كل شهر فريدة بتكبر فيه بتفاجئني بحركات وتصرفات جديدة دون أي تمهيد، أول ما اتعلمت تقعد مثلا ماكنش في قبلها أي تمهيد بيقول كده، فجأة في يوم سايباها نايمة وأنا وهي لوحدنا، دخلت الأوضة في الوقت المناسب وفقًا لتوقيت قلب الأم، لقيتها قاعدة على حافة السرير بتبص لي في صمت!
كل شهر بحب أدوّن التطور الجديد اللي حصلها، اتعلمت تسقف، تشاور مع السلامة، مثلا بدأت تعترض بالصوت، وتختبر لعبة رمي اللعب ورد فعلي، كل شهر بكون متحمسة للجديد، وبستعد نفسيا للتعب والمجهود المطلوب مني علشان نعدي الليفل الجاي بسلام.
اقرئي أيضًا: حواديت ماما: دودي العضاضة
ولأنها بتفاجئني، فنفس الشيء حصل مع الزحف وتطور مهاراتها الحركية، كنت قريت كتير إن الأطفال مش شرط تزحف وممكن تقف على طول، وكنت متخيلة فريدة هتعمل كده، لأنها بمقاييس التطور اتأخرت في الزحف شوية، لكن في يوم من ذات أيام أواخر الشهر التاسع، فوجئت بيها بتزحف للخلف، بتزحف لورا بحركات تضحك جدًا، وأخدت أسبوع تقريبا على خطوة الزحف للأمام، أو بمعنى أدق على ما وثقت في نفسها وتشجعت..
وزي أي أم جديدة، أنا انبهرت وفرحت وسقفت وأفراح وبلالين.. بس بعد يومين بالظبط من خساير زحفها في الشقة، قلت ولا يوم من أيام الشهور الأولى اللذيذة.. كنت أحطها مكانها وأرجع ألاقيها مكانها.
دلوقتي أصلا اختيار إني أحطها في مكان وأرجع ألاقيها، بقى غير متاح، هي لازقة فيا وبتزحف ورايا جري في كل مكان، حتى في الحمام، ساعات أجيبها من تحت السرير، من تحت السفرة أو على وشك غرز إيديها في فتحات الكهرباء..
الحقيقة إن الزحف طلع مرحلة لذيذة جدًا ومرهقة جدًا جدًا.. أصبح عندي قطة متجولة عايزة تستكشف كل شبر حواليها ولسان حالها بيقول، مش كفاية بقالي شهور باصة للسقف.. سيبوني أنطلق!
شوية بشوية بدأت تحاول تقف، فتقع، فتعيط، فتحاول تاني، مش هانكر إن المرحلة دي بتعرفني على ملامح شخصيتها، طفلة عنيدة وصبورة جدًا..
اقرئي أيضًا: حواديت ماما: أنا والتسنين وفريدة
علشان كدة بدأت أهيأ لها البيت علشان يناسب المرحلة دي، كل ما هو غالي ونفيس وزجاج ممكن يؤذيها تم رفعه وإزالته لحين إشعار آخر، الأرض تحولت لمربعات من الفوم الملون علشان الوقعات متبقاش جامدة عليها.. لإنها لازم لازم هتقع، علشان تتعلم.. وطبعا فيش الكهرباء وأزايز المنظفات وما شابهها، تم اختراع حيل تخفيها وأماكن جديدة لحفظها.. زيارتنا للأهل والأقارب والخروجات، بدأت تقل شوية حرصًا على سلامتها، لأنها بتفرهدنا تمامًا وبتسبب بعض الكوارث حسب نوع المكان، ولكن بنقول مرحلة وهتعدي بسرعة.
كمان أقل من شهرين فريدة هتكمل سنة.. يمكن تكون أصعب وأحلى سنة في حياتي، حياتي اتغيرت فيها تمامًا، في كل شيء، وممكن أقول إنها اتغيرت للأفضل والأنضج، فرحتي بكل تطور بشوفها بتعمله، وبشقاوتها ومصايبها اللي بتختمها بضحكة علشان مزعقش، وبتدريب نفسي إني أكون أم هادية وصبورة بعافر علشان أربيها صح بعيد عن العصبية والزعيق والضرب، كل ده بيخليني أتقبل التغيير بابتسامة، وأبص للتعب على إنه ضريبة بسيطة قدام صحتها وضحكتها وحضنها اللي مفيش زيه.