدلًا من شراء لعبة لكل طفل، يمكنكِ شراء عائلة باربي التي تتألف من عدة عرائس باربي و"كين" وغيرهما، وعلى الأشقاء مشاركة اللعب معًا بهذه الشخصيات.
- مكعبات الليجو: من الألعاب التي يمكن اللعب بها بشكل فردي أو جماعي، ويمكن اختيار تصميم لقلعة كبيرة، واجعلي الأطفال يتشاركون في بنائها.
- لعبة بناء البرج: لعبة بسيطة مناسبة للصغار، وهي سباق بينكِ وبينهم لبناء أكبر برج، باستخدام المكعبات المصمتة، وعلى الأطفال وضع مكعب كل منهم في دوره بفريقهم، وعليكِ بناء برجك بنفسك، والفائز من يبني أطول برج.
ختامًا عزيزتي، بعد أن أجبناكِ عن سؤال "كيف أعلم طفلي مفهوم المشاركة؟"، ننصحكِ بتعليم طفلك التبرع ببعض ألعابه للأطفال غير القادرين من وقتٍ لآخر، ويمكنكِ شراء حصالتين له، واحدة ليجمع نقودًا لشراء لعبته الخاصة، وأخرى لشراء لعبة لطفل آخر ليعي مفهوم المشاركة منذ صغره.
تعرفي إلى مزيد من المعلومات عن احتياجات طفلك الصغير وطرق رعايته والتعامل معه في السنوات الأولى من عمره في قسم رعاية الصغار على موقع "سوبرماما".