مع اقتراب موسم رمضان والعيد دائمًا ما يبرز الموضوع الشائك وهو ميزانية البيت في العيد، فإنه لا يخفى على أحد أن الأسرة المصرية الآن تعاني من غلاء المعيشة وكثرة المتطلبات، ويتزامن موسم العيد في الصيف مع العديد والعديد من الالتزامات المادية التي قد تثقل كاهل الأسرة، فبالإضافة للميزانية التي يجب تخصيصها لشهر رمضان وعزوماته، ونفقاته المتعارف عليها، يعقب العيد موسم المصيف، ثم عيد الأضحى ثم دخول المدارس، وجميعها مواسم تتطلب ميزانيات خاصة، تعرفي معنا اليوم على كيفية وضع ميزانية العيد في وسط كل هذه المتطلبات المادية.
بنود ميزانية العيد
دعينا نحدد أولًا بنود الإنفاق في العيد، لنتمكن من تصور المبلغ المناسب من المال لاستيفائها
- ملابس العيد: وغالبًا ما تتضمن ملابس خروج وثياب نوم لكل فرد من أفراد الأسرة.
- كحك وحلويات العيد: وهذه أصبحت تمثل مبلغًا لا بأس به سواءً كانت مصنعة منزليًا أو جاهزة.
- العيدية: وهي من مميزات العيد، ويفرح بها الصغار والكبار على السواء.
- النزهات: وغالبًا ما تتضمن تناول وجبات طعام في الخارج، خصوصًا بعد تعب الأم في إعداد الوجبات والعزومات في شهر رمضان.
- الهدايا: وتعتبر الهدايا العائلية بند رئيسي أيضًا، نظرًا لتبادل الزيارات في موسم العيد بين الأهل والأصدقاء.
تنظيم ميزانية العيد
تحتاج الأسرة لتخصيص ميزانية للعيد، وهذا بالطبع لا يمكن توفيره من الدخل الشهري الثابت للأسرة، الذي يكون عادةً مقسمًا على الاحتياجات المنزلية المعتادة، ولذا يجب أن تعلمي عزيزتي أن ميزانية العيد يجب أن يتم إدراجها ضمن بنود النفقات السنوية، والاستعداد لها من وقتٍ مبكر مع مراعاة النقاط التالية:
- ميزانية العيد لها أولوية خاصة لدى الأسرة العربية، فالعيد هو مناسبة دينية واجتماعية في آنٍ واحد.
- العادة السائدة بين الغالبية العظمى من الناس هي أن ننفق حسب احتىاجاتنا الىومية وبطريقة عشوائية، على أمل أن يصل راتب الشهر المقبل قبل أن ينتهي راتب هذا الشهر، وهذا بالطبع لا يحدث أبدًا، ما يجعلنا نسرف دون وعي ولا شعور بما نفعل، ثم نتساءل في نهاية الشهر وأحيانًا في منتصفه: "أين تبخر الراتب؟".
- الحل هو أن نعتاد تدريجيًا على فكرة وضع ميزانية مكتوبة مسبقًا للشهر، ندّون فيها بشكل منتظم مصادر الدخل ونواحي الإنفاق، لنكون على وعي حقيقي بنمط الإنفاق الذي ننتهجه، ونضع أيدينا على الإيجابيات والسلبيات لنتمكن من معالجتها.
- يمكن لربة الأسرة المدبرة أن تدمج ملابس العيد ضمن بند الكسوة الصيفية أو الشتوية حسب توقيته.
- يمكن دمج بند هدايا ومجاملات العيد ضمن بند المصروفات المتغيرة خلال العام.
- بالنسبة لحلويات العيد، يمكنك دائمًا تحديد الكميات بما يتلاءم مع أيام العيد فقط، فقد اعتدنا على شراء كميات كبيرة من الكحك، ربما تظل الأسرة تأكل منها شهرًا كاملًا، ولا تنسي أيضًا أنك قد تتلقين بعض الهدايا من حلويات العيد.
