حب الطفل الثاني

تشغل طبيعة حب الطفل الثاني كثيرًا بال الأم الحامل للمرة الثانية أو التي تخطط للحمل الثاني، فتفكر هل سأحبه كطفلي الأكبر وأعطيه المشاعر نفسها؟ أم أنه سينقص من حبي لأخيه؟ وكيف سأتعامل معهما؟ والكثير والكثير من الأسئلة التي تدور في ذهنها.

 لذلك تحدثت مع العديد من الصديقات والأمهات الأكثر خبرة ولديهن طفلان أو ثلاثة أطفال عن مشاعرهن، وكيف تقبلن الأمر هن وصغارهن أيضًا، وهل الطفل الثاني سيُظلم في الحصول على المشاعر والاهتمام نفسه الذي منحته الأم للطفل الأكبر أو العكس، وهذه كانت إجاباتهن.

تجارب حقيقية للأمهات عن حب الطفل الثاني

الخوف من التجربة:

مي "أم لطفلين" تقول:

"عندما حملت للمرة الثانية كان الأمر غير مخطط له، فقد كنت أخشى الفكرة وأؤجلها للسبب نفسه، وهو الخوف من أن يشارك طفل آخر طفلي الأكبر في المحبة والوقت والاهتمام، ولم أكن واثقة في أنني سأستطيع فعل ذلك والعدل فيه. ولن أكذبك حديثًا، فقد عشت طوال فترة الحمل أحاسيس قلق وخوف وعدم شعور بجنيني، لأنني حرصت على مشاعر طفلي الأكبر طوال الوقت، ولم أرغب في أن يشعر بشيء مختلف في نمط يومه.

 ولكن فور ولادة طفلتي الصغرى تغير الأمر تمامًا عندما وضعها الطبيب بين ذراعي، فعادت مشاعري الأولى نفسها تجاه طفلي الأكبر تتدفق في قلبي من جديد بالمقدار والخطوات والتطورات نفسها. ويومًا بعد آخر أدركت أنني أحب طفليَّ مثل بعضهما البعض تمامًا، بل وأستمتع بتربية طفلي الثاني أكثر لأنني صرت أكثر خبرة ومعرفة بأمور رعايته، حتى ولو بدا للآخرين أنني أراعي مشاعر طفلي الأكبر طوال الوقت".

هواجس وهرمونات الحمل:

منة "أم لطفلتين" تقول:

"إن السبب الرئيسي في هذا الشعور أن الطفل الأول غالبًا ما يأخذ كل مشاعر الاهتمام والقلق والخوف المتعلقة بالأمومة لأول مرة، بالإضافة لتعلقه بالأم بشكل كبير. ومع حدوث الحمل الثاني والمعاناة من هرمونات الحمل في الفترة الأولى، تكون مشاعر الأم جياشة وهشة للغاية، فتفكر في طفلها الأكبر وتخاف عليه، وربما تشعر بأن الجنين الذي تحمله سيُظلم بالتأكيد وسط كل هذا الحب للطفل الأكبر".

وهو ما شعرت به منة في البداية، فرغم تخطيطها لحملها الثاني وفرق السن المناسب بين طفلتيها، كانت تبكي يوميًّا لأنها لن تحب طفلتها الصغرى بالتأكيد كالأولى، وستكون أمًّا سيئة وظالمة وما إلى ذلك من أوصاف، ولكن ما حدث فعلًا في شهور الحمل الأخيرة أن حالتها النفسية بدأت في الاستقرار نسبيًّا، وأحاطت نفسها بتجارب الأمهات الإيجابية مع الطفل الثاني، وأعدت طفلتها لاستقبال أختها الصغيرة.

وفور الولادة تحسن الأمر تدريجيًّا، صحيح لفترة قريبة كانت محبتها لطفلتها الكبرى تطغى على كل شيء، ولكن سرعان ما بدأت الصغيرة تخطف قلبها بنظرتها وابتسامتها، تخبرني بأنها ستكون طفلة مستقلة أكثر ومرحة ومنطلقة أكثر من طفلتها الكبرى، وتمتلك كاريزما وحضورًا طاغيًا يجبر الجميع على عشقها، وبالطبع لم ينقص ذلك من محبة الطفلة الكبرى أبدًا.

الحب لا يأتي دفعة واحدة:

كان ذلك ما أخبرتنا به دينا "أم لثلاثة أطفال"، قائلة: 

"محبتكِ لطفليكِ الثاني والثالث لا تأتي دفعة واحدة مثل الطفل الأول فور ولادته، لأنكِ في البداية لا تخصصين لهما وقتًا كاملًا وكافيًا مثلما حدث مع طفلكِ الأكبر الذي كنتِ متفرغة له تمامًا. ولكن يصبح للرضيع وقت مستقطع من وقت الطفل الأكبر، وغالبًا ما يكون في حالة ذهاب الطفل الأكبر للحضانة أو المدرسة أو انشغاله عن الأم، مراعاة لمشاعره ونفسيته في المرحلة الأولى التي نعلمها جميعًا كأمهات لأكثر من طفل.

ولكن دائمًا أقول إن الطفل الثاني أذكى في خطف القلوب والأنظار، عكس الطفل الأول الذي يحظى بكل ذلك دون مجهود لأنه الأول، وتبدأ المحبة تجاه صغيركِ الجديد تزداد تدريجيًّا لتصل في لحظة ما إلى محبتكِ لطفلكِ الكبير نفسها، وتجدين نفسكِ تلقائيًّا تعدلين بينهما في كل شيء بدءًا من القبلة والعناق وحتى الوقت والاحتياجات المادية، كل ذلك يحدث بحكمة من الله بعد انقضاء المرحلة الأولى الحرجة لنفسية طفلكِ الكبير ونفسيتكِ بعد الولادة.

