يستغرق تعلم الطفل الكلام وقتًا كبيرًا، فهي رحلة تدريجية ومرحلة مهمة في حياة جميع الأطفال، الذين يختلفون فيما بينهم في مدى سرعة تعلمهم، واكتسابهم اللغة، وبدئهم في النطق. لذا قد يعاني بعض الأطفال من صعوبات عديدة حتى ينطقوا كلماتهم الأولى ويكوِّنوا جملة مفهومة، وهو ما قد يحدث نتيجة لوجود مشكلات متعددة، قد تكون في السمع أو عدم القدرة على الفهم والاستيعاب، ما يؤخر استجابته لما حوله، ويبطئ مهارة اكتساب اللغة لديه، ويؤخر نطقه، وهو ما قد يدخله في دوامة اضطرابات الكلام. في هذا المقال نحدثكِ أكثر عن مشكلة صعوبة النطق عند الأطفال، وكيفية تقوية النطق عند الأطفال.
تشخيص صعوبة النطق عند الأطفال
اكتشاف مشكلة صعوبة النطق لدى الأطفال مبكرًا يساعد كثيرًا على العلاج بشكل أسرع، لذا على الأم أن تنتبه جيدًا لرد فعل طفلها أمام الأصوات والحركات المختلفة، منذ إطلاقه الهمهمات وأصوات الغرغرة وهو طفل رضيع، لتطمئني على حاسة السمع لديه، واستجابته للأصوات المختلفة، وتفاعله معها ومع الآخرين. إذا لاحظتِ عزيزتي أي مشكلة في سمع طفلكِ، فيجب أن تتوجهي إلى الطبيب على الفور، لأنه قد يكون سببًا رئيسيًّا في صعوبة النطق لديه.
الطبيب سيفحص أذن طفلكِ كخطوة أولى مهمة، لمعرفة ما إذا كان طفلكِ يعاني من مشكلة في هذه الحاسة من عدمه، خاصةً أنه من الصعب ملاحظة ضعف السمع، إذا كان يعاني من فقدان السمع في أذن واحدة فقط، أو يعاني من ضعف جزئي في السمع، أي يسمع بعض الأصوات وليس جميعها، ومن خلال هذا الإجراء، سيحدد الطبيب بدقة سبب المشكلة، إذا ما كانت الأذن أم يوجد سبب آخر لصعوبة النطق.
بشكلٍ عام لاتباع مراحل تطور طفلكِ في النطق والكلام منذ البداية، يبدأ الطفل بنطق كلمتي "ماما" و"بابا" بدءًا من الشهر السادس تقريبًا، ثم يكون بعدها قادرًا على نطق الكلمات منفردة في عامه الأول، وفي عمر السنتين أو الثلاث سنوات يكوِّن جملًا قصيرة، ويسمي أجزاء الجسم، وفي عمر الأربع سنوات، بإمكانه تكوين جمل من خمس كلمات، بالإضافة إلى تذكر الأغاني القصيرة، واستخدم ضميري "أنا" و"أنت" بشكل صحيح.
أما في سن الخامسة، فيبدأ بفهم الأوامر، ويستخدم صيغة الجمع أو صيغة الماضي بطريقة سليمة، ويطرح أيضًا أسئلة مثل: "لماذا؟" و"مَن؟" ويتكلم عما فعله خلال اليوم، لكن مع ههذا يجب أن تدركي أن تطور كل طفل، يتوقف على سرعة اكتسابه للغة وتعلمها من عدمها، لذا لا تستعجلي طفلكِ ليخرج كلماته الأولى بطريقة مثالية، تحلي بالصبر، وإذا لاحظتِ وجود مشكلة اعرضيه على أخصائي نطق ولغة.
وبخلاف مشكلات السمع تعرفي في الفقرة التالية إلى الأسباب الأخرى الشائعة لتأخر النطق عند الأطفال.