- يمكن أن تقتصر العيدية على مبالغ رمزية، احرصي على أن تكون ورقات العملة جديدة فهذا جزء من السعادة بالعيدية.
- يمكنك اختيار أماكن للنزهات غير مكلفة، والاكتفاء بتناول بعض الساندويتشات المعدة منزليًا، فبهجة العيد ولمة الأسرة هي أساس السعادة في نزهات العيد، وليست نوعية الطعام.
ومن أجل توفير الميزانية المناسبة لاحتياجات العيد، سنستعرض معك فيما يلي كيف يمكن تدبير ميزانية المنزل خلال العام لتوفير الاحتياجات السنوية للأسرة.
المسؤول عن ميزانية الأسرة
الجميع مسؤول عن تنفيذ ميزانية الأسرة، فإن كان وضع تفاصيل الميزانية مسؤولية الأب أو الأم أو كلاهما معًا، لكن من الضروري اشتراك الأبناء في بعض التفاصيل والقواعد التي ستتبعها الأسرة لترشيد الإنفاق أو تغيير سلوكيات الإنفاق الخاطئة، ويعد ذلك ضروريًا لكي يتمكنوا من تقدير قيمة الأموال، وأيضًا هو تدريب عملي لهم لمستقبلهم.
ما معنى ميزانية الأسرة؟
- الميزانية هي شيء بسيط وغير معقد بالمرة، وهي تنقسم بشكل أساسي إلى قسمين:
- القسم الأول: قسم الدخل الشهري سواءً كان دخل الزوج فقط أو الزوج والزوجة معًا.
- القسم الثاني: هو قسم المصروفات الشهرية لكل فردٍ من أفراد الأسرة، وهي تنقسم إلى مصاريف ثابتة ومتغيرة.
والمصروفات الثابتة تشمل الكهرباء والهاتف والإيجار مثلًا، أما المصروفات المتغيرة فتشمل مصروفات المدرسة أو المصيف أو ملابس العيد.
- اجمعي المصروفات الثابتة والمتغيرة وقارنيها مع الدخل الشهري، وقرري إذا كنتِ في مأمن أم تحتاجين لتقليل الإنفاق والقيام ببعض التضحيات والموازنات.
كتابة ميزانية الأسرة والالتزام بها
- لا داعي لجعل الأمر مملاً، بل يمكنك تخيل الأمر على أنه مهارة أو تحدي تمارسينه.
- اكتبي الميزانية على ورقة ملونة، وزينيها بالألوان الفوسفورية والاستيكرز، واعتبري أنك في تدريب لكِ ولأسرتك على السلوكيات الصحيحة للإنفاق، وهو شيء مثمر لكل أفراد الأسرة على المدي البعيد.
- اكتبي الشهر وضعي هدفًا لكل شهر أو حتى لكل 6 أشهر، وليكن هدفك في شهر يوليو مثلاً هو التقليل من الإنفاق على الطعام وشراء كمية أقل من الكحك، مقابل توفير بعض المال لمستلزمات المدارس، في نهاية الشهر حددي مدي التزامك بهذا الهدف، وتقبلي فكرة أنكِ أحياناً قد تلتزمين بتحقيق الهدف بنسبة معينة، وليس بالضرورة أن تنجحي بنسبة 100% من أول مرة، لكن ثقي أن تلك الأهداف الصغيرة ستحفزك نوعاً ما على التغيير الإيجابي، فكما ذكرنا أنت تخضعين الآن للتدريب على وضع واتباع الميزانية.
- قسمي الأهداف بشكل أوضح، احضري عددًا من المظاريف واكتبي على كل مظروف هدف معين تريدين التوفير من أجله، فيمكنك تخصيص مظروف لملابس وكحك العيد، وآخر لللابتوب الذي تتمنين شراءه، وآخر لتلك اللوحة الزيتية التي تريدين وضعها على حائط الريسبشن، وكلما توفر لكِ بعض الفائض من المال أو استطعتِ توفير بعض المال، ضعيه في أحد تلك المظاريف، وستتفاجئين أنكِ قد أتممتي ادخار المبلغ الذي تحتاجينه في فترة وجيزة بلا جمعيات وبدون تنازلات كبيرة.
