لا تكتمل سعادة أي أسرة حتى تُرزق بأطفال، وتبدأ رحلة جديدة شيقة مع تربيتهم، لكن بعض الأُسر قد تواجه تحديًا كبيرًا عندما يكون الأبناء من ذوي الإعاقة أو من ذوي الاحتياجات الخاصة، مما قد يسبب صدمة للأسرة نتيجة لعدم وعيها الجيد بكيفية التعامل مع الطفل المُعاق الذي يصعب عليه فيما بعد الاندماج في الحياة الاجتماعية. إلا أنه في السنوات الأخيرة ومع ازدياد الوعي، فإن العديد من الأسر نجحت في التعامل مع الأبناء ذوي الإعاقة والاحتياجات الخاصة لتقدم للمجتمع أشخاصًا ناجحين يمكن الاعتماد عليهم، تقدم لكِ "سوبرماما" في هذا المقال تجربة واقعية لأحدهم.
التعامل مع الأبناء ذوي الإعاقة
لا شك أنه من الأخبار الصادمة التي قد تتلقاها أي أسرة إخبارهم بأن طفلهم من ذوي الإعاقة، فتشعر الأسرة بالحزن وتبدأ في القلق على مستقبل طفلها، والحقيقة أن تربية طفل ذي إعاقة ليست بالمهمة السهلة ولكنها أيضًا ليست بالمستحيلة، خاصةً إذا كان الوالدان على درجة كبيرة من الوعي بكيفية التعامل مع طفلهم واكتشاف قدراته الخاصة.
ومصطلح الإعاقة هو لفظ يُطلق على من يعاني من مشكلة أو قصور جسدي أو ذهني دائم لا يمكنه معه تلبية احتياجاته الشخصية في ظروف عادية، مثل فقدان أحد أعضاء الجسم، والشلل، وكف البصر وغيرها.
والتعامل مع الطفل المعاق جسديًّا أو ذهنيًّا أصبح أسهل من ذي قبل، وأصبحنا نرى العديد من الأبطال في مجال الرياضة من ذوي الإعاقة. لذا يجب عليكِ أن تتعرفي على هوايات طفلك وأن تنمي مهاراته وتساعديه في أن يندمج في المجتمع، حتى يشعر بالثقة ويصبح فردًا قادرًا على تحمل المسؤولية بمفرده.
هل يختلف الأبناء ذوو الإعاقة عن الأبناء ذوي الاحتياجات الخاصة؟
يختلط على البعض أحيانًا مصطلح الإعاقة مع الاحتياجات الخاصة، وكليهما يختلف تمامًا عن الآخر، فالطفل ذو الاحتياجات الخاصة لا يكون بالضرورة ذو إعاقة جسدية أو ذهنية، بقدر ما هو طفل يحتاج إلى رعاية خاصة ليجاري أقرانه.
ومصطلح ذوو الاحتياجات الخاصة عادةً ما يطلق على من يحتاجون إلى أساليب أو طرق أو تقنيات مخصصة للتعامل معهم، لتحسين قدراتهم الذهنية والجسدية المتأخرة نسبيًّا عن الآخرين. ويندرج تحت هذا المصطلح من يعانون من صعوبات التعلم، ومشاكل التخاطب، ومشاكل السلوك والتوحد. والجدير بالذكر، فهو مصطلح أعم وأشمل ويندرج تحته ذوو الإعاقة أيضًا.
وسواء كان لديكِ طفل معاق أو ذو احتياجات خاصة، فأنتِ في تحدٍّ تحتاجين معه إلى التعامل بطريقة سليمة، لينشأ طفلك بصورة طبيعية ولا يشعر بالاختلاف عن المحيطين به.
الدعم الاجتماعي النفسي لأسر الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة
التركيز على تربية الطفل ذو الاحتياجات الخاصة قد يجعل أفراد الأسرة، وخاصةً الأم، تقع تحت ضغط شديد قد يدفعها للانهيار أو تفريغ هذا الضغط على الطفل دون قصد، لذا فإن الدعم الاجتماعي والنفسي لأُسر الأطفال من ذوي الإعاقة هو أمر مهم لا يجب إهماله حتى تستطيع الأسرة إكمال مهمتها في تربية الطفل على الوجه الأكمل، وحتى لا يؤثر الأمر على روتين حياتهم بشكل كبير.
يمكنكِ استشارة متخصص ليقدم لكِ الدعم النفسي، والتواصل مع الأسر الأخرى ممن لديهم أبناء من ذوي الإعاقة والاستفادة من تجربتهم، وفي النهاية اعلمي أن كل ما يحتاجه الأمر هو تنظيم حياتك بشكل جيد، ووجود دعم من المحيطين وستجتازين الأمر بسلام.
اليوم تقدم لكم "سوبرماما" تجربة واقعية لشاب ناجح استطاع رغم كف بصره أن يتفوق دراسيًّا، ويمارس حياته بشكل طبيعي، فهو يتواصل عبر شبكات التواصل الاجتماعي، ويهوى التصوير الفوتوغرافي وغيرها من المواهب، والآن دعينا نتعرف عليه أكثر وعلى تجربته مع أسرته، وبعض النصائح للتعامل مع الأبناء ذوي الإعاقة والاحتياجات الخاصة.
