من تذوق طعم الغربة يعرف مدى الصعوبات التي يعاني منها المغترب في البداية وحاجته للدعم من الآخرين، خاصة إن كان يقيم في بلد لا يعرف به أحدًا ولا يتحدث لغته. ولمشكلات الغربة أوجه كثيرة، فمنها مشكلات اجتماعية واقتصادية وثقافية نابعة من صعوبة التأقلم مع المجتمع الجديد. لذا عرفي معنا من خلال هذا المقال على بعض هذه المشكلات، وكيفية التعامل مع مشاكل الغربة المختلفة.
مشاكل الغربة عن الوطن
- التأقلم: أول مشكلة ستقابلكِ عند السفر للخارج، هى التأقلم مع عادات وتقاليد أهل البلد الذي انتقلتِ للعيش فيه. وكذلكِ عدم عثوركِ على الأشياء التي تحبينها ونشأتِ عليها في وطنكِ، مثل طعامكِ المفضل أو منتجات العناية بالبشرة أو موديلات الملابس المفضلة لكِ، واختلاف المناخ، لذا من المهم أن تتعرفي على ثقافة المجتمع الذي تنوين الانتقال إليه قبل سفركِ، وحاولي قدر الإمكان التوقف عن شراء الأشياء المفضلة لكِ قبل السفر، لتبدئي في التأقلم على عدم وجودها قبل السفر. ومن المهم أيضًا أن تعرفي تجارب من سبقوكِ للعيش في هذا البلد، سواء عن طريق قراءة مقالات أو سؤال الأشخاص مباشرة إن أمكن، وبالطبع عن طريق مواطني البلد مثل زملائكِ في العمل أو الدراسة. سيستغرق منكِ التأقلم بعض الوقت، لكنكِ في النهاية ستحبين بعض الأشياء من ثقافة البلد، وستحاولين العثور على الأشياء التي تحبينها من موروثاتكِ الخاصة.
- اللغة: أكبر عائق قد يقابلكِ، ويجعل التأقلم مع حياتكِ الجديدة صعبًا هو اختلاف اللهجة أو اللغة، خاصة إذا كانت صعبة وتحتاج إلى مجهود كبير لتعلمها، أو إذا كنتِ ممن يجدن صعوبة في تعلم اللغات، بالإضافة إلى أن بعض الدول لدى أهلها اعتزاز شديد بلغتهم ولا يتحدثون غيرها حتى إن كانوا يعرفون لغة أخرى. لذا عليكِ في البدء تعلم لغة البلد الجديد قبل سفركِ إليه. التحقي بدورات تعليمية لها، وشاهدي فيديوهات وأفلامًا باللغة نفسها، وعند بدء إقامتكِ في هذا البلد ابحثي عن مكان لتعليم الوافدين اللغة. وسيساعدكِ اضطراركِ إلى التعامل اليومي على تحسين وإتقان لغة الدولة الأجنبية، مع مرور الوقت وبذل بعض المجهود.
- السكن: الحصول على سكن بسعر معقول وفي مكان مناسب صعب في بعض الأحيان، خاصة إن لم يتحمل تكلفته العمل. وكذلك فإنكِ ستكونين عرضة لكثرة التنقل، خاصة في الفترة الأولى من حياتكِ، وهذا سيشعركِ بعدم الاستقرار أكثر. حاولي أن تكوني اقتصادية عند انتقائكِ للأثاث، واشتري أشياء سهلة النقل.
- الوحدة: الابتعاد عن الأهل والوطن وصعوبة التأقلم مع المجتمع الجديد أمور ستشعركِ بالوحدة في الأسابيع الأولى من انتقالكِ، خاصة إن كنتِ لا تعرفين أحدًا في البلد الجديد. ستخفف وسائل التواصل الاجتماعي قليلًا من هذا الشعور في معظم الأحيان، فهى تسمح لكِ بالتواصل مع أهلكِ وأصدقائك في أي وقت، ما يشكل دعمًا كبيرًا لكِ حتى تتمكني من التعرف على أصدقاء ومعارف جدد في محيطكِ.
