انتشر فيديو في الفترة الأخيرة على موقع "فيس بوك"، يحمل عنوان "هل حسيت قبل كده أنك أكتر من واحد جوا بعض؟"، وتطرق الفيديو إلى عدة موضوعات طبية ربط حدوثها بفكرة متلازمة التوأم المتلاشي وأسطورة "الكايميرا"، فما هذه المتلازمة؟ وما معنى الكايميرا؟ وما مدى صحة المعلومات التي تناولها الفيديو؟
متلازمة التوأم المتلاشي
اكتشفت هذه المتلازمة لأول مرة عام 1945، وهي اختفاء جنين أو أكثر في حالة الحمل بتوائم، ويحدث للجنين إجهاض تلقائي، ويُمتص تمامًا بواسطة الجنين الآخر أو الأم أو المشيمة، وتصل هذه الحالة إلى نسبة 21-30% من حالات الحمل بتوائم.
الكايميرا:
في الأساطير اليونانية، الكايميرا هي مخلوق خرافي ينفث النار، ويتكون من جسم أسد يخرج من ظهره رأس ماعز، وينتهي ذيله برأس ثعبان.
وفي الطب، يطلق لفظ "كايميرا" على إنسان يحمل في جسمه نوعين مختلفين جينيًا من الخلايا.
أول اكتشاف لحالات الكايميرا في البشر كان في عام 1954، عندما تبرعت إحدى السيدات بالدم، وعند التحليل الروتيني للدم، اكتشف الأطباء وجود فصيلتين مختلفتين تمامًا لدى السيدة، ما أربكهم كثيرًا وسبب لهم نوعًا من الصدمة.
اقرئي أيضًا: لماذا تشعرين بإحساس السقوط في بداية النوم؟
تعددت النظريات في تفسير الكايميرا المرتبطة بفصيلة الدم، مثل:
1. اختلاط بين دم التوأم، إذ يتصل التوأم بالأم عن طريق مشيمة واحدة.
2. وجود توأم أحدهما لم يستكمل حمله، واختلاط دمه مع دم أخيه عن طريق المشيمة.
ما يرجح هذه النظريات وجود نسبة من الكايميرا بين التوائم غير المتماثلة تصل إلى 8%، وكذلك وجود الكايميرا بين التوائم المولودين عن طريق التلقيح الصناعي.
اقرئي أيضًا: لن تتخيلي.. أشياء تستعملينها يوميًا تضر بصحتك
3. وصول بعض من خلايا دم الأم إلى جسم الطفل عن طريق المشيمة، وهو ما يطلق عليه "مايكروكايميرا".
"المايكروكايميرا" تحدث أحيانًا بعد حصول المريض على دم من خلال عملية نقل الدم.
تحدث الفيديو أيضًا عن قضية الأمريكية ليديا فيرتشايلد، وهي سيدة احتاجت لإثبات أمومتها لطفليها اللذين أنجبتهما، فكل عينات الخلايا التي درس الأطباء تركيبها الجيني كانت مختلفة تمامًا عن خلايا طفليها، وحتى الطفل الثالث، الذي ولد في أثناء نظر القضية كذلك -الذي كان ميلاده دافعًا لإجراء مزيد من البحث- وأخيرًا تطابقت خلايا مأخوذة من الغدة الدرقية للأم مع أطفالها، ما جعل الأطباء يطلقون عليها أنها "توأم نفسها".
وهذا اختلاف في تحليل الأنسجة، وليس في تحليل DNA، وهكذا تكررت قصة ليديا مرة أخرى، مع سيدة أمريكية احتاجت لزرع كلى، ولم تتوافق أي من عينات الدم الخاصة بأبنائها الثلاثة معها، وتم تفسير ذلك أيضًا بوجود أخ للسيدة في أول فترة حمل أمها بها، ولم يكتمل الحمل فيه، لكن تم تبادل بعض خلايا الدم بينها وبين أخيها في مرحلة مبكرة من الحمل.
تناول الفيديو أيضًا تأثير الكايميرا في الأمراض المناعية، التي قد تصيب جسم الإنسان، والنظرية أنه مع وجود نوعين من الخلايا المختلفة في الجسم نفسه، يمكن أن يهاجم أحد نوعي الخلايا الآخر مسببًا عدة أمراض مناعية، مثل الذئبة الحمراء، وهي نظريات مقبولة طبيًا.
الكايميرا على أرض الواقع:
حاولنا في "سوبرماما" التواصل مع عدد من الأطباء لمعرفة مدى انتشار حالات الكايميرا على أرض الواقع، فمن مصلحة الطب الشرعي، أكدت إحدى كبار الأطباء الشرعيين أنه لم يحدث أن واجهوا أي من حالات الكايميرا منذ بدء استخدام الفحوصات الجينية (DNA) في القضايا الجنائية.
كذلك أكد لنا أستاذ أمراض الباطنة والكلى، على عدم حدوث حالات رفض زرع الكلى، بسبب الكايميرا مطلقًا، أما بالنسبة لأمراض المناعة، قال أحد كبار الأطباء إن احتمال الكايميرا كسبب لحدوث الأمراض المناعية لا يُجرى البحث وراءه كثيرًا، لأنه لا يؤثر في بروتوكولات العلاج المتبعة.
اقرئي أيضًا: لماذا يحدث تنميل اليدين والقدمين؟
الخلاصة:
الكايميرا حالات موجودة بين البشر، والفيديو تناول رواية عدد من القصص الواقعية وشرح عدة افتراضات حقيقية عن هذه الحالات، لكن التعبير عن بعض المصطلحات الطبية لم يكن موفقًا في أحيان كثيرة، فلا يوجد أخ يأكل أخاه في أثناء الحمل، وإنما يحدث اختلاط في الخلايا عن طريق المشيمة، والأخ الذي لا يكتمل حمله يختفي تمامًا في رحم الأم.
وأخيرًا، الكايميرا حالات حقيقية، لكن وجودها نادر وتأثيرها في الممارسة الطبية على تحليل الأنسجة وليس DNA، وليس لها تأثير يُذكر إلا في بعض الحالات النادرة التي سبق ذكرها.
وهذا رابط الفيديو على "فيس بوك".