إمسك غشاش

للغش عواقب وخيمة غير أنه محرما بالطبع.  يقول خالد يوسف في كتابه "عداء الطائرة الورقية": "عندما تغش فأنت تسقط العدالة". قد يعد هذا الوصف للغش قاسيا إلى حد ما، ولكن هذا هو الوصف والمعنى الحقيقي للغش. الغش ليس فقط مضرا لكِ ولكنه شكل من أشكال السرقة.

 

بعد هذه الخلفية، ماذا إذا وجدتي إبنكِ المراهق يغش، خاصة في المدرسة؟ عندها يجب أن تسألي نفسك: ما الخطأ الذي حدث في المنزل وما الخطأ الذي حدث في المدرسة؟ كيف أساعد إبني لكي يتخطى ذلك الحدث و يتعلم من تلك التجربة؟

القيم التي تغرزينها وتبرزينها في البيت تؤثر على تصرفات أبنائك خارج المنزل. إذا وجدتي إبنك المراهق يغش فهذا ليس خطأءه منفردا. أعيدي النظر فيما تغرزيه من قيم في أبنائك فقد تجدي ما دفعهم للقيام بذلك.

عندما تركزي بشكل زائد مبالغ فيه على النجاح فهذا يعد ضغطا على إبنك. فتعطي له الإنطباع بإن النتيجة فقط هي ما تهم، عندها قد يلجأ إلى الغش بدلا من العمل الجاد و الإعتماد على النفس، لإنك لكي النتيجة في النهاية. حاولي أن تفهمي أبنائك بأن دراستهم في المدرسة ليس الهدف منها الإمتحان ولكن الهدف هو التعليم في حد ذاته.

  

التركيز على الأخلاقيات و الأمانة أمر مهم جدا، و الكثير منا يتغاضى عن هذه النقطة بشكل عفوي و غير مقصود اعتبارا بأنه أمر مكتسب. فتعتقدين أن إبنك المراهق هو أطهر إنسان على وجه الأرض، ولكن بالتأكيد بدون التوجيه السليم قد يخرج عن الطريق الصحيح. ركزي على القيم الأخلاقية وإحرصي على غرزها في أبنائك و كافئيهم عليها. يجب أن يعلموا أن تلك الأخلاق مهمة حتى إذا وجدوا في حياتهم بعد ذلك أشخاص يكافئوا على  أفعال الغير أخلاقية.

إذا كان لإبنك العديد من الأنشطة ومجالات الدراسة تأخذ الكثير من وقته ومجهوده  فهذا قد يؤدي به إلى أن يغش في واحدة لكي يحافظ على مستوى نجاحه في جميعهم. إحرصي قبل أن يشترك في أي أنشطة خارج الدراسة، انهم سيستطيعوا أن يوازنوا بين دراستهم وتلك الأنشطة. إعطي لهم المجال بحيث يمكنهم اللجوء إليكي والتحدث حول ما يقلقهم أو يضغطهم.

  

أبنائك دائما ياخذونك مثلا أعلى سواء وذلك يحدث شعوريا أو لا شعوريا، مهما كانت أعمارهم. فإذا كنتي شخصية أمينة، فسيسعى أبنائك أن يكونوا مثلك. إذا غشيتي أو أعطيتي رشوة أو دائما ما تخرقي القوانين حتى إذا إعتبرتيه خرقا هينا مثل تجاهل قوانين المرور في مصر مثلا، فسيعتبر أبنائك أن هذا فعل عادي وأن من الطبيعي أن يخرقوا القوانين ولن يعاقبهم أحد.

  

المدرسة هي الجزء الأخر من المعادلة في تكوين شخصية أبنائك وأخلاقهم. العديد من العوامل في المدرسة تؤثر على أبنائك حتى إذا كنتي تقومين بكل شيء  بشكل صحيح في المنزل.

  

بعض المدارس تسعى بجهد للمحافظة على مستوى طلابها أعلى من المدارس الأخرى. تلك الروح التنافسية الزائدة تشكل ضغطا على إبنك المراهق بحيث أنه يجب أن يظل عند حسن ظن توقعات معلميه. أو ضغط من نوع أخر مثل أن يشعر أنه دون مستوى زملائه ومنبوذ.

  

إذا يفعله جميع زملائي، فأنه شيئا صحيحا ويجب أن أفعله، هكذا يفكر المراهق. ومهما فعلتي لن تستطيعي إبعاد ضغط زملائه عليه. ذلك أمر يمر به المراهق لكي يكتشف نفسه بعيدا عن تاثير العائله. ما عليكي فعله هو ان تعلمي أبنائك الصح والخطا وتعطيهم الثقة ليقوموا بإختياراتهم ويواجهوا عواقبها، سواء إن كانت حميدة أم لا. 

من الصعب على أغلب المراهقين التفرقة بين التعاون الأكاديمي والغش. إذا لم تضع المدرسة قواعد واضحة تجاه تلك النقطة، فيجب عليكي أن تقومي أنت بذلك موضحة لأبنائك ماهو الغش و ما هو التعاون بين الزملاء.

  

المهم هنا أن تجدي عقاب مناسب. بالتنسيق مع المدرسة يمكنك التوصل لعقاب مناسب لطفلك وفعلته. وأعلمي أن حتى أفضل الطلاب قد يقعوا في فخ الغش وهذا لا يجعلهم أشخاص سيئين ولكن المهم علاج المشكلة وتجنب حدوثها مرة أخرى.

  

عندما يغش طالب في سن المراهقة المبكرة يقوم المعلم بالإتصال بأهله أو إرسال مذكرة للبيت و ترسيبه في الإمتحان. يجب تصعيد العقاب مع العمر، فيجب أن تزيد العقوبة مع إزدياد العمر. فإذا وجد المراهق يغش، فيجب على المعلم ترسيبه في الإمتحان الذي غش فيه. الرسوب في الإمتحان سيقوم بالمهمة و سيشعر الطالب بالخزي تجاه فعلته. ومع الطلبة دائمي الغش يجب التنسيق مع اولياء أمورهم للجوء إلى إستشاري للقضاء على ذلك الخلق الغير حميد.

  

على إبنك تفهم أن الغش يؤثر على فرص إلتحاقه بكلية جيدة  إذا تكررت الفعله وذكرت في سجله. وحتى إذا نجى  بفعلته في المدرسة فمن الصعب جدا أن ينجو بتلك الفعلة في الكلية لأنه سيواجه عقوبة الطرد من الكليه. إشرحي لإبنك أن الغش لن يوصله لشيء في المستقبل. والأمر الأهم، يجب أن يثبت نفسه بأمانة وإلا لن يكون فخور بنفسه، فما المتعة في الحصول على شيء لا يستحقه. إحرصي على أن يفهم إبنك ذلك.

راقبي إبنك عن كثب إذا وقعت واقعة الغش قبلا. إحرصي على أن يستعد جيدا قبل الإمتحانات. إعطي أبنائك الثقة في قدراتهم وأجعليهم يثقوا بأن ما لديهم كاف لكي يجتازوا أي موقف طالما إستعدوا له.