تنتاب الأم أحيانًا حالة شديدة من القلق، عندما تلاحظ أن طفلها مختلف عن بقية أقرانه، وأنه يحب اللعب بمفرده، وتخاف أن يكون طفلها انطوائيًّا وغير اجتماعي أو مصابًا بالتوحد، خاصة أن مشاركته اللعب مع الأطفال الآخرين واندماجه معهم، مهم للتطور العقلي والحركي والاجتماعي لكل طفل، فتدور الأفكار في رأسها، وتتساءل "لماذا لا يحب طفلي اللعب مع الأطفال؟"، إذا كنتِ عزيزتي القارئة لديكِ السؤال نفسه، فتعرفي إلى الإجابة في هذا المقال.
لماذا لا يحب طفلي اللعب مع الأطفال؟
اللعب هو الطريقة التي يكتشف بها الأطفال العالم من حولهم، وهو وسيلتهم للتطور والنمو، ولكن عزيزتي القارئة عليكِ معرفة أن اللعب عند الأطفال يمر بأربع مراحل، وقد يكون طفلك لم يصل بعد إلى المرحلة التي ينسجم فيها مع الأطفال الآخرين ويتعاون معهم، إليكِ هذه المراحل بالتفصيل:
- اللعب الانفرادي: تبدأ هذه المرحلة منذ ولادته إلى 23 شهرًا، وخلالها يتعلم طفلك كثيرًا من المهارات، وغالبًا يكون غير مبالٍ بالأطفال الآخرين، ويكون غير مؤهل للمشاركة، ومهتمًا بحماية حدوده، ولذلك قد يصرخ عندما يقترب أي طفل من ألعابه.
- اللعب الموازي: تبدأ هذه المرحلة من عمر عامين إلى ثلاثة أعوام، يلعب فيها الأطفال إلى جوار بعضهم البعض، ولكن كلًّا منهم منشغل في ألعابه.
- اللعب الترابطي: يبدأ من العام الثالث ويستمر إلى الرابع أو أكثر قليلًا، ويلعب الأطفال معًا في هذه المرحلة، ولكن دون تعاون أو هدف محدد.
- اللعب التعاوني: قد يبدأ طفلك من العام الرابع في اللعب مع أقرانه والتعاون معهم، ومشاركتهم ألعابه.
بعض الأطفال يكونون أكثر انفتاحًا، ويرغبون في اللعب مع الأطفال في عمر أصغر، وبعضهم يكونون أكثر انطوائية، ولا يفضلون اللعب مع الأطفال فترات طويلة، وقد يحتاجون لوقت أطول حتى يستطيعوا اللعب مع أقرانهم، كل هذه اختلافات فردية بين الأطفال لا تستدعي أي قلق عزيزتي، عليكِ أن تتقبلي اختلاف طفلك وتميزه، ولا تجعليه نسخة من أقرانه.
هل طفلي انطوائي؟
قبل الإجابة على هذا السؤال، عليكِ أن تعرفي عزيزتي الأم أن الانطوائية ليست عيبًا، وأن البشر مختلفون، فبعضهم أكثر انفتاحًا، وبعضهم أكثر انطوائية، بيل جيتس من أشهر الانطوائيين في العالم، ولم يمنعه ذلك من النجاح، وأيضًا علينا التفرقة بين الطفل الانطوائي والطفل الخجول، فالانطوائي لا يعاني من مشكلة على عكس الخجول، الذي يريد أن ينخرط مع أقرانه ولكنه لا يستطيع، إليكِ بعض صفات الطفل الانطوائي:
- لا توجد لديه مشكلة في التعامل مع الأطفال الآخرين واللعب معهم، ولكنه يفضل أن يكون بمفرده.
- لا يريد أن يكون أكثر انفتاحًا، على عكس الخجول الذي يرغب في اللعب مع الأطفال، ولكنه لا يستطيع.
- يتكيف مع الأشخاص الجددد ببطء، لذا لا تجبريه على ذلك، واتركي له الوقت الذي يحتاج إليه.
