تختلف تربية طفل في سن الثانية عشرة في أيامنا هذه كثيرًا عن تربيته من عقد واحد فقط من الزمان، فمع المجتمعات المفتوحة على التليفونات الذكية وأجهزة الكمبيوتر، ومع عادات وتصرفات زملائهم وطبيعة المرحلة نفسها التي تحمل إغراءً للطفل للتصرف كمراهق، واستمرار رغبته في التعامل كطفل مدلل، أصبحت تربية الأطفال في بداية مرحلة المراهقة تشكل تحديًا واضحًا للآباء، فعدم تمكنهم من التعامل مع كل هذه العوامل المختلطة بحكمة قد يؤدي لمشكلات سلوكية لديهم.
أسباب تغير سلوك الأطفال مع الآباء في بداية المراهقة:
يتعرض الأبناء في هذه المرحلة لعدة تغيرات هرمونية ترتبط بعملية البلوغ، هذه التغيرات تجعلهم أكثر حدة وغضبًا، وتفقدهم كذلك التحكم في ردود فعلهم بطرق مناسبة مع مختلف الشخصيات. ولذلك تكمن النصيحة الكبرى لعلماء النفس في التعامل مع هذه السن في ضرورة إيجاد مخرج لهؤلاء الأطفال، للتنفيس عن مشاعرهم وأفكارهم وغضبهم.
لا يستطيع هؤلاء الأطفال الانفجار في مدرسيهم أو زملائهم، وكذلك فإن ممارسة الرياضة أو اللعب في المدرسة أو النادي لا تعد متنفسًا لمشاعر الغضب والإحباط التي تصاحب هذه المرحلة من النمو النفسي، ويعد المكان الآمن الوحيد لتفريغ هذه الشحنة من المشاعر المختلطة هو البيت، ومعكِ أنتِ شخصيًّا.
يكمن دورك كأم في هذه المرحلة في تحمل التبجح في الكلام وصفق الأبواب والنظرات المستفزة، والتشكي المستمر من قسوة الحياة وظلم الأهل والأصدقاء، وليس هذا فقط بل يجب عليكِ أيضًا إظهار تعاطفكِ التام وتقديرك لكل هذه الأفكار.
إجبار الطفل على منع التنفيس عن مشاعره في البيت، هو المقدمة الطبيعية لخلق شخص عنيف غير قادر على كبح جماح تصرفاته وردود فعله فيما بعد.
كيف يمكنك عقاب الطفل في سن 12 سنة بطريقة فعالة؟
قبل التفكير في طرق العقاب، يجب عليكِ أولًا وضع القواعد العامة للسلوك والتعامل مع الطفل، فتحديد ساعات اللعب، أو ساعات استعمال التليفون المحمول، أو ساعات البقاء خارج المنزل، وأيضًا النتائج المدرسية المتوقعة، والمعاملة مع الإخوة، والمشاركة في الواجبات المنزلية، كل هذه تعد أمورًا أساسية تحتاج توضيحها للطفل وتعويده عليها، قبل عقابه على مخالفتها أو خرقها. من الضروري جدًّا مراجعة هذه القواعد كل فترة مع طفلك والتأكيد عليها.
ويجب أن تعتمد طريقة العقاب على قراءتكِ لشخصية طفلك واهتماماته، فأحيانًا قد يكون الحرمان من التليفون المحمول هو العقاب الملائم، بينما قد يكون الحرمان من الخروج مع الأصدقاء أو الذهاب في نزهة في نهاية الأسبوع هو العقاب المناسب لطفل آخر، وكذلك الحرمان من المصروف الشخصي، فتقدير مناسبة العقاب، يعتمد في مجمله على عمق علاقتكِ بطفلك وإدراكك لاهتماماته.
واعلمي عزيزتي أن حرمان الطفل مما يتعلق به قلبه ليس هو الحل الأمثل في بعض الأحيان، فيمكن أن يصبح التعويض عن الخطأ هو العقاب المناسب، كأن يتنازل عن شريط لعبته المفضل لأخيه، أو يقوم بأحد الواجبات المنزلية عوضًا عن أخته. وأن المكافأة على الأفعال الإيجابية عند اللزوم تعد جزءًا من تعزيز الأساليب العقابية للطفل، فاعتياد الطفل على التقدير يجعل العقاب أكثر فاعلية عند تطبيقه.
وأحيانًا قد يكون خصامك للطفل فعالًا جدًّا معه، خصوصًا إذا كانت العلاقة بينكما إيجابية وقوية، ولكن إذا اتبعتِ هذه الطريقة يجب أن تكون لفترات محدودة فقط لترسيخ إحساس الطفل بخطئه.