أسباب صعوبة النطق عند الأطفال
صعوبة النطق وتأخر الكلام عند الأطفال تدل في أغلب الأحوال أن الطفل يعاني من صعوبة في فهم الكلمات والإشارات المختلفة التي يقوم بها المحيطون به، أو أنه يجد صعوبة في التعبير عن نفسه، وهذا يرجع إلى عدة أسباب أكثرها شيوعًا:
- مشكلات الفم: وأشهرها ضعف اللسان وصغر حجمه، واضطرابات الفكين، وثقب سقف الحلق، ووجود شق في الشفاه، وتشوه الأسنان، وغيرها.
- اضطرابات النمو: يمكن أن يكون الطفل مصابًا بأحد اضطرابات النمو، كاضطراب طيف التوحد، وهو سبب من أسباب صعوبة النطق وتأخر الكلام.
- وجود خلل في الجهاز العصبي: اضطراب الأعصاب المتحكمة في الكلام، يؤثر أيضًا بشكل كبير في النطق ويؤخره.
- ضعف السمع: كما تحدثنا في الفقرة السابقة، فإن الأطفال الذين يعانون من مشكلات سمعية، كالتهاب الأذن، وتمزق طبلة الأذن، يعانون بالطبع من تأخر الكلام.
تتطلب هذه المشكلات الصحية العلاج الطبي على الفور، أما عن طرق علاج صعوبة النطق عند طفلكِ، وكيفية تقوية هذه المهارة لديه، إذا لم يكن يعاني من حالة مرضية تعيقه عن النطق، فالسطور التالية توضح لكِ هذا الأمر بالتفصيل.
تقوية النطق عند الأطفال
يمكن للأم والأب مساعدة طفلهما على النطق والكلام عن طريق التواصل معه باستمرار، وممارسة بعض الأنشطة التي تشجعه على التفاعل معهما، ونطق الكلمات والجمل المختلفة، مثل:
- الاستجابة للأصوات والإيماءات التي يقوم بها الطفل.
- تكرار ما يقوله والإضافة عليه.
- الحديث عن الأشياء التي يراها.
- تبادل الأسئلة والإجابات معه.
- قراءة الكتب المختلفة المناسبة لعمره.
- قراءة قصص الأطفال.
- الإشارة إلى الأشخاص والأماكن والأشياء أمامه وتسميتها.
- مشاركته بعض الأنشطة التفاعلية، التي تعتمد على النطق.
- حثه على تكرار الكلمات والجمل.
- الغناء والاستماع إلى الموسيقى.
اجعلي هذه النصائح روتينًا يوميًّا في التعامل مع طفلكِ، سواء خلال اللعب، أو عند الخروج وشراء طلبات المنزل، أو بعد عودته من الحضانة أو المدرسة، أو خلال الزيارات العائلية، أي في كل الأنشطة التي يشترك فيها طفلكِ بحسب عمره.
بشكل عام يحتاج علاج صعوبة النطق إلى تضافر جهود الوالدين، والمعلمين في المدرسة أو الحضانة، وأخصائي أمراض النطق واللغة، للوصول إلى العلاج المناسب. ولكن تذكري أن المسؤولية الأولى تقع على عاتقكِ أنتِ وزوجكِ في تحفيز طفلكما وتشجيعه على النطق، من خلال الأنشطة السابق ذكرها، والانتباه لردود فعله، ونموه وتطور مهاراته بشكل طبيعي.
يبدأ علاج تأخر النطق لدى الأطفال على شكل جلسات فردية يقوم بها أخصائي أمراض النطق واللغة مع الطفل، ومن المهم البدء مبكرًا فور اكتشاف المشكلة لديه، فسرعة التعامل مع الأمر، يوفر مشوارًا طويلًا من العلاج.
صعوبة النطق عند الأطفال مشكلة يواجهها عدد كبير من الأمهات، لكن الخبر الجيد أن من السهل التعامل معها، خاصةً مع الاكتشاف المبكر لها، واتباع طرق تقوية النطق عند الأطفال، ففي النهاية الأم والأب هما المعلمان الأساسيان للطفل في سنوات عمره الأولى.
إذا كنتِ تجدين بعض الصعوبة في رعاية أطفالكِ الصغار، "سوبرماما" تقدم لكِ أفضل نصائح التربية في قسم رعاية الصغار.