ما مسؤولية الأب بعد الطلاق تجاه أبنائه؟

مسؤولية الأب بعد الطلاق تجاه أبنائه

يظل الأطفال حلقة الوصل بين الأم والأب حتى بعد انتهاء العلاقة الزوجية، وبالرغم من أنهم في معظم الحالات يعيشون مع أمهم بعد الانفصال، خاصةً في السن الصغيرة،  لكن هذا الأمر لا يلغي مسؤولية الأب بعد الطلاق تجاههم، من ناحية التزاماته المادية والعاطفية، بل قد تزداد الحاجة لممارسة دوره في هذه الحالة، لسد الثغرة التي تركها غيابه في نفسياتهم. في هذا المقال سنوضح لكِ عزيزتي أهم المسؤوليات التي تقع على عاتق الأب تجاه أطفاله بعد الطلاق، وكيف يمكنه تحقيق التوازن المطلوب في تربيتهم حتى بعد الانفصال، فواصلي القراءة.

مسؤولية الأب بعد الطلاق تجاه أبنائه

يشير عدد من الإحصاءات إلى زيادة نسب الانفصال بين الأزواج، وأن ما يقرب من 39% من الزيجات تنتهي بالطلاق على مستوى العالم، والأمر لا يؤثر فقط في الزوجين، ولكن وقعه يكون كبيرًا أيضًا على الأطفال، فابتعاد الأب عن الصورة، أمر ليس هينًا عليهم  خاصةً إذا كانوا مرتبطين به بشكل كبير، وللأسف قد يشعر بعض الآباء بأن مسؤولياتهم تجاه أبنائهم قلّت بعد الطلاق، أو اقتصرت على الالتزامات المادية فقط، الأمر الذي يحتاج إلى وضع خطوط عريضة بشأن مسؤولياته تجاههم بعد هذا الأمر، والتي تشمل:

  1. الحفاظ على علاقة طيبة بالأم: بالرغم من أن الأمر قد يبدو للوهلة الأولى ليس له علاقة بمسؤولية الأب تجاه أبنائه، ولكن الحفاظ على علاقة جيدة بالأم، أمر مهم ويصب في مصلحة أطفالهما، لذا لا يجب أن يتحدث عنها بسوء أمامهم مهما كان سبب الطلاق، وعلى الأم أيضًا أن تبقى على علاقة طيبة بالأب، ولا تتحدث عنه إلا بكل خير أمام أبنائهما، لتنشئتهم على تقدير معنى الاختلاف، واحترام الذات والآخرين.
  2. التواصل مع الأطفال بشكل منتظم: حتى مع الطلاق يمكن للأب الوجود في حياة أطفاله بشكل منتظم، وهي نقطة يجب مراعاتها على وجه التحديد، فغياب الأب عن المنزل له تأثير سلبي في نفس الأطفال. يمكن أن يحدث ذلك من خلال تحديد أيام وأوقات معينة للزيارة، أو حضور تدريبات الأطفال، أو الحفلات المدرسية، أو قضاء العطلات معًا، وكذلك الاتصال الهاتفي المستمر، والرسائل النصية، فهي تشعر الأطفال بأن الأب ملازمًا لهم، ويشاركهم في أحداث يومهم.
  3. الالتزام بالأمور المادية: وتشمل نفقة الأم -إن وُجدت- وكذلك الأبناء، وللأسف فإن بعض الآباء قد يقصرون مع أبنائهم في هذه الناحية، ما يؤثر في نفسيتهم، ويفقدهم الشعور بالاستقرار والأمان، وسواء كانت نفقة الأولاد محددة من قِبل الجهات المعنية، أو بالاتفاق الودي، فيجب الالتزام بها، ولكن إن كان تقصير الأب بسبب مشكلة مادية يمر بها، فيجب على الأم أن تتحلى ببعض الصبر حتى تنتهي أزمته.
  4. سد الاحتياجات العاطفية للأطفال: تختلف مشاعر الأطفال بعد الطلاق، إذ يصبحون أكثر حساسية عن ذي قبل، ما يجعلهم عرضة للاكتئاب، الأمر الذي يحتاج إلى التواصل بين الأم والأب، وإخباره بأي لحظات عصيبة يمكن أن يمر بها أطفاله، حتى يكون موجودًا فيها، ليدعمهم ويحتويهم، ويستمع إليهم، ويسد احتياجاتهم العاطفية، ويقلل الآثار السبية للطلاق عليهم، ليطمئنوا ويشعروا دائمًا بأنه إلى جانبهم.
  5. الاتفاق مع الأم على قواعد ثابتة: من الخطوات الأساسية التي يجب على الزوجين اتخاذها بعد الطلاق، الاتفاق على قواعد تربوية ثابتة، وتوحيد أساليب العقاب، والتخطيط لسير يوم أطفالهم، حتى لا يتسبب تغيير طريقة التربية بين الأم والأب في شعورهم بالتشتت، ويدفعهم بعد ذلك للتمرد على الطرف المتشدد منهما.