- لا يكوِّن صداقات مع الأطفال الآخرين بسهولة، ولكنه قد يكون مقربًا لصديق واحد أو اثنين يفضلهما عن غيرهما.
- قد يجد صعوبة في الدفاع عن نفسه، لذلك كوني حريصة على تعليمه أن يعترض ويقول "لا" لأي أذى قد يتعرض له.
- يحب الهدوء والانفراد بنفسه بعض الوقت، خاصةً بعد المناسبات الاجتماعية، لذلك من الأفضل أن تتركي له هذه المساحة ولا تلوميه.
كيف يصبح طفلي اجتماعيًا؟
إكساب الأطفال مهارات التواصل الاجتماعية منذ الصغر أمر مهم، ويساعدهم على أن يتمتعوا بعلاقات أفضل مع أقرانهم، إليكِ مجموعة مهارات اجتماعية عليكِ أن تساعدي طفلك على اكتسابها:
- المشاركة: الأطفال القادرون على مشاركة بعض ألعابهم أو جزء من وجبتهم، يكونون قادرين على تكوين صداقات أكثر من غيرهم، ويكبرون ليصبحوا أشخاصًا ودودين. يمكنكِ مساعدة طفلك على تعلم مهارة المشاركة عن طريق تأمين حدوده في البداية، وعدم إجباره على المشاركة، ثم تشجيعه عندما يشارك أي شيء -مهما كان بسيطًا- مع أي شخص.
- التعاون: التعاون يعني أن نعمل معًا حتى نصل إلى هدف محدد، والأطفال المتعاونون يكونون محبوبين، وأكثر قدرة على النجاح في العمل عندما يكبرون. تحدثي مع طفلك عن أهمية العمل في فريق، وكيف يمكن أن يساعد ذلك على إنجاز كثير من المهام في وقت قصير، وحاولي أن يكون هناك عمل أسبوعي يتعاون فيه كل أفراد أسرتك، كعمل فني أو تحضير وجبة غذاء.
- الإنصات: الإنصات لا يعني مجرد الاستماع، بل استيعاب ما يقوله الآخر والتركيز فيه. يجعل الإنصات طفلك صديقًا جيدًا، وتساعده هذه المهارة أيضًا على التعلم من مدرسيه، والاستماع إلى رئيسه في العمل عندما يكبر، وكذلك تجعله شريك حياة جيد عندما يكبر. يمكنكِ تعليم طفلك هذه المهارة عن طريق الإنصات إليه عندما يتحدث، وحكي قصة أو قراءة كتاب له، ثم توقفي كل فترة واطلبي منه أن يحكي لكِ ما يتذكر من كلامك.
- اتباع الأوامر: على طفلك أن يتعلم اتباع الأوامر على أن تكون في إطار من الاعتدال، فكما أنه من المهم أن يتعلم هذا الأمر، يجب ألا تكون تعليمات قاسية أو مجحفة، وهذا سيمرنه بالطبع بعد ذلك على الالتزام بالقوانين، بالإضافة إلى قواعد المدرسة والمجتمع. إذا كان طفلك يتمرد على الأوامر العادية، فاطلبي منه طلبات بسيطة، ثم اشكريه على تنفيذها، ثم ارفعي سقفها بالتدريج.
- الالتزام بآداب الحديث: علمي طفلك أن يقول: "شكرًا"، و"من فضلك"، و"أسف"... وغيرها من كلمات الامتنان، وبالطبع أفضل طريقة لتعليمه هي التزامك أنتِ بهذه الآداب.
أجبناكِ عزيزتي في هذا المقال عن سؤال "لماذا لا يحب طفلي اللعب مع الأطفال؟"، ننصحكِ أخيرًا بتقبل اختلاف طفلك عن أقرانه وشخصيته الفريدة، وإذا شعرتِ بأن شيئًا ما ليس على ما يرام، يمكنكِ استشارة الطبيب.
تعرفي إلى مزيد من النصائح المفيدة لصغيركِ في مراحل تطوره المختلفة في قسم رعاية الصغار على موقع "سوبرماما".