مع الضغوط والالتزامات التي يحملها الأب على عاتقه قد ينشغل عن تربية أطفاله والتواصل معهم، ويلقي بالمسؤولية الكبيرة على الأم، ويغيب عن الصورة في بعض الأحيان، ورغم أنها قد تؤدي دورها على أكمل وجه، فإن التربية السليمة تحتاج لتوجيه مشترك من الأم والأب معًا، إذ لا تقتصر مسؤولية الأب تجاه أبنائه الأطفال على الدعم المادي فقط، كما هو الحال الآن في بيوت كثيرة، فهم يحتاجون من أبيهم الدعم العاطفي والنفسي، والإرشاد والنصح أيضًا، حتى ينشؤوا نشأة سوية ومتزنة، لذا سنخبركِ في هذا المقال بأهم واجبات الأب تجاه أبنائه في مرحلتي الطفولة والمراهقة.
مسؤولية الأب تجاه أبنائه الأطفال
تربية الأطفال ليست بالأمر الهين، فحتى لو كانت الأم قادرة على سد جميع الثغرات، والحفاظ على كيان الأسرة، فإن دور الأب في المنزل غاية في الأهمية، فهو عماد البيت، ولا يقتصر دوره على الإنفاق فقط، خاصةً أن العديد من الأمهات لهن دخلهن المادي الثابت، ويقدرنّ على إعالة الأسرة، ولكن النصح والإرشاد والدعم والتربية، كلها أيضًا من واجبات الأب ومسؤولياته تجاه أبنائه، ونوضحها لكِ جميعًا فيما يلي:
- تقديم الدعم العاطفي: يجب أن يشعر الأبناء بحنان أبيهم، ودعمه لهم عاطفيًّا، من خلال الاستماع إليهم، وحل مشكلاتهم، ومؤازرتهم في المواقف المختلفة، وتفهم مشاعرهم وتصرفاتهم في المراحل العمرية المختلفة. هذه الأمور الضرورية قد يغفلها العديد من الآباء، وهو ما يؤثر بشكل كبير في نفسية الأبناء، وعلاقتهم بأبيهم، التي تختل مع الوقت، ويصيبها البرود.
- مشاركتهم في الأنشطة المختلفة: في معظم الأوقات تتتحمل الأم مسؤولية الذهاب مع الأبناء لتدريباتهم الرياضية، وحفلاتهم المدرسية، واستدعاءات المدرسة وغيرها، ويغيب الأب عن كل هذه الأنشطة التي تمثل أمرًا مهمًّا لأبنائه، فيعتادون على عدم وجوده بجانبهم في كل شيء. لذا من الضروري من وقتٍ لآخر أن يصطحب الأب أبناءه إلى تدريبات النادي أو المدرسة وهكذا، ويشعرهم بأنه على دراية بما يجري في حياتهم، وأنه موجود في جميع مناسباتهم.
- الالتزام بالمسؤوليات المادية: المسؤولية المادية للأب تجاه أبنائه أمر لا جدال فيه، وحتى إذا شاركت الأم في تحمل بعض الالتزامات باتفاق مسبق معه، فلا يعني هذا أن تصبح هي الملزمة بجميع احتياجات أطفالها المادية، كما هو الحال في بعض البيوت، فالأب هو العائل المادي الأساسي للأسرة، والمسؤول عن توفير احتياجات أبنائه من طعام وملابس ونفقات دراسية وترفيهية وغيرها. في الوقت نفسه، على الأم الاعتدال فيما يخص احتياجات المنزل والأبناء، خاصةً مع وجود أكثر من طفل، أو إذا كانت ميزانية الأب محدودة، حتى لا يضطر لتعويض النقص المادي بالعمل فترات إضافية، ما يجعله غير قادر على المشاركة في تربية أبنائه نتيجة غيابه معظم الوقت.
- عدم التدليل بإفراط: من الأخطاء التي يقع فيها بعض الآباء نتيجة غيابهم المستمر، فيظنون أن التدليل المفرط أو تقديم الهدايا سيعوضهم عن عدم وجودهم، وهو أمر عواقبه خطيرة في المستقبل. لذا على الأب التعامل بتوازن، وعدم استغلال الهدايا أو التدليل في تعويض غيابه، فقد يأتي الأمر بنتيجة عكسية، ويطالب الأبناء بعد ذلك تعويضًا ماديًّا مستمرًا كبديل لوجوده.
