يبحث الآباء عن الأفضل دائمًا لأبنائهم خاصةً حين يأتي الأمر للتعليم، وفي السنوات الأخيرة تغير الأمر كثيرًا عن ذي قبل، وانتشرت عديد من المناهج التعليمية والتربوية التي تهدف لتعليم الطفل بطرق غير تقليدية تعزز من مهاراته منذ سن صغيرة للغاية، ومنهج ريجيو أميليا أحد هذه المناهج التعليمية، الذي سنخبركِ مزيدًا من المعلومات عنه في هذا المقال، مع مميزاته وعيوبه ونصائح لتطبيقه.
ما هو منهج ريجيو إميليا لتعليم الأطفال الصغار؟
سُمي منهج ريجيو إميليا على اسم مسقط رأس هذا المنهج التعليمي في إيطاليا Reggio Emilia، وهو فلسفة تعليمية تركز على الأطفال في الفئة العمرية من ثلاث إلى ست سنوات، بدأ لوريس مالاجوزي هذا النهج الجديد للتعلم بعد الحرب العالمية الثانية، استند أسلوب مالاجوزي على فكرة أن الأطفال باحثون بالفطرة ويدفعهم فضولهم للتعلم، ومستعدون دائمًا للتحديات، وأن المحيطين بهم يمكن أن يلهموهم للتفكير خارج الصندوق باستخدام أدوات خاصة وطرق غير تقليدية.
يعتمد نهج ريجيو إميليا على مبدأ أن للطفل مائة لغة، هذه اللغات هي الطريقة التي يتواصل بها الطفل مع بيئته والمحيطين به، ميزة هذه اللغات أنها موحدة ويمكن لجميع الأطفال التعامل معها، ومنها: الفن، والبناء، والابتكار، واستخدام الجسم للتعلم، والرقص، والخيال، والموسيقى والعلوم والطبيعة والتحدث والكتابة وغيرها، تُستخدم هذه "اللغات المائة" لمساعدة الأطفال على التعلم وفهم العالم من حولهم، تؤمن طريقة Reggio Emilia بأن الطفل هو مركز عالم التعلم الخاص به، أي أنه هو المسؤول عن تعليمه، وأن الآباء والمعلمين والمجتمع جميعهم متعاونون طوال رحلة تعليم الطفل، وغالبًا ما تصمم الفصول الدراسية في مدارس ريجيو أميليا لتبدو أشبه بالمنازل، لتكون بيئة جذابة، إذ إن البيئة جزء مهم من تجربة التعلم.
فيما يلي سنوضح مميزات وعيوب هذا النهج التعليمي.
اقرئي أيضًا: 25 خطوة لتعليم طفلك على طريقة المنتسوري في المنزل
مميزات وعيوب منهج ريجيو إميليا
كأي منهج أو فلسفة تعليمية وتربوية، فإن لمنهج ريجيو أميليا مميزات وعيوب، أما المميزات فتشمل:
- تعليم الأطفال التعاون معًا: يعتمد منهج ريجيو أميليا على وجود الأطفال في بيئة مألوفة ومحفزة لهم، للتعاون والعمل معًا في مشروع واحد.
- زيادة شغف الطفل للتعلم: في منهج ريجيو أميليا يختار الطفل ما يتعلم وفقًا لاهتماماته، ما يعني أنه يمتلك شغفًا للأشياء التي يتعلمها لأنه من يختارها ويحبها.
- المنهج مناسب لجميع الأطفال: تعتبر فلسفة ريجيو أميليا أن كل الأطفال قادرون، ما يجعل هذا المنهج مناسبًا للأطفال من ذوي المستويات المختلفة.
- تحفيز الطفل على التجاوب والتعلم: على عكس طرق التعليم التقليدية، يتعلم الطفل في هذا المنهج بمشاركة المدرس والمحيطين، أي أنه المسؤول عن تعليمه الخاص، من خلال استكشاف الإجابات، وتعزيز مهارات التفكير النقدي وحل المشكلات.
- تعزيز مواهب الطفل: هناك دمج قوي للفنون في هذا المنهج مثل الرسم والغناء والرقص والموسيقى والبناء وغيرها، لذا فهو مفيد للأطفال الذين يبدون اهتمامًا بهذه المجالات.
ومع ذلك لا يخلو منهج ريجيو أميليا من بعض السلبيات، ومنها:
- عدم التقيد بجدول زمني: هناك فقدان للسيطرة على الزمن في منهج ريجيو إميليا، فلا يوجد خطة للعام الدراسي مثلما الحال مع المناهج التقليدية لمرحلة ما قبل الدراسة، لأنه لا يُوجد منهج محدد، ويعتمد الأمر على اهتمامات الطفل، الأمر الذي يعتبر ميزة وعيبًا في الوقت نفسه.