- المشكلات المادية: إذا كان سفركِ بغرض الدراسة أو البحث عن عمل، قد تواجهكِ بعض المشاكل المادية حتى تستقر أموركِ، وربما تتعرضين لبعض الاحتيال في البداية بسبب عدم معرفتكِ لأسعار السلع وأماكن الأسواق المحلية. ومن المهم أن تتأكدي من وجود تأمين صحي تابع لعملكِ قبل إمضاء العقود، فأغلب الدول التي تقدم رعاية صحية جيدة تكاليفها باهظة في حالة عدم وجود تأمين.
نصائح للتعامل مع مشكلات الغربة
إليكِ بعض النصائح لتشعري نفسك بأنك لا تزالين في وطنك، حتى وأنت هناك في بلاد الغربة:
- كوني مبادِرة: تعلمي دومًا أن تمتلكي زمام المبادرة، حاولي إقامة صداقات جديدة، واعلمي أن تكوين صداقات جديدة أمر يستغرق وقتًا وجهدًا. ففي حين أن معظمنا يمتلك صداقات نشأ معها منذ الطفولة، فإنه من الجميل أن يكون المرء صداقات أخرى جديدة. والاستقرار في بلد جديد هو الوقت المناسب لذلك، مع عدم نسيان صداقات الطفولة، والاحتفاظ بتلك العلاقات التي لا تُعوض. فإذا كنتِ قد انتقلت للخارج من أجل الدراسة أو العمل، فيمكنك دعوة بعض الزملاء على الغداء أو على فنجان شاي أو قهوة لبدء تكوين صداقات.
- استخدمي الإنترنت: كثيرًا ما تجدين مواعيد لبعض الفعاليات وعناوين بعض الأماكن المميزة عبر الإنترنت، ويوفر موقع Meetup أماكن الفعاليات المختلفة ومعلومات عنها حسب المدينة التي تقيمين فيها وحسب اهتمامك. يمكنك أن تقابلي الكثير من الأشخاص الذين يشاركونكِ اهتماماتكِ من الرسم أو الطهي أو الرياضة، أو أمهات لديهم أطفال في عمر أطفالك نفسه أو غير ذلك. عليك فقط في البداية أن تتأكدي من مدى أمان المكان وترخيصه القانوني، وما إلى ذلك.
- استفيدي من تجارب الآخرين: أصبح العالم الآن قرية صغيرة، فعبر كثير من التدوينات التي يشاركنا بها أصحابها خبراتهم وتجاربهم في مدوناتهم الخاصة، يمكنك معرفة الكثير عن الدولة التي ستقيمين فيها، وعن كيفية تعامل المغتربين فيها مع الغربة، وستجدين فائدة عظيمة في ذلك. ويمكنك أن تخبري الآخرين بتجربتكِ، لتحصلي على معلومات ممن مروا بالتجربة نفسها.
- تعرفي على المراكز الاجتماعية في محيطكِ: تحققي من أهم الأماكن التي تودين التردد عليها، واعرفي أيها الأقرب إليكِ والطريق إليها، مثل المكتبة والمسجد أو الكنيسة والمركز الاجتماعي. زوري تلك الأماكن وتعرفي على نشاطاتها وجدولها، لتحددي ما يناسبك منها.