- النصح والإرشاد: على الأب توجيه أبنائه للصواب والخطأ، خاصة إذا حادوا عن الطريق، فيجب أن يشعروا بأنهم يمكنهم دائمًا العودة للأب للحصول على النصيحة والتوجيه، وأن وجوده يعطيهم الثقة للمضي قدمًا، واتخاذ القرارات، ولا يجب أن يكون أسلوب النصح شديدًا أو يحمل سخرية أو تعنيفًا، فالنقاش الهادئ، والإقناع بلطف وحب، دائمًا الأفضل في تربية الأبناء.
مسؤولية الأب تجاه أبنائه المراهقين
التعامل مع الأبناء في سن المراهقة أمر أكثر صعوبة مقارنة بالأطفال، ويزداد الأمر سوءًا مع غياب الأب عن الصورة، فعندها قد تفقد الأم السيطرة عليهم، خاصةً أنهم في هذه المرحلة يميلون للتمرد وكسر القواعد، إعلانًا منهم بأنهم لم يعودوا أطفالًا. لذا فإن وجود الأب بشكل مستمر في هذه المرحلة مهم جدًّا، إذ يشير عدد كبير من الإحصاءات أن الأبناء يتعرضون لمخاطر الإدمان بنسبة كبيرة في مرحلة المراهقة، وتزداد مع غياب الأب، لذا على الأب أن يعرف مسؤولياته تجاه أبنائه المراهقين وهي:
- شرح تحديات فترة المراهقة: في مرحلة المراهقة يمر الأبناء بتغيرات كبيرة، وتلعب التغيرات الهرمونية -بصفة خاصةً- دورًا كبيرًا في سلوكهم، لذا فمن واجبات الأب في هذه المرحلة -خاصةً تجاه الأولاد الذكور- أن يشرح لهم طبيعة التغيرات الجسدية التي يمرون بها، وكيفية التعامل مع مشاعرهم، والتحكم في سلوكياتهم، وأن يشاركهم قلقهم ومخاوفهم، دون أن يشعرهم بالضغط، أو النصح المستمر، فالمراهقون لا يستجيبون للنصح المباشر، والأفضل تخصيص مساحة للتحدث بصفة عامة معهم، وتوجيه النصيحة في سياق الكلام.
- احترام المساحة الشخصية: مشاركة الأب في الأنشطة الحياتية المختلفة لأبنائه، لا تعني عدم احترام مساحتهم الشخصية، إذ إنهم يحتاجون في هذه السن إلى المزيد من الحرية والخصوصية، حتى لا يشعروا بالحصار، ويبحثوا عن متنفس لهم خارج المنزل.
- المساعدة على اتخاذ القرار: المراهقة من المراحل الفاصلة في حياة الأبناء، خاصةً عندما يتعلق الأمر باتخاذ قرارات مصيرية، سواء تعليمية أو شخصية، لذا فهم في حاجة مستمرة لدعم الأب، وتوجيههم بطريقة غير مباشرة، حتى يستطيعوا اتخاذ قراراتهم بأنفسهم بطريقة صحيحة، فإذا كان الابن يشعر بالحيرة حول اختيار أحد التخصصات الدراسية مثلًا، فعلى الأب شرح مميزات كل تخصص وعيوبه، ثم سؤال الابن عن ميوله ونقاط قوته وضعفه، وطرح كل الجوانب أمامه حتى يحصل على رؤية أوضح للأمور، ويتخذ قراره بنفسه بكل ثقة.
- مراعاة التصرفات الشخصية: الأب قدوة لأبنائه، الذين يركزون في هذه المرحلة العمرية الحرجة في جميع التفاصيل والتصرفات التي يقوم بها. لذا لا بد أن يراعي الأب جيدًا تصرفاته الشخصية أمامهم، حتى يتطلعوا لأن يكونوا مثله في المستقبل.
مسؤولية الأب تجاه أبنائه الأطفال لا يمكن قصرها على نقاط محددة، فهي حياة بأكملها يجب أن يشارك فيها الأب، وأن يظهر بقدر الإمكان في الصورة مع أبنائه، ليقدم لهم الدعم النفسي والمادي والعاطفي الذي يحتاجونه، ويوجههم ويساعدهم على اتخاذ قرارات سليمة في المستقبل.
تعرفي إلى المزيد من المقالات المتعلقة بتربية الأبناء والتعامل مع الزوج وأسرته في قسم العلاقات الأسرية على موقع "سوبرماما".