أنا عايزة من ده يا ماما زي صاحبتي ريم
هما ساكنين في فيلا
ليه ما عندناش شغالة وسواق
كثيرًا ما نكرر بعض المفاهيم التربوية دون أن نلمس طريقة واضحة لغرسها في نفوس الصغار أثناء التربية، فنكرر مثلًا أهمية القناعة والرضا والبعد عن الطمع والجشع والإسراف والتبذير وعدم النظر إلى ما في يد الغير وغير ذلك، لكن كيف نغرس تلك المفاهيم.
تظهر أهمية هذه المفاهيم في سن مبكرة لكنها قد تبدو واضحة في عمر المدرسة، إذ يقارن الطفل ما لدى زميله أو زميلته من أدوات مدرسية أو ربما شكل سيارة والده أو المصروف المقدم له. وقد تظهر تلك المفاهيم أكثر جلاءً في بلاد الغربة "الدول الخليجية" تحديدًا لأن المجتمعات العربية أكثر إسرافًا من الأوروبية وقد يظهر فارق المعاملات الاجتماعية بين الأسر في استئجار خادمة وسائق أو في شكل المنزل أو في غير ذلك إذ تراعي الأسر المغتربة الاقتصاد رغبة منها في الادخار والعودة لوطنها وبالتالي لا يدخر الأبوان وسعًا في الإنفاق على التعليم ونوعية المدارس وكذلك في سبل الحياة الكريمة لكنهما قد ينظران لبقية تلك التفاصيل على أنها كماليات لا داعي لها وهي في الحقيقة كذلك لأسرة مغتربة بالفعل.
(اقرأى أيضاً: كيف تغرسين فيمة القناعة في نفوس الصغار)
إذن كيف يتعامل الأبوان مع ذلك؟
هناك نصائح عامة ينبغي على كل الآباء والأمهات اتباعها إذ أن مفاهيم القناعة والرضا تحتاج الحرص على غرسها في نفس الطفل منذ البداية مهما كان مستوى الأسرة المادي وسواء كانت مغتربة أم لا ثرية أم دون ذلك، وفيما يلي أستعرض لك بعضًا منها:
- كوني قدوة طيبة في الرضا والقناعة وفي عدم المقارنة بين أسرتك وغيرك وفي حرصك على الفقراء وفي عدم الإسراف
- شاركيه عملية الشراء واشرحي له كيف يختار الشيء الجيد والأسعار المقبولة ولم تفعلين ذلك
- لا تسرفي في المصروف المقدم للطفل وتدرجي فيه وقدميه في السن الصغيرة يومًا فيوم ثم يمكن أن تمنحيه المصروف أسبوعيًا لتراقبي كيف ينظمه وقدمي له النصيحة
- اجعلي بند الصدقات بند أساسي في ميزانيتك وضعي صندوقًا أمام الجميع اكتبي عليه صندوق الصدقات على الأبناء أن يشاركوا فيه من مصروفهم الخاص
- قللي من تعلقه بالإعلانات والدعايات التجارية التي تجذبه لشراء الكثير من الأشياء التي كثيرًا ما يكون في غير حاجة لها
- اقرأي كتبًا في التربية عن أفضل السبل لغرس تلك المفاهيم في نفوس الأبناء. سأورد لك في النهاية قصة مهمة*
- كيف أتعامل عند المقارنة الفعلية؟ ماذا إذا جاء طفلي وقال لماذا لا نسكن في فيلا مثل صديقي فلان؟
- اشرحي الأمر بشكل مبسط كيف أن الناس يعيشون في مستويات مختلفة وأن هناك من هو أفقر منا وأن علينا أن نعرف قدر المال الذي لدينا وننظم إنفاقه
- أحيانًا قد يناقشك ابنك بما لا تتوقعينه فأنا أذكر مثلًا ابن أخي وهو يقول لي "بس بابا دكتور وباباه دكتور ليه بقى ما نقدرش نبقى زيه". يومها كان ردي: "يمكن يكون فلوسهم زي بعض بس بابا بيحوش عشان ترجعوا تاني فعشان كده بيشيل شوية فلوس على جنب"
- كوني صبورة في النقاش ولا تنفعلي
- شاركي في أنشطة خيرية وأشركيه فيها مرارًا وتكرارًا ليرى كيف يعيش من هو أفقر منا "تلك أكثر طريقة تغرس فكرة القناعة والرضا وعدم الإسراف والتبذير في النفس".
(اقرأى أيضاً: الزوج المغترب..كيف تتعاملين مع شكل العلاقة)
* في قصة أوردتها عابدة المؤيد العظم في كتابها التربوي الرائع "هكذا ربانا جدي علي الطنطاوي" أن جدها الشيخ أراد تعليمهم عدم الطمع والإيثار فاشترى قالبًا كبيرًا من الشوكولا اللذيذة وقطعه إلى قطع غير متساوية بتاتًا وقدمه لأحفاده وحفيداته فكان أن اختارت إحدى الحفيدات أكبر قطعة منها فلم يقل لها شيء سوى أن ابتسم وقال: آه لقد اخترت الكبرى يا ابنتي وصمت، تقول تلك الحفيدة: أنها خجلت للغاية وشعرت كم هي طماعة وأنانية وأن هذا الموقف ظل عالقًا في ذهنها حتى اليوم لدرجة أنها أصبحت ترى صورة وجه جدها الباسم عندما يقدم لها أي شيء فتختار عن عمد أقل الأكواب وأصغر القطع.
(اقرأى أيضاً: دليل الزواج الناجح..8 طرق لمساندة زوجك)