وحين يأتي الطفل الثالث، يصبح الأمر بمثابة قلب ثالث ينبض داخلكِ، فلكل طفل محبة خالصة ومتساويه مع أخيه".

بعد أن تعرفتِ عزيزتي الأم على خبرة الأمهات في مشاعرهن نحو الطفل الثاني، لا تقلقي واستمتعي بحملكِ وولادتكِ.

قرار إنجاب الطفل الثاني في العائلة

قرار إنجاب طفل ثانٍ هو أحد أكبر وأهم القرارات التي ستتخذينها طوال حياتكِ، ويختلف الأمر بين كل زوجين، لذلك لا يمكن لأحد أن يخبركِ بالموعد المناسب لولادة طفل ثانٍ، فالأمر يعتمد عليكِ أنتِ وزوجكِ وحدكما. وبالرغم من الجانب الإيجابي بأن الطفل الأول سيصبح لديه أخ أو أخت يتفاعلان ويلعبان معًا، لكن هناك جانبًا آخر، وهو تأثيره على حياتكما وبالأخص طاقتكما ووقتكما.

فبعد أن يكبر طفلك الأول، ستتساءلين: ما الوقت المناسب لولادة طفل آخر؟ وكلمة الوقت المثالي أسطورة غير موجودة، ولكن هناك بعض النقاط التي يجب التفكير فيها قبل اتخاذ هذا القرار وهي:

  • "هل أنا وزوجي لدينا الرغبة نفسها؟": تحدثي مع زوجكِ بصراحة، فالنقاش في الأمر قبل حدوثه أفضل كثيرًا من حدوثه، ثم اكتشاف أن أحدكما لم يكن يرغب في طفل ثانٍ في هذا التوقيت.
  • "من سيساعدني؟": بين الرضاعة طوال اليوم -خاصًة في الليل- وتغيير الحفاضات وزيارات الطبيب مع وجود طفل أكبر ونوم غير منتظم، ستحتاجين إلى شخص آخر يساعدكِ، فكري فيمن يمكنكِ طلب المساعدة منه عندما تحتاجين إليه.
  • "هل لدينا القدرة المادية؟": بالتأكيد أدركتِ مع طفلكِ الأول حجم المصروفات التي تتطلبها ولادة طفل جديد، ومع وجود طفل آخر يجب أن تستعدا لهذه المصروفات.

الفرق المناسب بين الطفل الأول والثاني

تختلف كما تحدثنا حسب حياة الوالدين وطبيعتها، ولكل فرق سن بين الطفلين الأول والثاني مزايا وعيوب كما يلي:

الفرق من سنة إلى ثلاث سنوات:

مزاياه:

  • سيلعب الطفلان معًا بشكل جيد.
  • لا يشعر الطفل الأكبر بالغيرة من أخيه.
  • تتعب الأم لفترة واحدة، ثم ترتاح وتعود لحياتها من جديد.

عيوبه:

  • تكون طلبات البيت والأولاد كثيرة على الأم.
  • تكون المصروفات مضاعفة.

الفرق 3 سنوات وأكثر:

مزاياه:

  • يكون جسد الأم تعافى من تأثير الحمل والولادة الأولى.
  • يكون لديها وقت أكثر للعناية بكل منهما.

عيوبه:

التعامل مع الطفل الأول بعد ولادة الثاني

بعد ولادة طفلكِ الثاني سيشعر طفلكِ الأكبر بالكثير من المشاعر، منها الغيرة والغضب من أخيه، وقد لا يستطيع التعبير عن مشاعره، ويمكن أيضًا أن يتراجع عن بعض مهاراته التي تعلمها، ولكن أيضًا يمكنكِ التعامل معه في هذه المرحلة من خلال:

  1. اطلبي رأيه في تحضير غرفة الطفل أو سريره واختيار ملابسه.
  2. أعطيه هدية وأخبريه بأنها من أخيه الأصغر والعكس.
  3. واظبي على الجلوس معه وقت منفصل بعد الولادة، واتركي الصغير مع زوجكِ أو والدتكِ.
  4. احكي له القصص عن وجود أخ أصغر له، وكيف سيصبحان صديقين قريبًا.
  5. اطلبي مساعدته في العناية بصغيركِ.
  6. اذهبي معه في زيارة طبيبكِ، ليشاهد أخاه الصغير في جهاز السونار.
  7. اعلمي أن هذا لن يكون الوقت المناسب لتدريبه على خلع الحفاض أو النوم في سريره أو ترك الببرونة أو الذهاب إلى الحضانة، فأجلي هذه الخطط لفترة تالية.
  8. اعلمي أن نوبات الغضب ومشاعر الغيرة هذه ستكون قصيرة الأجل، فلا تتوتري.

كأم لطفل واحد يشغل بالكِ كثيرًا حب الطفل الثاني بعد إنجابه، وخوفكِ من تقصيركِ تجاهه، ولكن إذا كان هذا عائقكِ الوحيد أمام إنجاب طفل ثانٍ، ضعي مخاوفكِ هذه جانبًا، واستمعي لآراء الأمهات القدامى، واعرفي أكثر عن حياتكِ بعد ولادة الطفل الثاني.

العودة إلى صغار إقرأ المقالة

مواضيع ذات صلة ب : هل يمكن أن أحب طفلي الثاني مثل الأول؟

supermama