في البداية، قدم تعريفًا عن نفسك لقارئات "سوبرماما"..
أنا محمد صابر علي أبو طالب، خريج كلية الآداب جامعة سوهاج قسم الدراسات الإسلامية، أقوم حاليًا بتحضير دراسات عليا في كلية التربية دبلومة مهنية شعبة التربية الخاصة، أعمل كمدرب كمبيوتر بجامعة سوهاج بمركز "نور البصيرة" لرعاية المكفوفين وضعاف البصر، من هواياتي عزف الموسيقى، والبرمجة الإلكترونية، وعمل هندسة صوتية وإنتاج فيديوهات باستخدام الكمبيوتر.
أخبرنا عن تجربتك الشخصية، والنقاط التي تحب مشاركتها مع الأُسر التي لديها طفل في ظروف مشابهة..
تجربتي الشخصية، وُلدت والحمد لله في وسط أسرة على ما أعتقد أنها تستحق الامتياز من حيث مساندتي ودعمي، ويمكن إيجاز التجربة فيما يلي:
لم تفرق أسرتي بيني وبين إخوتي المبصرين في المعاملة وغيره، وساعدتني في الاعتماد على نفسي دائمًا، حيث لم أكن عبئًا على أسرتي يومًا، وهذا ما أفتخر به الحمد لله. أما ما أريد توجيهه عموما للأسر التي لديها أطفال من ذوي الإعاقة، بالرغم من أن أبناءكم ذوو إعاقة وأنا كذلك، لكنهم قد يمتلكون قدرات وإمكانيات قد تفوق الشخص غير المعاق، فعليكم أن تطوروها بشكل عملي وواضح. ففي النهاية يقع الدور الأكبر في تربية الأبناء، وخاصةً ذوي الإعاقة، على الأسرة في المقام الأول ثم المجتمع والمدرسة، أنتم وحدكم القادرون على جعل ابنكم أو ابنتكم شخصًا فعالًا في المجتمع، أنتم فقط أصحاب القرار.
دور الأسرة مع الطفل المعاق
من واقع تجربتك، ما دور الأسرة في مساعدة الأطفال ذوي الإعاقة؟
تلعب الأسرة الدور الأساسي الفعّال الذي يحتاجه الطفل ذو الإعاقة، فمن أهم واجبات الأسرة حقيقة أن تكون هي الداعمة والمحفزة له، كذلك من المهم جدًّا ألا تكون الأسرة هي مصدر التهميش في المجتمع أو إشعاره بأنه عالة أو عبء عليها، حتى لا يفقد الثقة في نفسه، لأن أهم ما يحتاجه الابن في هذه الظروف هو الثقة التي لا تأتى إلا من الأسرة، والتي أرى من وجهة نظري أنها اللبنة الأساسية التي يبني عليها الطفل ثقته في المجتمع والمحيطين به. وإذا فقد تلك الثقة لن نستطيع إرجاعها له مهما حدث، إلا بعد مجهود كبير جدًّا، وكما يقول المثل: "فاقد الشيء لا يعطيه".
أهم النقاط التي يجب مراعاتها لتعزيز ثقة الطفل المعاق في نفسه؟
- استقلالية طفلك هي أهم شيء، بحيث يكون شخصًا معتمدًا على نفسه في أبسط الأمور، حتى تخلق منه فيما بعد شخصًا قادرًا مع الوقت على الاستقلال بحياته.
- القدرة على إكسابه مهارات التواصل مع الآخرين، لأنها مهمة جدًّا له في حياته العملية فيما بعد.
الثبات الانفعالي، بمعنى أن الأسرة تجعله قادرًا على تحمل النقد الذي قد يتعرض له بسبب الإعاقة، وهذه نقطة مهمة جدًّا، حتى لا ينفر من المجتمع والبيئة المحيطة. - إكسابه الثقة في قدراته وأنه يستطيع فعل ما يريد.
- مساعدة الطفل في إثبات ذاته أمام نفسه وأمام الآخرين.
في الحقيقة إذا لم تمكنه الأسرة من هذه العناصر السابقة، ستخلق شخصًا ضعيفًا مهزوزًا لا يستطيع التعايش في المجتمع، وسيتحول لمعاق فعلًا.
كيف تساعد الأسرة الطفل على الانخراط في المجتمع وتجنيبه الانطوائية؟
عدم التهميش واعتباره ابنًا من الدرجة الثانية، بمعنى إشعاره بالشفقة والعطف عليه، بل يجب عليهم الحرص على مشاركته الفعالة في كل شيء، وأخذ رأيه مثله مثل الابن غير المعاق، وإبداء النصيحة له أو توجيهه فقط، وترك القرار النهائي له هو فقط دون أي تدخل من الأسرة.
كيف يمكن للأم مساعدة الطفل على الاختلاط مع الأطفال من غير ذوي الإعاقة؟
ببساطة تتركه وتشجعه على اللعب والتعامل معهم، حتى يتقبلوه ويتقبلهم، وهذا سينعكس بشكل كبير في تفاعله مع المجتمع فيما بعد.