ويقدم العديد من المكتبات بعض الأنشطة للأطفال الصغار، مثل ورشة لحكاية قصة أو ورش عمل فنية وغير ذلك. وتُعد هذه الأماكن وتلك الأنشطة مجالًا يفتح لكِ باب التعرف على مزيد من الأشخاص ممن يشاركونك اهتماماتك وهواياتك ويسكنون بالقرب منك أيضًا، وقد تكون فرصة طيبة لإقامة صداقات مختلفة، ولمساعدة صغاركِ على التأقلم مع حياتهم الجديدة. - ابحثي عن مراكز المغتربين: إذا كان ذلك متوفرًا، إذ يعمل بعض الدول على إنشاء مراكز للقادمين الجدد. ومهمة هذا المركز الترحيب بالمغتربين وتوجيهيهم لكيفية التعامل مع المجتمع والاختلافات الموجودة، ومساعدتهم على التأقلم مع المكان الجديد، ويُمثل المركز مكانًا في غاية الفائدة للتعرف على أماكن حيوية، مثل المدارس والتأمين الصحي وشركات العقارات والإسكان ومحال التنظيف الآلي والسوبر ماركت وغير ذلك.
- ابحثي عن أماكن اللعب وممارسة الرياضة لمرحلة ما قبل المدرسة: قد تكون تلك فرصة عظيمة لمقابلة آباء وأمهات آخرين لأطفال من عمر أطفالك، سواء في الحدائق أو أماكن اللعب وأماكن ممارسة الهوايات المختلفة كالفنون أو ممارسة الرياضة أو اليوجا. لذا احرصي على الوجود في موعد الحضور والانصراف لعدم تفويت فرصة مقابلتهم والتعرف عليهم، وحضور الاجتماعات والفعاليات التطوعية في المكان من الأمور الجيدة أيضًا للتعرف على الآخرين والتواصل مع المجتمع.
- ادفعي عنك الخجل: قد تشعرين بالخجل عند حضوركِ وحدكِ إحدى الفعاليات، لكن حضور مثل تلك الفعاليات أمر مهم وهو في الواقع كل ما تحتاجينه. إذا كنتِ مع صغاركِ في الحديقة أو المركز التجاري، كوني أكثر انفتاحًا على التعرف على الآخرين، فإن مجرد المصافحة والترحاب هو بداية الطريق. وتعاملي بطبيعتكِ دون أي تكلف، وتأكدي أنكِ ستجدين الأمهات الأخريات يبحثن عن الدعم والتواصل والصداقات أيضًا.
- ابحثي عن كل ما هو ممتع بالنسبة لكِ: لا يعني أنكِ أم في بلد غريب أن عليكِ أن تنسي هواياتك وأنشطتكِ المفضلة. فإن كنتِ رياضية، فهناك العديد من الصالات الرياضية التي توفر رعاية للأطفال، منها ما يشترط أن يكون أقل عمر للطفل 6 أشهر. يمكنك التردد عليها مرة أسبوعيًّا أو طيلة أيام الأسبوع حسبما ترغبين، لتحصلي على ساعة أو ساعتين من النشاط..
- ابدئي مجموعتكِ الخاصة: قد تبدو الفكرة مخيفة، لكنكِ تستطيعين القيام بها إن لم تجدي مجموعة تناسب اهتماماتكِ. لا تقللي من شأن نفسك، وابدئي في تكوين مجموعتكِ الخاصة من محبات الطهي أو الرياضة أو الرسم أو الكتابة أو الأمهات الصغيرات أو أمهات المراهقين أو أيًّا كانت دائرة اهتمامكِ.
تختلف مشاكل الغربة والتأقلم معها من شخص لآخر، فالبعض يعاني منها في بداية انتقاله، والبعض الآخر بعد مرور عدة سنوات، وآخرون لا يستطيعون الاستمرار ويفضلون العودة لأوطانهم. ومع هذا لا تنسي عزيزتي أن السفر للعيش في الخارج له فوائد أيضًا، مثل التعرف على ثقافات مختلفة أو تحسين الوضع المعيشي أو الحصول على تعليم أفضل لكِ ولأبنائكِ. لذا لا تخافي من خوض التجربة، وبناءً عليه ستحددين ما يناسبكِ أنتِ وعائلتكِ.
ولمعرفة المزيد من المقالات التي ستفيدك في معرفة كيفية تطوير نفسك وقدراتك اضغطي هنا.