في رحلة التربية ينبغي علينا كآباء وأمهات أن نعلم أطفالنا كيف يتصرفون في حضورنا وغيابنا كذلك، وهو ما يُعرف بتعلم الرقابة الذاتية للأطفال، فالصغار الذين يتعلمون الانضباط الذاتي، سيكونون مجهزين بشكل أفضل لمواجهة تحديات الحياة، وإدارة التوتر، واتخاذ خيارات صحية حتى عندما لا نكون إلى جوارهم. تعرفي معنا في هذا المقال إلى أهمية الرقابة الذاتية للأطفال، وأساليب تعليمها لطفلكِ.
ما أهمية تعلم الرقابه الذاتية للأطفال؟
تعلم الرقابة الذاتية للأطفال تعني غرس مجموعة من القيم داخل الطفل منذ صغره، تحفزه على مراقبة سلوكه ذاتيّاً وضبط نفسه وتصرفاته مع الآخرين وبمفرده، دون أن يكون دافع السلوك رقابة الوالدين له أو المحيطين به من معلمين أو أهل وأقارب مثلًا، وتعود أهمية تعلم الرقابة الذاتية للأطفال إلى ما يلي:
- تعلم الاتزان والتحكم في إشباع رغباتهم: أن يكون الطفل مطيعًا بشكل عام، فهذا لا يعني بالضرورة أنه يتمتع بالانضباط الذاتي، فالرقابة الذاتية للطفل تجعله قادرًا على التحكم في تلبية رغباته المختلفة، والتخلي عن الإشباع الفوري، وتمكنه من اتخاذ خيارات جيدة بغض النظر عن شعوره. على سبيل المثال، يمكنه التوقف عن شراء مزيد من الحلوى لأنه يعلم عواقب تناولها بكثرة، دون أن يكون ذلك بتوجيه من الوالدين أو حتى مع وجودهما في المكان نفسه.
- التحكم في المشاعر والانفعالات: يمكن للأطفال الذين لديهم الانضباط الذاتي التعامل مع المشاعر غير المريحة بطريقة صحية، فلقد تعلموا مهارات إدارة الغضب، وأصبحوا قادرين على التحكم في السلوك الاندفاعي، مثلًا يمكنهم الاستجابة باحترام عندما ينصحهم الكبار، ويمكنهم تحمل مسؤولية سلوكهم.
- القدرة على اتخاذ القرارات الصحيحة: لقد تعلموا أيضًا اتخاذ خيارات صحية لأنفسهم، بناءً على تقييم إيجابيات وسلبيات اختياراتهم، بدلًا من قول: "يجب أن أفعل هذا لأن والديّ قالا ذلك"، ويمكنهم اتخاذ قرارات جيدة، فيما يتعلق بالأعمال المنزلية والواجبات المنزلية والمال وضغط الأقران والرعاية الذاتية، كتجنب المخاطر.
- البعد عن الكذب أو العدوانية: الرقابة الذاتية للطفل تجعله يعرف جيدًا عواقب أفعاله، لذلك هو غير مضطر للكذب أو التصرف بعدوانية لنيل مكاسب شخصية مثلاً، فهؤلاء الأطفال يتصفون بالاعتراف بالخطأ ومحاولة تصحيحه وتحمل عواقبه، لأن هناك علاقة ثقة واحترام متبادل بينهم وبين الأهل.
اقرئي أيضًا: طريقة تعليم ابنك الانضباط
أساليب تعلم الرقابة الذاتية للأطفال
الآن بعدما تعرفتِ إلى أهمية تعلم الرقابة الذاتية للأطفال، إليكِ ثلاث أساليب تساعدكِ على تعليمها لطفلكِ:
- بناء ثقة واحترام متبادل مع طفلك: يبدأ تعلم الرقابة الذاتية للأطفال من علاقة الطفل بوالديه، فكلما كانت مليئة بالاحترام والثقة وتعزيز قدرات الطفل، لم يجد الأب أو الأم صعوبة في غرس القيم الجيدة داخل طفلهما، لأنهما في هذه الحالة يصبحان قدوة له، كالتحلي بالصدق والأمانة في القول والفعل والهدوء والصبر وغيرها من القيم التي نرغب في نقلها لأطفالنا، ما يسمي كذلك الاتساق بين القول والفعل مع الصغار.
- تعليم الطفل مهارات حل المشكلات: تعلم الأطفال مبدأ الثواب والعقاب أمر مهم، ولكن تعلمهم كيفية حل المشكلات والعقبات التي يواجهونها سواء نتاج تصرفاتهم والآخرين أهم. يمكن تعليم الطفل هذه المهارات بعدة طرق، كإلحاقة بالورش الجماعية أو بلعبة رياضية يحبها، كذلك حكي القصص الخيالية ومواقف المحاكاة، وإشراك الطفل حسب سنه في القرارات المنزلية الجماعية.
- تعليم الطفل الاعتماد على النفس: الرقابة الذاتية تعني أن يكون الطفل مسؤولًا عن تصرفاته، وبالطبع يندرج تحت ذلك تعليم الطفل كيفية الاعتماد على نفسه حسب المرحلة العمرية، على سبيل المثال:
- طفلة تبلغ من العمر أربع سنوات تطلب المساعدة من شخص بالغ، بدلًا من الانتقام بعنف عندما تأخذ نظيرتها لعبتها.
- طفل يبلغ من العمر ست سنوات يرتدي ملابسه بعد الإفطار مباشرة دون الحاجة إلى تذكير.
- طفلة تبلغ من العمر ثماني سنوات ترفض الانضمام إلى أصدقائها الذين يضايقون طفلًا آخر.
- طفل يبلغ من العمر عشرة أعوام يجلس لأداء واجباته المدرسية، بعد أن يأكل وجبته الخفيفة بعد المدرسة.
- فتاة تبلغ من العمر 12 عامًا تدخر مصروفها المخصص كل أسبوع، حتى تتمكن من شراء لعبة جديدة كانت تريدها.
اقرئي أيضًا: كيفية التعامل مع الطفل سيئ السلوك
ختامًا عزيزتي، تذكري أن تعلم الرقابة الذاتية للأطفال عملية تستمر مدى الحياة، وقد يقاومها الطفل ويتمرد عليها في بعض الأوقات، وهو أمر طبيعي، ولكن الخبر السار هو أنه كلما زاد انضباط طفلك، سيتحمل المسؤولية عن سلوكه، ولن تحتاجي إلى استخدام أساليب العقاب بل بناء علاقة صحية وشخصية متزنة.
تعرفي إلى مزيد من المعلومات عن احتياجات طفلك وطرق رعايته والتعامل معه، لتنشئته على أسس سليمة، بزيارة قسم رعاية الأطفال في "سوبرماما".