طريقة التعامل الصحيحة مع الأطفال في مراحل عمرهم المختلفة يشوبها بعض الصعوبات والمسؤوليات المُلقاة على الوالدين، وخصوصًا فيما يتعلق بالطلبات والأوامر التي يجب على الأطفال الامتثال لها ويحاولون التملص منها بكل ما لديهم من قوة. وفي النهاية تفشل محاولات كل أم وأب في إقناع طفلهما بتنفيذ الأمر، وهنا قد يلجآن إلى الابتزاز العاطفي للطفل دون أن يدركا خطورة هذا الأمر، تفاصيل أكثر عن الموضوع تجدينها في هذا المقال.
الابتزاز العاطفي للطفل
"إذا لم تتناول طعامك كله سأعيد اللعبة إلى المتجر"، "إذا انتهيت من واجباتك سأعطيك الشوكولاتة"، عبارات كثيرة نقولها ولا نعلم تأثيرها السلبي على أطفالنا، فما بين الترغيب والتهديد تتأثر شخصية طفلك بكل كلمة تنطقينها، وتغرس فيه عددًا كبيرًا من السلبيات، ولا تعلّمه أي مبادئ إيجابية في حياته. فتجنبي العبارات الخاطئة مع طفلك.
نعلم أنه من المهم أن يتعلم الطفل أن لكل تصرف يقوم به في حياته عواقب، ولكن لا بد من الانتباه إلى أن الخط الفاصل بين المكافأة والابتزاز يمثل شعرة رفيعة، والتهديد الوسيلة السهلة التي يلجأ إليها الأمهات والآباء عادة مع عدم رغبة الطفل في سماع الكلام أو الامتثال لأوامرهم، وأحيانًا قد يكون تهديدًا غير معقول أو قابل للتطبيق ويصدر عن الوالدين نتيجة للغضب من أفعال الطفل.
تهديد الطفل
التهديدات غير العقلانية التي لا يمكن تطبيقها أو الالتزام بها لا تؤتي بأي نتيجة مع الطفل، فلا يمكن تهديده بأنه إذا لم يكمل طعامه ستقومين بإعادة اللعبة إلى المتجر، لأنكِ اشتريتها بالفعل، لذلك يركز متخصصو التربية دائمًا على تطبيق فكرة العواقب والنتائج دون تهديد، وفي هذه الحالة فقط سيأخذك طفلك على محمل الجد، أما في حالات التهديد والابتزاز فسيفقد ثقته فيكِ ولن يطيعك.
وابتزاز الطفل لمنحه شيئًا يريده أيضًا مثل تناول الشوكولاتة أو مشاهدة التليفزيون بعدما ينتهي من واجباته وربط الأمرين ببعضهما، سيجعله يقوم بأي شيء في الحياة من أجل الحصول على ما يحب فقط، دون النظر إلى قيمة ما يفعله. وهذه الطريقة تجعل من الطفل شخصًا سيئًا على المدى البعيد، ينتظر دائمًا أن يقوم بكل شيء في حياته من أجل الحصول على ما يريد والحياة لا تسير هكذا، لأن هناك الكثير من الأمور المهمة في الحياة التي يجب أن يقوم بها وإن كان لا يحبها، ولن يكافئه أحد على القيام بها.
نصائح للتوقف عن الابتزاز العاطفي للطفل
الآن خطوة التوقف عن الابتزاز العاطفي لطفلك مهمة، وهذه النصائح ستساعدكِ في الأمر:
- لا تستسلمي لنوبات الغضب التي يقوم بها طفلك فهي نوع من الابتزاز العاطفي الذي يقوم به الطفل لكِ كي تستجيبي لمطالبه، إذا قلتِ لا على أمرٍ ما فلا يمكن بأي حال من الأحوال أن تقولي نعم بعدها مهما فعل طفلك.
- ضعي قواعد ثابتة وراسخة في المنزل مع طفلك، مثل: مشاهدة التابلت لمدة ساعتين فقط، وتناول الطعام على طاولة السفرة فقط، وغسل اليدين والوجه بمجرد العودة من المدرسة، وغيرها من القواعد المهم تطبيقها باستمرار كروتين ثابت لأفراد المنزل، ويمكنك مشاركة طفلك في عمل فني يمثل هذه القواعد وتعليقه في غرفته.
- احرصي على أن يتبع كل أفراد المنزل هذه القواعد، وعلى رأسهم أنتِ وزوجكِ، فعندها لن يكون هناك مفر أمام طفلكما من تطبيق القواعد، ولن تكوني بحاجة للابتزاز العاطفي أبدًا.
- توقفي عن التعامل مع طفلك بالصوت المرتفع والصراخ طيلة الوقت، اهتمي بالتواصل معه وجهًا لوجه وانزلي لمستواه خلال الحديث، ولا تتكلمي معه وهو يصرخ أو يرفع صوته، قولي له بوضوح: "لن أتكلم إلا عندما تهدأ".
- لا تأخذي ردود فعل سريعة وأنتِ داخل الموقف، فعندما يكسر طفلك القاعدة أو يقوم بتصرف خاطئ تمامًا وخارج السيطرة، لا تأخذي ردة فعل سريعة للموقف، تحدثي معه لاحقًا عن سلوكه وتبعاته التي عليه أن يتحملها، وفي هذا الوقت ستصلين لمرحلة الهدوء التي تمكنك من وضع نتيجة وعاقبة لسوء تصرفه على قدر الموقف دون تهويل.
- اختاري العبارات التي تتحدثين بها مع طفلك بعناية، فيجب أن تكون طريقتك حازمة ولا تحمل مجالًا لأن يشك الطفل بما ستقومين به، وفي الوقت نفسه غير غاضبة ولا تحمل أي نوع من التهديد النفسي أو البدني للطفل.
- لا تسكتي عندما يقوم طفلك بأمور من أجل استفزازك، وفي الوقت نفسه لا تغضبي وتحدثي معه بهدوء، فالصمت في كثير من الأحيان يدفع الطفل للقيام بأمور خارجة عن السيطرة.
- اشرحي له مفهوم العواقب ونتائج الأفعال في الحياة عمومًا، كي يكون مدركًا لوجود عواقب لأي تصرف يقوم به سواء بالإيجاب أو السلب.
- تذكري دائمًا أنكِ والدته ولكِ سلطة عليه ولكن لا تسيئي استخدامها، ويجب أن يفهم طفلك حدود التعامل معكِ أنتِ ووالده، وضرورة ألا يتخطى حدود الأدب واللباقة. وهذا الأمر لن يحدث في يوم أو يومين، ويحتاج إلى تربية سليمة ومواقف تعزز هذا المفهوم منذ البداية، دون استخدام للعنف أو الإهانة أو التهديد والابتزاز.
- لا تترددي في الذهاب إلى طبيب نفسي أو سلوكي واستشارته إذا شعرتِ بضرورة لذلك، لضبط انفعالاتك كي لا تخرج الأمور عن السيطرة مع طفلك.