بنود ميزانية الأسرة
قسمي الميزانية إلى خانات:
- خانة للدخل.
- خانة للمصروفات الثابتة كفواتير الكهرباء والماء والغاز وإيجار الشقة وفاتورة التليفون والموبايلات والأقساط أو الديون والبنزين أو المواصلات والطعام.
- خانة أخرى للمصروفات المتغيرة، والتي تختلف بحسب الظروف كمصاريف العلاج والترفيه «سفر أو نزهات أو أعياد»، ومصروفات المدارس أو الحضانة والنشاط الصيفي، وبند آخر للهدايا والمجاملات للأهل والأقارب، وبند للطوارئ.
- حاولي تدوين بنود الإنفاق شهرياً لتتعرفي على نمط أسرتك، وما هي أكثر البنود التي تنفقون عليها.
- في آخر الورقة دوني ملحوظاتك، ووجهي نصائح عامة لكل فرد من أفراد الأسرة، للتقليل من الإنفاق وترتيب الأولويات لأبنائك، وماذا تعلمتِ هذا الشهر عن نمط الإنفاق في بيتك، وكيف تحسنين من التجربة في الشهر الذي يليه، ضعي بعض الحوافز لكل فرد إذا التزم بالفعل بتلك النصائح.
ما هي أهم النصائح التي تساعدك على الالتزام بميزانية الأسرة؟
- احذفي مصطلح الاستدانة أو السلف أو الاقتراض من قاموسك، فكم من تجارب سيئة رأيناها حولنا نتيجة لمسألة الاقتراض، والتي كانت سبباً في معاناة الأسرة كلها لفترة طويلة، فالأفضل أن تعيشي بمبدأ "على قد لحافك مد رجليك"!
- حاولي أن تتسوقي لاحتياجات أسرتك من الملابس في موسم التخفيضات السنوية، فستجدين الكثير من الصفقات الرابحة، فتتمكنين من شراء الماركات التي تفضلينها بسعر أقل بكثير، وبذلك تشترين عدة قطع عوضًا عن شراء قطعة واحدة باهظة الثمن في أول الموسم.
- تابعي عروض السوبر ماركت وقارني بينها واشتري دوماً خزين المطبخ من المحال التي تبيع بسعر الجملة، لكن تذكري أن العروض كثيراً ما تكون خادعة، فلا تشتري عروض الجملة أو تلك التي تعطي 3 بسعر اثنين، إلا إذا كانت تلك السلعة سريعة الاستهلاك في منزلك وستحتاجينها بالفعل خلال الشهر وليس للشهور المقبلة.
- ادخري مبكراً قبل المواسم أو قبل مواعيد أي مجاملات اجتماعية، كي لا ترهقي ميزانيتك فتؤثر على المتطلبات الأساسية لأسرتك.
- أصري على أن توفري مبلغ من ميزانية الشهر ولو جنيهات قليلة، وعلمي أطفالك طرق الادخار، فهو مفهوم ضروري لمواجهة غلاء المعيشة، ولكي يتعلم الإنسان أنه لا يشتري كل ما يشتهيه، وأن "القرش الأبيض ينفع في اليوم الأسود".
عزيزتي ربة الأسرة، إن تشجيعنا لك على الالتزام بوضع ميزانية العيد وميزانية الأسرة بشكلٍ عام، لا يعني أن تبالغي في الأمر، فالمبالغة في كل شيء تجعل من الاستمرار فيه أمرًا صعبًا جدًا، عيشي حياتك وتمتعي بها أنتِ وأسرتك، لكن بحكمة وذكاء ووسطية بلا بخل ولا إسراف.
كل ما تحتاجين معرفته عن وضع ميزانية للبيت تجدينه في هذا الرابط.