- ليس منهجًا دراسيًا: ريجيو أميليا ليس منهجًا بالمعنى المفهوم، وإنما يمكن اعتباره فلسفة تربوية وتعليمية، ولا يجب الاعتماد عليه فقط كمنهج تعليمي يؤهل للدراسة الأكاديمية فيما بعد، ويجب أن يكون هناك منهج فعلي لاستكماله.
- يتطلب هذا المنهج تعاون من الأسرة: قد تبدو ميزة، ولكن إذا كانت الأسرة لا تجد الوقت الكافي فقد لا ينجح المنهج في هدفه، لأنه يعتمد في نجاحه على مشاركة الأسرة.
نصائح لتطبيق منهج ريجيو إميليا
يمكن ببساطة تنفيذ فصل دراسي مستوحى من منهج ريجيو إميليا وتطبيق مبادئه في المنزل، فكما ذكرنا هو يعتمد في الأساس على ما يرغب الطفل في تعلمه، وإليكِ بعض النصائح لتطبيق هذا المنهج فيما يلي:
- أعدي غرفة في المنزل للتعلم: في البداية ستحتاجين إلى إعداد مكان مخصص للدراسة، سواء غرفة أو مساحة ويفضل أن يتخللها الضوء الطبيعي، وألا تكون مزدحمة ولا تحتوي على أثاث كثير حتى تسمح للطفل بالتحرك، ويمكنكِ وضع بعض الرسومات البسيطة بمعاني يمكن للطفل أن يستوعبها، مع عبارات مشجعة مثل أنا أقدر، أو يوم جميل وغيرها.
- وفري الأدوات: لا يحتاج منهج ريجيو أميليا لأدوات خاصة، بقدر ما يحتاج لأغراض من بيئة الطفل وتكون متنوعة، استعيني بأوراق الأشجار، والأخشاب، والنباتات، واللعب، والمواد الصلبة كالحجارة، وغيرها، ستحتاجيبن أيضًا إلى أوراق وألوان ومكعبات، ورصيها بشكل دائري حول الغرفة.
- دعي الطفل يختار ما يريد تعلمه: في كل يوم دعي الطفل يختار ما يريد تعلمه، ومن خلال أسئلته يمكنكِ تحضير ما سيدرسه في اليوم القادم، فإذا كان يهتم بالنباتات، فيمكنكِ ببساطة شرح أجزاء النبات من خلال نبتة صغيرة ووضحي له كيف يعمل كل جزء بطريقة سهلة وكيف أن الجذر لتثبيت النبات وتغذيته، والساق لحمل الأوراق، وهكذا، ويمكنك الاستعانة ببعض البذور وجعل الطفل يزرعها ومراقبتها يوميًا حتى يفهم بالتطبيق ما تعلمه.
- عززي حواس الطفل: من أفضل الوسائل للتعلم في منهج ريجيو أميليا هو تعزيز الحواس، من خلال لمس الطفل لمواد مختلفة ومحاولة وصفها أو الاستماع لأصواتٍ متنوعة، ووصف الأشياء التي يراها.
- جهزي ركنًا للقراءة: احرصي على أن يكون هناك ركن للقراءة يحتوي على الكتب التفاعلية والمجسمة والناطقة من مختلف المجالات، ليختار الطفل منها ما يثير اهتمامه.
- سجلي أفكار الطفل: من المهم جدًا تسجيل أفكار الطفل وجلسة الدراسة يوميًا، وقد تبدو لكِ عملية غير مهمة، لكنها ستساعدك في تحديد مستوى الطفل وقدراته والأشياء التي يحبها وتجذب انتباهه.
- تحاوري مع الطفل: الحوار أحد الأسس التي يقوم عليها منهج ريجيو أميليا، تحاوري مع الطفل كثيرًا واستمعي لأسئلته واسأليه في المقابل، ليس أسئلة بغرض اختبار قدراته، ولكن بغرض فتح حوار واستمرار الحديث، يساعد هذا الأمر على تنمية مهارات التواصل لدى الطفل وتعزيز مداركه.
- العبي مع الطفل: اللعب أداة أساسية في منهج ريجيو أميليا، وليس بالضرورة أن يكون لعبًا تعليميًا في كل الأوقات، ولكن امزجي بين اللعب التعليمي والتفاعلي وبين اللعب المرح، تساعد ألعاب مثل مسرح العرائس على خلق أجواء تجمع بين المرح والتعلم وتساعد على جذب انتباه الطفل.
اقرئي أيضًا: كيف يكون شكل مناهج التعليم المنزلي للأطفال؟
ختامًا، فإن منهج ريجيو أميليا قد يكون مناسبًا للأطفال الصغار في مرحلة ما قبل المدرسة لتعزيز قدراتهم الاجتماعية والذهنية ومهارات التواصل، ولكن احرصي على أن يكون بالتزامن مع منهج دراسي لإعدادهم للدراسة الأكاديمية.
لقراءة مزيد من المقالات المتعلقة بـ رعاية الصغار زوري موقعنا.