عندما يتعلق الأمر بتربية الأطفال الذكور والإناث، فدائمًا ما تحصل الفتيات على الدعم العاطفي الأكبر من الأب والأم، إذ تتميز طبيعتهن بالحساسية، الأمر الذي لا يخفى على الجميع. وتظن الكثير من الأمهات أن الأطفال لا يحتاجون هذا من عمر الرضاعة، لكن في الحقيقة الأطفال يحتاجون هذا الدعم منذ الولادة وأن الأولاد كالبنات يحتاجون الكثير من الحنان والحب والقبلات والدعم النفسي والعاطفي.
من ناحية أخرى، ينشأ الذكور وسط مجتمع ينسب كل ما هو عاطفي إلى الأنثى، فلا يحق للطفل الولد أن يبكي بحرية أو يعبر عن ألمه وضعفه ومخاوفه دون ترقب وحذر من نظرة المجتمع له، بأنه يستدر العطف أو أن الضعف والخوف والبكاء يليق فقط بالفتيات بينما الأولاد ممنوعون من ذلك.
الحقيقة أن كلا وجهتي النظر خطأ، فلا الضعف ينبغي أن يُسند للإناث ولا كتمان المشاعر يجب أن يُسند للذكور. وقد أظهرت الدراسات الحديثة في مجال التربية أن الرضع الذكور يحتاجون إلى دعم عاطفي ونفسي أكثر من الرضع الإناث في مراحل الرضاعة والطفولة الأولى والثانية، كي ينمو الطفل متزنًا عاطفيًّا وسلوكيًّا وتتطور مهاراته بصورة طبيعية صحية.
ليس ذلك فقط هو السبب الوحيد، بل إن هناك أسباب أخرى أكثر أهمية توضح لكِ لما عليكِ إعطاء ابنك المزيد من الاهتمام العاطفي وحرية التعبير عن مشاعره لاحقًا، وهي:
1. الذكور أكثر هشاشة عاطفيًّا:
على عكس ما تتوقعين، فإن رضيعك تبدأ مشاعره في النمو والتبلور والتأثر منذ كونه جنينًا في رحمك، لذلك يتأثر بحالتك النفسية أكثر من الأنثى لحساسيته الأكبر تجاه هرمون الكورتيزول "التوتر" الذي يفرزه جسدك وينتقل له في رحمك، لذلك يتفاعل مع كل مشاعرك بدرجة أكبر.
فإذا كنتِ متوترة وحزينة أغلب الوقت أثناء الحمل، توقعي أن يولد طفلك حزينًا ومتوترًا وغير قادر على التعبير عن مشاعره بسهولة، بل وفقًا لما نشرته الدراسة، فإن الأجنة الذكور يولدون متأخرين في نموهم العاطفي عن الإناث بما يقدر بـ6 أسابيع.
وهذا ما يفسر تطور دماغ المواليد الإناث أسرع وقدرتهم على التواصل ونمو مهارتهم أفضل لاحقًا عن الذكور، ولكي يواكب رضيعك الذكر هذه الفجوة يحتاج للمزيد من الحب والاحتواء والعناق والهدوء لينمو بسلام ويتطور سريعًا.
2. الذكور أكثر حساسية من الإناث:
مفاجأة أليس كذلك؟ ولكنها الحقيقة، إلى جانب العوامل البيولوجية، تؤثر طريقة ارتباط الوالدين بالأبناء على تطورهم العاطفي بشكل عام، وعادة ما يغمر الآباء والأمهات الفتيات الصغيرات عاطفيًّا بكل مشاعر الحب والحنان، ما بين أحضان وقبلات ولمسات وكلمات إعجاب ودعم طوال الوقت.
في حين يطلبون من الأولاد "التشدد" أو "الرجولة" وكتمان مشاعر الضعف واللوم دائمًا إذا طلب ابنك قبلة أو حضن كأخته، ما يتسبب في شعور الطفل بالتجاهل والدونية، وينشأ عنها مشكلات كالإصابة بفرط الحركة والاكتئاب وتشتت الانتباه والقلق والعنف وتأخر الكلام في مراحل الطفولة الأولى.
كيف أكتشف أن طفلي متأخر في الكلام؟
3. تربية الذكور تحتاج لمجهود أكبر:
كل ما سبق يفسر بسهولة لماذا تحتاج تربية الذكور لمجهود أكبر من الإناث من الأم والأب معًا، ففي الوقت الذي ترغبين فيه في تنشئة طفل ليصبح رجلاً متزنًا ليس قاسيًا أو عنيفًا في علاقاته بالآخرين، عليكِ الحرص طوال الوقت على تقديم الدعم العاطفي والاحتواء، والتأكيد على حقه في التعبير عن مشاعره كما هي دون كتمان ودون النظر لرأي المجتمع، ومحاولات القولبة والنمطية التي يتعرض لها الذكور طوال الوقت، لذلك تجدين صعوبة في بذل مجهود أكبر كالمشي ضد التيار، مع الحفاظ على نفسية طفلك في الوقت نفسه دون إفراط في التدليل أيضًا.
تربية الذكور: 10 عبارات لا تقوليها لو كنتِ أمًا لولد
وهذا ما يفسر كثرة حركة المواليد الذكور وميلهم للبكاء لفترات أطول من الإناث في الشهور الأولى من أعمارهم، بشكل عام يحتاج الذكور لفترة أطول ومجهود أكبر لينضجوا عاطفيًّا كالإناث، وهذا ما يفسر بالطبع لماذا الفتيات يصبحن أكثر قدرة على التعبير عن مشاعرهن ورغباتهن لاحقًا دون صعوبة، بالإضافة لتميزهن بالذكاء وسرعة البديهة والنضج في سن مبكرة جدًّا عن الأولاد.