دور الآباء في تربية الأبناء

تسود مفاهيم خاطئة فيما يتعلق بتربية الأبناء، إذ يقتصر الدور التربوي على الأم، أما الأب فيصبح العائل المادي فقط، وللأسف هذا الأمر يحدث في عدد كبير من البيوت، حتى إن كثيرًا من الآباء لا يعرفون السنة الدراسية لأبنائهم، أو كيفية قضاء يومهم، أو هواياتهم، أو ميولهم الدراسية، والحقيقة أن الأم يقع عليها قدر كبير من اللوم، فالزواج مشاركة، ومنذ اليوم الأول يجب تقسيم المسؤوليات بين الزوجين، ويشمل دور الأب في تربية أبنائه:

  1. النصح والتوجيه والإرشاد: توجيهات الأب بمثابة دعائم تنشئة لأطفاله، يستندون إليها طوال حياتهم، وترشدهم إلى كيفية التعامل في المواقف المختلفة، وتساعد على تطورهم وتنمية مهاراتهم، لذا من المهم أن يقدم الأب النصح لأبنائه. بالطبع ليس المقصود تحديد مسار الأطفال أو ميولهم، ولكن توضيح الطريق أمامهم، حتى يمكنهم التغلب على العوائق، وإكمال طريقهم بعد ذلك بمفردهم.
  2. الدعم العاطفي: الحياة ليست طعامًا وشرابًا وملابس فقط، فمعرفة ما يقلق الأطفال والتعامل معهم على المستويين النفسي والعاطفي، من الأمور التي لا يجب على الأب إهمالها، فلا بد أن يخصص ولو نصف ساعة يوميًّا للاستماع إليهم، والتحدث إليهم في كل ما يخص تفاصيل يومهم ومشاعرهم ومشكلاتهم، ليس شرطًا أن يقدم الأب حلولًا، ولكن إبداء الاهتمام، هو ما يحتاجون إليه، ليشعروا بأن هناك من يخاف عليهم بحق، وأن مشاعرهم ليست بأمرٍ تافه، فينشؤون قادرين على التعبير عن مشاعرهم، وواثقين في أنفسهم.
  3. ترسيخ القيم والمبادئ: معرفة الصواب والخطأ، والخير والشر، وقيم التعاطف والتسامح، والأخلاقيات المختلفة، جميعها من المسؤوليات التي تقع على عاتق الأب والأم معًا، من خلال تقويم سلوكيات أطفالهما وتعزيز فطرتهم السليمة، ثم يأتي بعد ذلك دور المدرسة والطفل نفسه عندما يتطور وعيه، ويستطيع بعد ذلك التفرقة بين التصرفات السليمة والخاطئة، واكتساب القيم الأخلاقية الصحيحة بنفسه. 
  4. مراعاة التصرفات الشخصية: على الأب أن يكون قدوة لأبنائه، فهم أشبه بإسفنجة تمتص ما يرونه في الآخرين، لذا فإنهم أول من يقلدون تصرفاته يكون والدهم، لذا يجب أن يكون مثالًا يُحتذى به، ويراعي تصرفاته أمام أبنائه، ليتطلعوا لأن يكونوا مثله.
  5. التأكد من أمان الطفل: الهدف الأول للآباء هو حماية أطفالهم، والحفاظ على سلامتهم الجسدية والنفسية، لذا لا بد من توفير مسكن آمن يوفر سبل الراحة لهم. كذلك هناك ضرورة لإحاطتهم بجو من المحبة لسلامهم النفسي، وحتى مع وجود خلافات مع الأم، يجب أن تكون في نطاق يسوده الاحترام، فلا يجب أن يتعرض الأطفال لأي نوع من التعنيفين الجسدي أو النفسي من الأب أو الأم، حتى ينشؤوا أسوياء قادرين على مواجهة تحديات الحياة.

في النهاية، مسؤولية الأب بعد الطلاق تجاه أبنائه لن تنتهي، احرصا معًا على احتواء أطفالكما، وتجنيبهما خلافاتكما التي قد تؤثر في نفسيتهم، وحافظا على علاقتكما طيبة دائمًا، حتى لا يشعروا بتغيير كبير في حياتهم. 

يمكنكِ الاطلاع على المزيد من النصائح المختلفة للتعامل مع أطفالك وعائلتكِ وزوجك وأهله في قسم العلاقات الأسرية على موقع "سوبرماما".

عودة إلى علاقات

سارة أحمد السعدني السعدني

بقلم/

سارة أحمد السعدني السعدني

سارة أحمد السعدني تخصص كيمياء حيوية وميكروبيولوجي، تخرجت في جامعة عين شمس كلية العلوم بتقدير جيد جدًا، وحصلت على دبلومة التحاليل الطبية، عملت كمساعد باحث في المركز القومي للبحوث لمدة عام، واتجهت للكتابة في المحتوى الطبي منذ ثمانِ سنوات وكتبت ما يزيد عن 500 مق...

موضوعات أخرى
9months
Share via WhatsappWhatsapp IconSend In MessengerMessenger IconShare via FacebookFacebook Icon